بيروت - عمر حبنجر
واصل الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى جولاته على المسؤولين اللبنانيين ساعيا لتوافقهم على آلية تنفيذ اعلان القاهرة العربي حول لبنان ومطلقا تصريحات تتسم بالمرونة وقلة التفاؤل، بدليل دعوته مفتي لبنان للدعاء من اجل الحل والبطريرك الماروني للصلاة من اجله.
لكن موسى اصر ازاء معضلة تشكيل الحكومة التي لا يرى اوانها قبل انتخاب رئيس الجمهورية على ان الكفة المرجحة يجب ان تكون لرئيس الجمهورية، مؤكدا - حسب المتصلين به - انه لن يقبل بوضع العربة امام الحصان، مشددا على ان قرار الجامعة العربية يقوم على فورية انتخاب الرئيس فتشكيل الحكومة وان الرئيس الجديد سيرعى مسيرة لبنان الجديدة. وشملت جولة موسى امس المفتي الشيخ د.محمد رشيد قباني ثم البطريرك الماروني نصرالله صفير فالعماد عون في الرابية والرئيس امين الجميل في الصيفي ثم التقى رئيس المجلس نبيه بري مطولا للمرة الثانية بعد الظهر في «جلسة جوجلة للمعطيات»، ومساء التقى نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبدالامير قبلان.
وكان موسى التقى ليل الاربعاء الخميس الرئيس فؤاد السنيورة والنائب سعد الحريري وقائد الجيش العماد ميشال سليمان في مكتبه بوزارة الدفاع، حيث عرض عليه الخطة العربية التي اقرها الاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب حول الاستحقاق الرئاسي في لبنان.
عقدة العقد
عقدة العقد مازالت في تفسير البند الثاني وترجمة الشق المتعلق بالتوزيعة الحكومية، وفي حين رأى موسى ان المبادرة لا تحتاج الى قاموس او تفسير، توزعت مواقف الاطراف اللبنانية من الموضوع الحكومي بين مطالب بالمثالثة في مجلس الوزراء وبن مطالب باعتماد النسبة التمثيلية في مجلس النواب داخل الحكومة.
وزير الشباب والرياضة احمد فتفت اعتبر ان طرح موضوع الارقام في مجلس الوزراء يراد به اضاعة المبادرة العربية في المتاهات، وان حديث الارقام لم يقم في اجتماعات القاهرة، انما كان هناك حديث عن غلبة وعدم تفرد بالقرار او التعطيل.
وقال: يجب الا ندخل الآن في التفاصيل والارقام، فموسى يحاول تنفيذ المبادرة بكل بنودها، وان الموضوع ليس فقط اعداد واسماء، انما هناك انتخاب رئيس الجمهورية اولا. وتساءل فتفت حول ما اذا كانت التوترات الاخيرة في الجنوب مقدمة لعرقلة معينة، واضاف: السؤال هل سيتعاون الجميع مع المبادرة العربية بوضوح؟
وتبنى فتفت كلام عمرو موسى في القاهرة، حيث قال: لم نتحدث عن المساواة في المقاعد الوزارية او عن صيغة 10 + 10 + 10.
واعرب عن خشيته من وجود رغبة في ايهام اللبنانيين بأن المشكلة تكمن في وزير زائد او وزير ناقص، وقال: هذه المعركة الاعلامية حول مجلس الوزراء تهدف الى كسب الوقت وكسب مواقف سياسية في اماكن اخرى خارج لبنان. ولاحظ فتفت ان موسى سمع امس الاول كلاما عاما، ونحن بانتظار جولته على القيادات.
جعجع: انتخاب الرئيس أولاً
رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع قال ان البند الثاني من المبادرة العربية يدعو الى «الاتفاق الفوري على تشكيل حكومة وحدة وطنية تجري المشاورات لتأليفها طبقا للاصول الدستورية»، ولو كان القصد الاتفاق على تشكيل الحكومة الآن لما وضع هذا البند، اذ كيف يمكن ان تجري المشاورات طبقا للاصول الدستورية، وليس هناك رئيس جمهورية، فمن سيجري المشاورات الآن طبقا للمفاعيل الدستورية مادام ليس هناك رئيس جمهورية.
ووصف المطالبة بالاتفاق على الحكومة قبل انتخاب الرئيس بالحجج الساقطة.
لبنان في وضع الساعة 11
من جهته، اعتبر موسى ان لبنان هو في وضع الساعة الحادية عشرة، وهناك اتفاق على خطورة استمرار الوضع على ما هو عليه وعلى الاهتمام بالمبادرة العربية ودعمها وتأييدها.
