أفاد استطلاع للرأي اجرته شبكة التلفزيون الاميركية «سي.بي.اس نيوز» وصحيفة «نيويورك تايمز» ونشرت نتائجه امس الاول، بأن عضوي مجلس الشيوخ الجمهوري جون ماكين والديموقراطية هيلاري كلينتون يحتلان الطليعة بين متنافسي الحزبين على الترشيح للانتخابات الرئاسية.
وفي الحزب الجمهوري، يتقدم ماكين على الحاكم السابق لولاية اركنسو مايك هاكابي بحصوله على 33% من الاصوات مقابل 18%، اما عمدة نيويورك السابق رودولف جولياني فلا تتجاوز نسبة مؤيديه 12% من الناخبين.
ويمكن ان تكون هذه النتائج مؤقتة، اذ ان 72% من الاشخاص الذين شملهم الاستطلاع قالوا انهم يمكن ان يغيروا آراءهم.
اما في الحزب الديموقراطي، فتأتي كلينتون في الطليعة بحصولها على 42% من الاصوات مقابل 27% لخصمها باراك اوباما. ويأتي في المرتبة الثالثة جون ادواردز بحصوله على 11% من الاصوات.
وهنا ايضا قد تتغير هذه النتائج، لأن 39% من مؤيدي ممثلة نيويورك في مجلس الشيوخ قالوا انهم يمكن ان يعيدوا النظر في موقفهم. وكذلك الامر بالنسبة لـ 43% من مؤيدي اوباما.
ويرى 79% من الناخبين الديموقراطيين ان هيلاري كلينتون مستعدة لتولي الرئاسة، بينما يعتبر 40% فقط ان اوباما السيناتور عن ولاية ايلينوي مؤهل للرئاسة الاميركية.
واجري الاستطلاع بين 9 و12 الجاري.
هيلاري تتعهد
في غضون ذلك، اكدت السيناتور هيلاري كلينتون انها في حال فوزها ستعمد فورا الى تنفيذ خطة لسحب القوات الاميركية من العراق.
ونقل راديو «سوا» الاميركي مساء امس الاول عن كلينتون قولها - في حديث تليفزيوني - انها ستقوم بسحب فرقتين عسكريتين شهريا من العراق، مضيفة انها ستمارس ضغوطا كبيرة على حكومة بغداد.
وتابعت «سأمارس ضغوطا كبيرة على الحكومة العراقية، وسأطبق خطة ديبلوماسية متكاملة تشترك فيها دول الجوار او اي قوى اخرى لديها مصلحة في استقرار العراق لتنفيذ مشروع المصالحة الوطنية».
واشارت الســيناتور كليــنتون الى ان السبب الذي دفع المسؤولين العراقيين الى التعجيل بسن القوانين الخاصة بالمصالحة الوطنية في الآونة الاخيرة هو ادراكهم ان الامور ستتغير في حال فوز الحزب الديموقراطي في الانتخابات المقبلة، على حد قولها. واضافت «انهم يشاهدوننا ويستمعون الينا، وانا اعلم انهم يتابعون كل كلمة اتفوه بها، والتزامي ببدء سحب قواتنا اعتبارا من شهر يناير 2009 عامل مهم في دفعهم للقيام بهذه التحركات السياسية التي كان عليهم القيام بها منذ وقت طويل».
نيران العنصرية
في هذه الاثناء يبدو ان السباق بين الخصمين الديموقراطيين الرئيسيين قد بدأ يأخذ منحى خطيرا قد ينذر باذكاء نيران العنصرية التي كاد يغمرها تراب الزمن، وقد انطلقت شرارة نيران العنصرية بعد ان اشار الرئيس السابق بيل كلينتون في احدى خطبه المروجة لزوجته السيناتور هيلاري كلينتون عشية انتخابات نيو هامبشير الاسبوع الماضي الى ان قصة السيناتور الاسود باراك اوباما هي «ضرب من الخيال»، الامر الذي رأى فيه انصار اوباما انه اشارة على ما يبدو الى حلمه في ان يكون اول رئيس اسود يتولى الزعامة بالولايات المتحدة، وحاولت هيلاري السيطرة على توابع هذا التعليق وذهبت الى حد اتهام اوباما باثارة نعرة العنصرية. وحاولت بعد وصولها الى ساوث كارولينا التي ستكون رابعة محطة من الانتخابات التمهيدية للديموقراطيين في 26 الجاري، التخفيف من وقع كلماتها وتصريحات زوجها بمغازلة السود، حيث وصفت هذه اللحظات التي تشهد خوض اول اسود واول امرأة سباق الترشح لانتخابات الرئاسة الاميركية بأنها لحظة تاريخية. كما وصفت الزعيم الزنجي كينغ بأنه من اكثر الشخصيات التي حازت اعجابها في العالم، لكنها استدركت بالقول ان سجله يقف على النقيض من سجل اوباما.
وقالت ان كينغ لم يلق الخطب فقط بل كان يقود المسيرات، وينظم الاحتجاجات ويتعرض لقنابل الغاز والضرب والسجن، بل انه كان يروج للرئيس جونسون بعد ان ادرك الحاجة لانتخاب رئيس يستطيع ان يحول الحقوق المدنية الى قانون.
من جانبه، وصف اوباما تصريحات هيلاري بأنها تبعث على الاسف وان ادعاءها انه يثير النزعة العنصرية امر مثير للسخرية.
أصوات السود
ومع الزخم الذي تكتسبه حملة اوباما، يخشى آل كلينتون ان يكون قد اصبح في حكم المسلمات ان يمنح السود اصواتهم له بالاضافة الى ميل العديد من البيض له مثلما حدث في كل من ايوا ونيو هامبشير اللتين لاتتجاوز نسبة الناخبين السود فيهما 2%، وربما يلجأ آل كلينتون الى العزف بحذر على وتر العنصرية بدرجة ما حتى يستثيروا ڤيروس العنصرية الخامل داخل العديد من البيض الذين يمثلون اغلبية الناخبين في الولايات المتحدة، وذلك كملجأ اخير لابطال تعويذة اوباما التي سحر بها الكثيرون في البلاد. وربما يكون نجاح اوباما الكبير في ايوا والنسبي في نيو هامبشير مؤشرا على نمو العقلية الاميركية وارتفاعها فوق هواجس «اللون» او العرق، الا ان لعبة السياسة لا تجد غضاضة في اشعال نار يبدو انها خمدت اذا كان ذلك يصب في مصلحتها.
وعلى الرغم من ان اوباما لديه القدرة على تجاوز هذه المحاولات من قبل الخصوم، فان اكثر مايمكن ان يؤلمه هو ان تأتيه الطعنة من بني لونه، وخاصة الحرس القديم من رموز الدفاع عن الحقوق المدنية للسود الذين لم يجد منهم الدعم الكافي حتى الآن ويقابل المستنيرون منهم مايحققه من نجاح بفتور اما نابع عن غيرة او عن خوف من اندثار كفاحهم وحركتهم مع وصول اسود لقمة السلطة في البلاد بما ينفي اي سبب لوجودهم كرموز لامعة في سماء السياسة الاميركية.
الصفحة في ملف ( pdf )