بيروت - عمر حبنجر
مع مغادرة الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى بيروت، غادر ملف الازمة اللبنانية الى الخارج الى الرحاب الاقليمية والدولية، خصوصا في المحادثات التي اجراها الرئيس الاميركي جورج بوش في الخليج ومثله الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في السعودية، في وقت اعلنت فيه دمشق استعجالها عودة موسى الى بيروت لمواصلة المساعي دون اشارة الى وجود الرئيسين بوش وساركوزي في المنطقة.
وبادر موسى الى التجاوب عبر تصريحات متعددة لفت فيها الى انه قد يقوم بأكثر من زيارة الى بيروت، ورغم عنصر الاهتمام الذي يعكسه هذا القول فإنه يبعث على الاعتقاد ان المسألة جبل يطول.
الى ذلك، تجدد الحديث عن تدويل الازمة الرئاسية في لبنان، واشارت «النهار» الى اتجاه كهذا على غرار ما جرى عام 2004 عشية الاستحقاق الرئاسي حين تقرر التمديد للرئيس اميل لحود حينها، وهو ما ادى الى صدور القرار 1559.
وقد اضاءت وسائل اعلام حزب الله على هذه النقطة استنادا الى الاهتمام الدولي المتزايد بالازمة اللبنانية، في حين اعتبرت مصادر الاكثرية ان كل الامور جائزة مع تعنت المعارضة في الاستجابة لاولويات المبادرة العربية المتمثلة بانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان لرئاسة الجمهورية واصرارها على التفاصيل والضمانات السياسية غير الواردة في تلك المبادرة.
وفي هذا، لا يبدو ان بالامكان الوصول الى وضع لبناني اكثر استقرارا مادام انه ليس لدى الاطراف اللبنانية الرغبة او الامكانية لرؤية الاشياء بعيون بعضهم بعضا، لذلك نجدهم يقرأون الامور بصورة متعاكسة، فهناك من يقول ان المشكلة مشكلة شراكة، وهناك من يصر على انها مشكلة رئاسة، رابطا العناوين الاخرى بالتبعية للمعطيات الاقليمية.
موسى مطمئن والبطريرك قلق
هذا الوضع يولد القلق من الاحتمالات التصعيدية، ولو على صعيد المشاغبات الشارعية في ضوء الشحن الاعلامي البالغ مرتبة الفجور والمتفلت من كل قيد، لكن الامين العام للجامعة عمرو موسى طمأن اللبنانيين عبر تصريح لـ «الاهرام» بأنه يستبعد اي تصعيد من هذا، وان اي خارج عن هذا الاعتقاد سيتحمل مسؤوليته.
البطريرك الماروني نصرالله صفير كان له رأي آخر، فقد حذر امس من تجدد الحرب في لبنان، قالها هكذا بصراحة في عظته الاسبوعية من بكركي، واضاف: ان البعض يغرقون بأقوال كثيرة فيها من المعنيات التي قد تجر الى ما لا تحمد عقباه، وقديما قيل: الحرب اولها كلام.
تحذير من الغير
لكن البطريرك صفير وفي لقاءاته امس قال لزواره: ان على اللبنانيين ان يسعوا اولا واخيرا الى خير بلدهم، دون ان ينظروا الى الناس الذين ربما قد يساعدونهم، لأنهم في غالب الاحيان يساعدوننا على حسابنا وليس على حسابهم، لأنهم يسعون الى مآربهم الخاصة قبل ان يسعوا الى ما نصبو اليه.
واضاف: علينا نحن ان نصبو الى وضعنا وان نسعى الى تحسينه، لكن ما دمنا مرتبطين بغيرنا دونما نظر الى قضايانا الشخصية فلا يمكننا ان نأمل بالتحسن.
إذاعة «النور»: لا تقدم
بدورها، قالت اذاعة «النور» الناطقة بلسان حزب الله امس ان موسى لم يتمكن من تحقيق اي تقدم على خط الازمة السياسية، ولم تنفع الخطة العربية التي حملها معه في ايقاف آلة التعطيل الاميركية والمترجمة في رفض الموالاة للشراكة الوطنية، لكن موسى غادر دون ان يكشف عن وجوه التعطيل الحقيقية، تاركا الامور في دائرة التعميم.