واكد، بعد لقائه المــفتي قباني، على اهمية دور المرجــعيات الروحــية في الازمة اللبنــانية الراهنة، واشار الى ان هناك صعوبات تكمن في كل الاركان، لافتا الى وجود صعوبة في كل ركن صغير، وان المحاولة تجري حاليا لازالة تلك الصعوبات.
ورأى ان هناك اوجه تشابه كبيرة في وجهات النظر حول المبادرة العربية فيما بين الزعماء اللبنانيين من المعارضة والموالاة، ولم ينكر وجود بعض اوجه الاختلاف التي يمكن التعامل معها، رافضا كلمة «الثلث المعطل» في حكومة الوحدة الوطنية، معتبرا اياها كلمة سلبية لا يمكن فهمها او التعايش معها، وقال: هل يوجد في الدنيا من يقبل الشروط التعطيلية خاصة في لبنان المعطل اصلا؟
وحول تفسير المبادرة العربية، قال: ليــس لدي قاموس تفسيري، فالمبادرة واضحة، ومن أراد ان يفهمها فليفهمها، ولا يمكن لاحد ان يفسر «على ذوقه»، فهناك المصلحة اللبنانية وهناك الموقف العربي، وان المصلحة اللبنانية ليست مجالا للدردشة، لأن لبنان في وضع الساعة الحادية عشرة دون ان يوضح قصده، بينما اعرب المفتي عن شكره العميق للملوك والرؤساء العرب. وبعد لقائه البطريرك صفير في بكركي، قال موسى: الموقف لا يحتاج الى معجزة، بل الى تفهم اللبنانيين لمصالح بلدهم. واضاف: تمنيت على غبطته ان يصلي لنا، كما سبق ان املت من سماحة المفتي ان يدعو لنا بالنجاح، خصوصا ان الحل قائم بعد التوافق على اسم الرئيس، وبات من غير الطبيعي ان يتم التوافق على اسم الرئيس ويبقى هناك اخذ ورد على كيفية انتخابه.
وقال: العالم لا يفهم والعالم العربي لا يفهم، ولا يقدر احد هذا الوضع، لماذا يترك موقع الرئيس فارغا، القرار العربي يقوم على فورية انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة طبقا للدستور، واذا كان هناك من شرط فبألا يكون هناك استئثار، الرئيس الجديد يرعى انطلاقة لبنان الجديد، مع مراعاة مصالح الجميع بما فيها علاقات الجوار التي يتعين ان تقوم على اساس الواقعية والمصلحة المشتركة، وانا لست يائسا على العكس انا ارى الفرصة سانحة لانجاز الحل.
الرابية: نقاط مازالت عالقة
وبعد لقائه العماد عون في الرابية على مدى 40 دقيقة، وصف موسى اللقاء بالايجابي، مشيرا الى ان وجهات النظر التقت في كثير من النقاط بما يتعلق بالمبادرة العربية بينه وبين عون، الا انه تحدث عن نقاط لازالت عالقة وان التواصل سيستمر.
وردا على سؤال، قال موسى: لم نتطرق الى الارقام في تشكيل الحكومة، ونحن عندما نتكلم عن لبنان نجد ان المشكلة هي مشكلة لبنان نفسه.
ودعا موسى الجميع الى عدم الاختباء وراء الارقام، وقال ان هواجس الطرف المسيحي اخذت في عين اعتبار المبادرة العربية لجهة دعم ترشيح العماد سليمان وانتخابه رئيسا ووضع سلطة الترجيح في يده، ولجهة اقرار قانون انتخاب جديد، وهو من المطالب الاساسية للطرف المسيحي. وقال عن موقف العماد عون ان الجميع يسير باتجاه التوافق، وان الضمانات تخلق نفسها، ودعا موسى المسؤولين اللبنانيين الى الارتفاع لمستوى المسؤولية بانتخاب سليمان.
الجميل يقترح حكومة انتقالية
الرئيس الجميل اقترح على عمرو موسى بعد انتخاب الرئيس سليمان ان يشكل الاخير حكومة حيادية انتقالية على غرار الحكومة الاولى في عهد الرئيس الياس سركيس التي رأسها الرئيس الحص وتشكلت من خبراء ورجال تقنيين بعيدين عن السياسة (حكومة تكنوقراط).
واشاد الجميل بتجربة سركيس، ودعا الى اعتمادها في حال استمرت الشروط التعجيزية ولعبة الارقام التي وصفها بالمدمرة.
الصفحة في ملف ( pdf )