القاهرة - عماد علي
شهدت اسعار حديد التسليح قفزة كبيرة في السوق، حيث زاد سعر الطن بنحو 900 جنيه في غضون اسبوعين، واصبح سعر الطن يتراوح ما بين 7500 جنيه و8000 جنيه.
وابدى رئيس شعبة مواد البناء بالغرفة التجارية احمد الزيني تخوفه من استمرار زيادة الاسعار في غضون الايام المقبلة بسبب انخفاض الكميات المعروضة، ووجود فجوة كبيرة بين العرض والطلب.
غير مبرر
واشار الى ان السعر الحالي غير مبرر لأن اعلى سعر في السوق الخارجية هو 1100 دولار للطن، بينما يبلغ محليا ما يعادل 1400 دولار للطن، مطالبا الحكومة بالتدخل لاقرار تسعيرة رسمية لحديد التسليح.
وقال الزيني: انه لا توجد سلعة في العالم يرتفع سعرها شهريا بانتظام، بينما سعر حديد التسليح يرتفع في مصر شهريا منذ يناير الماضي بانتظام، وفي كل مرة يتم طرح مبررات غير صحيحة للمواطنين.
وحمّل الزيني منتجي الحديد مسؤولية الزيادة اليومية في الاسعار، لأنهم تركوا الساحة للتجار ليتلاعبوا بالمواطنين، ولم يتم تحديد هامش معقول للربح، حتى ولو بشكل ودي.
وتساءل: هل البيع والشراء بهذه الاسعار يتم من خلال فواتير؟ وهل يتم رصد هذه الاسعار في الاقرارات الضريبية للتجار والمنتجين؟
من جانبه، قال عضو مجلس ادارة الشعبة العامة لمواد البناء علاء النجار: ان هناك تعطيشا في السوق، وما يساهم في ارتفاع الاسعار ان الوكلاء يبيعون الطن للتجار الصغار بـ 7 آلاف جنيه.
واشار الى ان هناك نقصا في مقاسات الحديد شائعة الاستخدام بالسوق «12 و10 مللي» وهي المقاسات التي يزداد الطلب عليها، بينما هناك زيادة انتاج في مقاسات الطلب عليها اقل، وهو ما يعطي المبرر لزيادة اسعار الاصناف الاولى.
واكد تاجر حديد ان تهافت المستهلكين على شراء الحديد بكميات كبيرة بعد سماعهم شائعات بارتفاع اسعاره ادى الى خلق حالة من الزيادة الوهمية في الطلب، وهو ما ادى الى سحب كميات كبيرة من المعروض، وبالتالي ارتفاع الاسعار.
واشار الى ان هناك بعض شركات المقاولات التي قامت بشراء كميات كبيرة من الحديد خلال الفترة الماضية لتغطي احتياجاتها للشهور الستة المقبلة او حتى نهاية العام لتتفادى التقلبات في الاسعار وارتفاعها، مما يجعلها تتكبد خسائر كبيرة، خاصة انها مرتبطة بعقود ومواعيد تسليم لمشروعاتها.
عدم تدخل حكومي
واكد الخبراء ان عدم تدخل اي جهة حكومية لضبط السوق وكبح جماح الاسعار والاكتفاء بالاشراف على وضع التاجر لافتة يطلق من خلالها السعر للجمهور ادىا الى انفلات غير معقول في الاسعار، واصبح هناك فارق كبير في سعر بيع حديد التسليح من المصنع حتى وصوله الى المستهلك.
واشار الخبراء الى ان مصانع الحديد اصبحت لا تحقق اكثر من 300 جنيه كربح في الطن، بينما يحقق التاجر نحو 1500 جنيه ربحا في الطن، موضحين ان اسعار بيع المصانع تتراوح حاليا بين 5700 جنيه لشركات عز و6200 جنيه للطن لشركات بشاي والعتال والسويس.
وارجع الخبراء احد اسباب زيادة الطلب على الحديد في السوق الى النشاط المكثف للشركات العقارية الخليجية التي دخلت السوق المصري مؤخرا، وهي تمتلك فوائض مالية ضخمة دفعتها لشراء كميات كبيرة، مما ادى الى توقف بعض المقاولين المحليين الصغار عن نشاطهم لعدم قدرتهم على ملاحقة التطورات السريعة بالسوق.
واوضح الخبراء ان ارتفاع تكلفة النقل بعد زيادة الحكومة لاسعار السولار والطاقة للمصانع ساهم في زيادة الاسعار للمستهلك، متوقعين استمرار الزيادة في اسعار حديد التسليح خلال الفترة المقبلة ليقترب سعر الطن من 9 آلاف جنيه.