مشكلة مشاركة
وقال محمد يزبك، وكيل الامام الخامنئي في مجلس عاشورائي في الضاحية امس، ان رهان البعض على زيارة الرئيس الاميركي الى المنطقة رهان على سراب، وكذلك الرهان على متغيرات اقليمية ودولية، ودعا الموالاة الى اعتماد مبدأ المشاركة، وقال: المسألة ليست انتخاب رئيس الجمهورية بل مسألة الشراكة في الوطن، وبكل صراحة نريد الشراكة الفعلية.
من جهته، قال مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله نواف الموسوي في كلمة له في مجمع الامام المهدي في الغازية (صيدا) ان المعارضة تخوض اليوم معركة الدفاع عن لبنان دفاعا عن التعددية بوجه الهيمنة الفئوية التي من شأنها انهاء لبنان وازالته وتحويله الى حديقة خلفية لاسرائيل.
الحريري: لم أرفض لقاء عون
في غضون ذلك، اعتبر عضو قيادة التيار الوطني الحر آلان عون في تصريح له امس ان فريق الموالاة لا يملك الارادة الحسنة لحل الازمة القائمة، وقد تخوف من افشال فريق الموالاة اي مساع جديدة، مؤكدا ان المشكلة هي بين اللبنانيين، فعندما يرفض فريق اللقاء مع الآخر هل يمكن ان يتفق معه؟
وفي رد غير مباشر، قال النائب سعد الحريري: لم نرفض، وبرأينا ان هناك مبادرة عربية واضحة وصريحة لا تحتمل التأويل، وليس فيها اي لبس، وكل من يجيد القراءة يفهم معناها، لذلك فإننا نتمنى على المعارضة بصدق ان نعمل معا لانتخاب رئيس للجمهورية، فلبنان بلدنا وبلدهم ويهمنا سد الفراغ، في موقع الرئاسة، لذلك اذا كانوا مقتنعين وهم كذلك لجهة انهاء حال الفراغ فيجب ان نسير في عملية الانتخاب. واضاف، في مقابلة مع تلفزيون «الكويت» امس، انه لا يوجد اي لبس في المبادرة ولا فيها اي تعدد في المعاني، هناك محاولات من بعض الاطراف لتفسيرها كما يريد، لكن البيان برأيي كان صريحا وواضحا جدا وقد اتى الامين العام الى لبنان وشرح المبادرة كما هي، المسألة ليست مسألة رفض او موافقة، المهم اليوم هو انتخاب رئيس للجمهورية، وهذا ما يهم اللبنانيين بشكل اساسي، اما وضع شروط وضوابط او اي شيء آخر على انتخاب رئيس للجمهورية، فهو امر ليس في مصلحة لبنان واللبنانيين ولا في مصلحة المركز الماروني الاول اي رئاسة الجمهورية.
وقال: لقد التقيت العماد عون في باريس وفي الرابية في منزل نائب رئيس المجلس فريد مكاري، وهذا الامر لم يسفر عن اي نتائج، نحن لسنا منغلقين على انفسنا، ونحن لبنانيون مسؤولون عن بلدنا، لا يوجد اقفال للابواب بمعنى انني لا اريد ان التقي العماد عون لأن لدي موقفا شخصيا منه، هناك مبادرة عربية يجب ان تنفذ.
وعن موقف «المستقبل» من طرح الرئيس امين الجميل تشكيل حكومة حيادية، قال د.غطاس خوري ان هذه الفكرة جاءت عرضا وان الرئيس امين الجميل لم يصر عليها. والنائب احمد فتوح من كتلة المستقبل نبه في تصريح له امس بأن سلبية المعارضة تجاه المبادرة العربية يمكن ان تؤدي بالبلاد الى منزلقات خطيرة جدا قد لا يعرف لها قرار.
وامام وفود تمثل اندية اجتماعية، دعا فتوح الى عدم تضييع فرصة الاحتضان العربي للقضية اللبنانية والى عدم اللعب بمصير لبنان واستقلاله خدمة للمشروع الاقليمي.
ورأى ان المحكمة الدولية لمحاكمة المتورطين باغتيال الرئيس رفيق الحريري هي سبب العرقلة.
الصفحة في ملف ( pdf )