باريس - هدى العبود
اطلق الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في باريس أمس الاتحاد من اجل المتوسط بحضور رؤساء دول وحكومات اكثر من 43 دولة في مشروع يعتمد على شراكات عملية وتوازن بين الشمال والجنوب.
وبدأ الاجتماع الذي لم يستغرق اكثر من ثلاث ساعات بعد ظهر أمس في القصر الكبير (غران باليه) المبنى الاثري على ضفاف نهر السين الذي بني ليستقبل المعرض العالمي في العام 1900.
واعرب ساركوزي عراب المؤتمر في كلمته عن سعادة «فرنسا أن تستضيف كل شعوب البحر المتوسط والذي يعد مصدر الحياة والثقافة لهم.
شعوب البحر المتوسط كانت دائما منفصلة، تتصارع فيما بينها، ومنقسمة، ليس بسبب الخلافات التي توجد بينهم، ولكن لأنهم متشابهون، ونجتمع اليوم لاننا نعلم أننا نتقاسم نفس الحضارة».
وأشار إلى أن «حلم المتوسطي» لا يختلف كثيرا عن حلم الاتحاد الأوروبي، وقال «سننجح معا ونتجه صوب المستقبل معا، لا يمكن أن نكتفي بعلاقة التسامح فيما بيننا ولكن يجب أن نمضي إلى الأمام وأن يكون هناك نوع من التفاهم والاحترام المتبادل.
لا نرغب في أن نكون فقط جيرانا ولكن أن نكون شركاء ايضا».
المساواة
وأضاف ساركوزي: لا يوجد حول هذه المائدة من يقرر ومن يتلقي، بل هناك واجبات وحقوق، هذه الخيارات السياسية وهي خيارات أساسية للاتحاد من أجل المتوسط وهي المساواة والقدرة على اتخاذ القرارات معا والتوحد معا والتضامن حول مشاريع حقيقية، وهذه الطريقة في النظر إلى العلاقات ستتجسد في تعيين رئاسة مشتركة من بلد من الشمال وبلد من الجنوب، مصر وفرنسا.
وأكد ساركوزي أن الاتحاد لا يعني الشمال ضد الجنوب، ولا يعني أنه من جهة الاتحاد الأوروبي ومن جهة أخرى البقية، وليس موجها ضد بعض، وليس جنبا إلى جنب، ولكن متحدين معا لنعبر معا عن الوحدة.
واشاد الرئيس الفرنسي «بكل الدول العربية» التي جاءت للمشاركة في الاجتماع معتبرا انها قامت بذلك «ببادرة سلمية». وقال ساركوزي «اريد ان اشيد بشجاعة كل الذين لبوا دعوتنا». واضاف «ارى ان ارحب برؤساء الدول العربية لحضورها وقبولها هذه المسؤولية وبذلك القيام ببادرة سلام».
رؤيـة واضحة
الرئيس المصري محمد حسني مبارك الذي شارك ساركوزي في رئاسة هذه القمة التأسيسية، دعا المؤتمرين إلى بلورة رؤية واضحة تحقق الاسراع بجهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية لدول جنوب المتوسط.
واعتبر أن هذه الرؤية ينبغي أن تكون ذات توجه عملي وتسعى لتضييق الفجوة بين جنوب وشمال المتوسط بنسبة تصل الى 50% في ثلاثين عاما و80% بحلول عام 2050.
وشدد مبارك على أن هذه الرؤية يجب أن تقرن الاقوال بالافعال ببرامج ومشروعات محددة، تركز على عدد من المجالات ذات الاولوية، وتجذب المزيد من الاستثمارات لدول جنوب المتوسط وتدعم جهودنا لتحقيق التنمية البشرية، واتاحة فرص العمل، وتوفير الامن الغذائي والارتقاء بمستويات التعليم والتدريب والرعاية الصحية.
وتركزت الانظار في القاعة على الرئيس السوري بشار الأسد الذي حقق عودة كبيرة على الساحة السياسية الدولية واعتبر المراقبون زيارته «حدثا تاريخيا»، لجلوسه لأول مرة على طاولة تضم ايضا رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت المنهك باتهامات الفساد والاحتيال التي تلاحقه، ولم يفصل بينهما سوى عشرة مقاعد.
وكان ساركوزي حقق نجاحا كبيرا عشية القمة باعلانه عن اتفاق بين الرئيسين السوري واللبناني ميشال سليمان لاقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين.
أعضاء الاتحاد
ويجمع الاتحاد الوليد 43 بلدا يبلغ عدد سكانها نحو 750 مليون نسمة في القارة الاوروبية والضفة الجنوبية للمتوسط التي تعد واحدة من المناطق التي تشهد اكبر انقسامات في العالم.
وفي مؤشر على تعقيد هذه الخطوة، لم تلتقط اي صورة جماعية للقادة المشاركين، وهي مبادرة تقليدية تجري بعد كل اجتماع من هذا النوع.
لكن فرنسا ترى ان مجرد جمع بعض المتحاربين منذ فترة طويلة على طاولة واحدة يشكل بحد ذاته «انتصارا».
ويتغيب عن القمة رئيسا دولتين مهمان هما الزعيم الليبي معمر القذافي الذي انتقد المشروع معتبرا انه تمهيد للتطبيع مع اسرائيل، في حين نفى قصر الرئاسة الفرنسي «الاليزيه» وجود اية مشكلات سياسية بين فرنسا والمغرب وراء عدم مشاركة عاهل المغرب الملك محمد السادس في قمة باريس من أجل المتوسط.