واشاروا الى ان الفترة المقبلة ستشهد طلبا متزايدا على حديد التسليح مع انتهاء موسم الحصاد للمزارعين وبدء عودة المصريين من الخارج وانتهاء امتحانات نهاية العام الدراسي، حيث تنشط في هذه الفترة اعمال البناء مما يؤدي الى ارتفاع اسعار جميع مواد البناء في مثل هذا الوقت سنويا.
في الوقت نفسه اعلنت وزارة التجارة والصناعة ان هناك زيادة في اجمالي انتاج شركات حديد التسليح خلال الاسبوع الماضي، حيث وصل حجم الانتاج الى 109.8 آلاف طن مقارنة بـ 107.3 آلاف طن في الاسبوع السابق له.
واشارت الى ان اجمالي التسليمات المحلية للتجار ارتفع الى 136.4 الف طن في الاسبوع الماضي مقابل 88.3 طنا في الاسبوع السابق، موضحة انه لم تصدر اي شركة من انتاجها للخارج اي كميات خلال الاسبوع الماضي.
إضراب
وامام الارتفاع الجنوني في اسعار حديد التسليح، دعت حركة «مواطنون ضد الغلاء» شركات المقاولات العاملة في مصر وعمال التشييد والبناء الى الاضراب عن العمل لمدة اسبوع احتجاجا على ارتفاع اسعار الحديد.
واشارت الى ان اسعار الحديد ارتفعت في السوق المصري بنحو 4 آلاف جنيه خلال 4 أشهر، وهو ارتفاع غير مسبوق في اسعار الحديد على مدار الثلاثين عاما الماضية.
واكدت الحركة ان وزارة الاسكان اصبحت متهمة في هذا الامر، وتتحمل مسؤولية ايضا في ارتفاع اسعار الحديد بسبب تهديداتها للمواطنين بسحب الاراضي منهم في حال عدم البناء عليها في المواعيد المحددة، مما تسبب في زيادة الطلب على الحديد، وهو ما فسره البعض بأن الوزارة تعمل لصالح منتجي الحديد.
وفي محاولة من جانب الشركات المنتجة للسيطرة على جنون الاسعار، ابلغت هذه الشركات وكلاءها بضرورة الالتزام بحد اقصى من هامش الربح، بحيث لا يتجاوز سعر الطن للمستهلك 6500 جنيه.
الا ان هذه المحاولة ذهبت ادراج الرياح، حيث اكد المتعاملون بالسوق ان رفع التجار للاسعار يأتي بايعاز من الشركات المنتجة التي تمهد لاعلان اسعار جديدة لتسليم المصنع مع بداية شهر يونيو المقبل، وحتى يكون السوق مهيأ للزيادة.
وأرجعت الشركات المنتجة ما يجري الى وجود تكالب من جانب المستهلكين على شراء حديد التسليح، خاصة المقاسات شائعة الاستخدام، ويقوم البعض بتخزينها حتى اختفت من السوق مقاسات 8 و10 و12 مللي تحسبا لارتفاعات جديدة في اسعارها ليقوموا بطرحها للبيع بعد الزيادة ويستفيدوا من فارق السعر.
وقد شهد قطاع شركات المقاولات حالة من الجمود ورفض بعض المقاولين استكمال تنفيذ المشروعات التي يستخدم فيها حديد التسليح، خاصة ان العطاءات التي حصلوا بموجبها على المشروعات تقل في اسعارها كثيرا عن اسعار مواد البناء حاليا، مما يعرضهم لخسائر فادحة في حال استمرار تنفيذهم للمشروعات.
الأسـمنت
وفيما يتعلق باسعار الاسمنت، قال سكرتير عام الشعبة العامة لتجار مواد البناء عبدالعزيز قاسم: ان اسعار الاسمنت مستقرة منذ قرار وزير التجارة بوقف تصديره، حيث يتراوح سعر الطن للمستهلك ما بين 420 جنيها و440 جنيها.
الا ان هناك مخاوف من حدوث زيادة خلال الفترة المقبلة بسبب القرارات الحكومية بزيادة اسعار الطفلة والغاز للمصانع، مما يزيد من تكلفة الانتاج والتي سيتم تحميلها للمستهلك في النهاية.
واكد الخبراء ان زيادة رسوم اسعار الطفلة من 10 جنيهات الى 35 جنيها يجب ألا تكون مؤثرة مطلقا على اسعار مصانع الاسمنت، لأن التكلفة النهائية للطن تبلغ 200 جنيه بعد الزيادة.
بينما اقل سعر للطن في السوق 420 جنيها، اي ان هناك هامش ربح يزيد على 100% موزعا بين التجار والمصانع، ولذلك يجب تشديد الـــرقابة على سوق الاسمنت لمنع استغلال زيادة اسعــار الطفلة في رفع اسعار الاسمنت.
صفحات شؤون مصرية في ملف ( pdf )