ديفيد اسبورن
كنا نعرف ان الاوضاع سيئة في وول ستريت الا انها قد تكون اكثر سوءا في بقية الشوارع الاميركية.
فقد اظهرت ارقام رسمية مذهلة نشرت حديثا انه مع شبح الركود الاقتصادي الذي يخيم على الولايات المتحدة سيجد عدد قياسي من الاميركيين انفسهم قريبا وهم يعتمدون على بطاقات الغذاء لاطعام انفسهم وعائلاتهم.
الإعانة
وأشارت توقعات كئيبة لمكتب الموازنة في الكونغرس الى انه في السنة المالية التي تبدأ في اكتوبر سيستخدم 28 مليون شخص في الولايات المتحدة بطاقات الغذاء الحكومية لشراء المواد الغذائية الاساسية، ويشكل هذا اعلى مستوى منذ ادخال نظام الاعانة الغذائية في ستينيات القرن الماضي.
وترجع هذه الزيادة الكبيرة، من 26.5 مليونا عام 2007، الى جملة عوامل منها الجهود الاخيرة لزيادة وعي الاميركيين بالبرنامج وايضا الى التحول من الكوبونات الورقية الى البطاقات الالكترونية، ولكن بشكل رئيسي نتيجة الضغوط على المواطن الاميركي العادي من اقتصاد اصبح فجأة محفوفا بالمتاعب.
وازدادت الضغوط بعد عمليات حبس رهن المساكن وارتفاع البطالة والتصاعد السريع للاسعار.
المساكن المرهونة
وتجسد هذا المنحى حتى الآن في اعداد المساكن التي صودرت في عمليات حبس الرهن في ارجاء البلاد والعائلات الكثيرة التي فقدت مسكنها.
ولكن الازمة اخذت تصيب البلاد في معدتها حيث أصبح توفير الطعام على المائدة تحديا يجد كثيرون من الاميركيين صعوبة اكبر في مواجهته.
وقد لا يكون استخدام طوابع الغذاء مقياسا للصحة الاقتصادية للبلاد ولكنه بالتأكيد يستطيع ان يحكي قصة.
ومنذ سنوات وولاية ميتشيغان تمر بركودها الصغير الخاص بها مع صرف قاعدتها الصناعية وبالذات صناعة السيارات لاعداد متزايدة من العمال. واليوم اصبح واحدا من كل ثمانية من سكان الولاية يعتمد على طوابع الغذاء، أي ضعف معدل عام 2000. وتقول مسؤولة في برنامج ميشيغان لطوابع الغذاء ان السنوات الاخيرة شهدت زيادة دراماتيكية ولكن الاشهر الاخيرة شهدت تصاعدا كبيرا، وتضيف انه من دون البرنامج ستبقى بعض العائلات واطفالها من دون طعام.
ولكن المنحى لا يقتصر على المناطق التي يطلق عليها «حزام الصدأ» او مناطق الصناعات المندثرة. فقد أفادت 40 ولاية عن زيادات في طلبات الحصول على الكوبونات خلال الـ 12 شهرا منذ ديسمبر 2006. وهذه الكوبونات او الطوابع اصبحت الآن بطاقات الكترونية تعبأ شهريا بصورة آلية من قبل الحكومة ويستخدمها حاملوها لدى شراء موادهم الغذائية. وفي العام الماضي شهدت 6 ولايات على الأقل زيادات بنسبة 10%.
وفي رود ايلاند ارتفعت الشريحة السكانية التي تعتمد على طوابع الغذاء بنسبة 18% في غضون سنتين. وكان هذا البرنامج قد بدأ قبل 40 سنة عندما كان الجوع لايزال احدى حقائق الحياة اليومية لكثير من الأميركيين. وساعد الانتقال اخيرا من الطوابع الورقية الى نظام البطاقات البلاستيكية على ازالة بعض الحرج المرتبط ببرنامج طوابع الغذاء لأن بالامكان تمرير البطاقة في جهاز مماثل لجهاز بطاقات الائتمان. والتأهل للحصول على البطاقة لا يتطلب ان يكون الشخص عند خط الفقر تماما بل يكفي ان يكون دخله اعلى بقليل من خط الفقر (21500 دولار في السنة كدخل لعائلة من 4 افراد). ومن هؤلاء هيوبرت ليبنيكس الذي تعد البطاقة خط حياة لا يسعه ان يخسره. فقد خرج اخيرا من السجن وهو ينام في احد المــلاجئ في مانهاتن ويستخدم البطاقة في متجر بقالة معروف هناك.
وكان في اليوم السابق قد تقاسم مع صديقته التي تستخدم كرسيا متحركا موزة وكوب قهوة اشتراهما بـ 82 سنتا هي كل ما كان متبقيا في بطاقته. ويقول ان الحكومة ستعيد تعبئة البطاقة خلال بضعة ايام، كما يعترف بأنه واصدقاءه يساومون احيانا اصحاب متاجر البقالة الصغيرة على مقايضة قيمة البطاقة بنقود بالرغم من عدم قانونية ذلك.
ويقول مدير احدى البقالات ان عدد الزبائن الذين يستخدمون طوابع الغذاء كان ثابتا ولكنه يتوقع له ان يرتفع قريبا، ويضيف ان اغلبية حاملي البطاقات هم من المسنين او المتقاعدين من الوظائف الحكومية. ومع ان الهدف من الطوابع كان دعم ما يستطيع الناس شراءه وليس تغطية كل نفقات العائلة على الغذاء الا ان المشكلة الان هي في الاسعار المتصاعدة التي تقلص قيمة هذا الدعم. ويعطي مثالا على ذلك سعر رغيف الخبز الايرلندي الذي ارتفع من 1.99 دولار في عيد سانت باتريك الماضي الى 2.99 دولار في الوقت الحاضر. ويفسر الارتفاع الكبير في الاسعار بارتفاع اسعار الوقود والمواد الاولية.
وتقول وزارة الزراعة الاميركية ان تكلفة اطعام عائلة من 4 افراد ارتفعت بنسبة 6% خلال 12 شهرا. ولكن قيمة طوابع الغذاء لم ترتفع مع ارتفاع الاسعار مما يعني انها لا تشتري لحامليها كمية الغذاء التي كانت تشتريها في السابق. ومع التوقعات بأن تكشف ارقام البطالة الشهرية عن زيادة بواقع 50 الف عاطل عن العمل في مارس فإن المعدل العام للبطالة سيصل على الارجح الى 5%.
عن: الاندبندنت
صفحة قضايا في ملف ( pdf )