بيروت - عمر حبنجر
الاجماع العربي حول صيغة اعلان القاهرة لحل ازمة الاستحقاق الرئاسي اللبناني فرصة جديدة لم تكن منتظرة بهذه السرعة من الظلم اضاعتها على اللبنانيين الذين كتب عليهم التخبط في مستنقع الاوحال الاقليمية منذ نشأة اسرائيل.
وايا كانت دوافع «الظالمين»، فإن هؤلاء اللبنانيين لا يستحقون الخيبة التي تنتظرهم في حال عدنا بالحل العربي الى التفاصيل الشيطانية، واقل المطلوب في هذا الوقت المحشور ان يصبح للجمهورية رئيس وللدولة رأس، وبعدها يحل ما تبقى من تعقيدات الف حلال.
والخيبة المخشي منها ستطاول مرارتها دول الاجماع العربي برمتها، ومن هنا موجة التفاؤل التي اجتاحت اللبنانيين مع صدور «اعلان القاهرة» مساء السبت، فكلمة الدول العربية كبيرها وصغيرها في الميزان.
وبانتظار وصول الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في الساعات القليلة المقبلة لمتابعة القرار وشرح تفاصيله، فإن بعض اوساط الاكثرية لا ترى مبررا لمثل هذه المخاوف.
ويعتقد الوزير ميشال فرعون ان جوهر المشكلة ان مفتاح الحل ليس بيد المعارضة التي مازالت تتريث في اعلان موقف صريح وواضح من مشروع الحل العربي وحتى البيان الايجابي الصادر عن الرئيس نبيه بري بوصفه رئيسا لمجلس النواب لا يراه - فرعون قاطعا - في ضوء السابق من التجارب.
وثمة دليل يسوقه بعض الموالين الذين تريثوا في التصفيق للحل العربي تخوفا من الخيبة يتمثل في حديث بعض اركان التيار الوطني الحر الذين اطلقوا اشارات غير مشجعة كالقول ان المشكلة في المشاركة لا في عدد المقاعد الوزارية.
الرصاصة الأخيرة
مصدر اكثري قال ان حزب الله سيمشي بالحل العربي بمعزل عن التريث الذي اعتمده في ابداء الرأي بهذا الحل، والا لما كان رئيس المجلس نبيه بري استبق كل المعارضة ببيانه الداعم لهذا الحل، لكن تبقى المشكلة الحقيقية عند العماد ميشال عون الذي وصفه رئيس حكومة سابق بـ «آخر رصاصة» في مسدس المعارضة للحل العربي المطروح، والرصاصة الاخيرة في لعبة «الروليت» الروسية، اما تقتل واما تحيي.
ولخص المسؤول الحكومي السابق مهمة وزراء الخارجية العرب الذين اجتمعوا في القاهرة بنقطتين: النقطة الاولى للتفاهم على كيفية التعاطي مع زيارة الرئيس الاميركي جورج بوش الى المنطقة والاتفاق على موقف مشترك، جزء منه للاعلان والجزء الآخر مكتوم، اما النقطة الثانية فتتناول انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية لتمثيل لبنان في قمة دمشق، لأنه من غير الجائز عقد قمة عربية بغياب رئيس للبنان.
ثلاثة أمور
مصدر قيادي في قوى 14 مارس قال في تصريح له وزع في بيروت قبل ظهر امس: مجموعة من التفسيرات التي تستبق وصول الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الى بيروت تحاول ان تعطي الاعلان الصادر عن اجتماع القاهرة مفهوما غير دقيق وتطرح معادلات حكومية جديدة غير موجودة في صلب القرار، ان اي قراءة بسيطة لهذا القرار تؤكد بما لا يدع اي مجال للابهام والشك على ثلاثة امور:
اولا: انتخاب العماد ميشال سليمان فورا وفق الاصول الدستورية، وهذا امر لا يخضع لأي تفسير.
ثانيا: الدعوة الى اتفاق فوري على تشكيل حكومة وحدة وطنية تجري المشاورات لتلافيها طبقا للاصول الدستورية على الا يتيح التشكيل ترجيح قرار او اسقاطه بواسطة اي طرف، ويكون لرئيس الجمهورية كفة الترجيح، هذا هو نص القرار، وهذا يعني بشكل صريح ان كلمة الترجيح تتعلق بحصة الاكثرية التي لن يكون لها في التشكيلة الحكومية الثلثان، اي اقل من عشرين وزيرا في حال كانت الحكومة ثلاثينية، وان كلمة «الاسقاط» تتعلق بحصة الاقلية التي لن يكون لها حق الحصول على الثلث المعطل، اي اقل من 11 وزيرا اذا كانت الحكومة ثلاثينية.
ثالثا: يبدأ العمل على صياغة قانون جديد للانتخابات فور انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة، وهو امر مطروح للجدل في ظل توافق اكثرية الاطراف على هوية القانون المتوقع.
سعيد: القرار العربي متوازن
النائب السابق فارس سعيد قال من جهته ان قرار مجلس وزراء الخارجية العرب اتى بشكل متوازن، بحيث ارتكز على عدم اعطاء الاكثرية، وهي اكثرية مطلقة، حق التحكم بمجلس الوزراء حتى لو كانت تحظى بثلثي اصوات مجلس الوزراء وعدم اعطاء المعارضة حق التعطيل. ولاحظ سعيد ان اهمية هذا الاجتماع انه تبنى اسميا ترشيح العماد ميشال سليمان من قبل العائلة العربية الكبرى، وطالب بانتخاب فوري لرئيس الجمهورية، وبالتالي وضع حد لهذا الفراغ.
واشار سعيد الى «اطراف لبنانية» متضررة من هذا القرار العربي، لأنها مرشحة لرئاسة الجمهورية، وقد سمعنا كلاما صادرا عن التيار الوطني الحر ان له مرشحه هو الآخر، وبالتالي فإن هذا الترشيح يتضارب مع ترشيح العماد ميشال سليمان ومع رغبة جميع اللبنانيين والعرب بترشيح سليمان. وحول تكريس الثلث في مجلس الوزراء لرئيس الجمهورية واثره على تعزيز موقع المسيحيين، قال: اعتقد ان العماد سليمان لا يحتاج الى فحوصات دم يوميا حول مارونيته، يجب ان نعزز موقفه او لا نعزز. ان العماد سليمان ومطلق رئيس جمهورية اذا حكم بشكل عادل بموجب اتفاق الطائف واذا لعب دور «بيضة القبان» في الشأن الداخلي هو الذي يضمن الوجود المسيحي في لبنان، فالمسيحيون ليسوا اهل ذمة بحاجة الى ثلث او ثلثين حتى يستطيعوا العيش في البلد، ان مهمة المسيحيين تعزيز الدولة اللبنانية وليس تعزيز صلاحياتهم.
سليم عون: مطلوب تفسيرات
لكن النائب سليم عون (عضو كتلة التغيير والاصلاح) اعتبر ان النقاط الثلاث في اعلان الوزراء العرب حول لبنان تحتاج الى تفسير، لاسيما ان الاطراف التي تتدخل اليوم لحل الازمة هي نفسها تدخلت في السابق، وكانت ضماناتها مجرد حبر على ورق.
الصفحة في ملف ( pdf )