واشنطن - احمد عبدالله
انتهى مؤتمر الحزب الجمهوري الاميركي لتبدأ المرحلة الاخيرة من السباق نحو البيت الابيض.
ولم يتضمن المؤتمر الجمهوري في سانت لويس اي مفاجأة الا مفاجأة واحدة كبيرة: سارة بالين.
فقد تمكنت بالين من تعديل ارقام كثيرة في المعادلة الجمهورية لخوض الانتخابات الرئاسية الاميركية عند اختيارها للموقع الثاني على البطاقة الجمهورية.
ويبدو ذلك واضحا من استطلاعات الرأي العام التي اظهرت ان موقف حصة كبيرة من شريحة الناخبين المترددين - اي اولئك الذين لم يحسموا خياراتهم حتى انعقاد مؤتمري الحزبين الديموقراطي والجمهوري - قد اخذت تتحول بمعدلات آخذة في التزايد الى كفة الجمهوريين.
فقد قال 27% ممن صنفوا انفسهم من قبل في كفة المترددين انهم سيصوتون لصالح بطاقة ماكين - بالين، فيما قال 9% انهم يصوتون لصالح البطاقة الديموقراطية وقال الباقون انهم لم يحددوا اختيارهم بعد.
تبدل في رأي النساء
غير ان التبدل في موقف النساء كان اكثر وضوحا.
فقد قال 37% ممن وصفن موقفهن بالمتردد قبيل عقد الحزبين لمؤتمريهما انهن سيخترن بطاقة ماكين - بالين.
وذهب نصف من قالوا ذلك الى ان السبب هو وجود بالين على البطاقة الجمهورية.
وقال 11% انهن سيذهبن الى البطاقة الديموقراطية فيما بقيت النسبة الباقية على ترددها. وفسر المعلقون هذه النتيجة المعبرة - ولو بصورة جزئية - بانها ردة فعل على استبعاد هيلاري من بطاقة اوباما.
ويتلخص هذا التفسير في ان هيلاري تمكنت - بجهد كبير - من بناء قوة دفع نسائية تطالب بوضع امرأة في احد الموقعين الرئيسيين بالبلاد ان لم يكن فى المكتب البيضاوي. اي ان هيلاري تمكنت من بلورة «هوية نسائية» على المسرح السياسي الاميركي.
وكان السؤال هو: ما نسبة البرنامج السياسي الى نسبة الرغبة في وضع امرأة بصرف النظر عن برنامجها عند تشريح اختيارات الناخبات الاميركيات؟ ويبدو من نتائج الاستطلاعات ان نسبة يعتد بها من الاميركيات جعلت برنامجها وضع امرأة في البيت الابيض في احد الموقعين الرئيسيين بصرف النظر عن انتمائها الحزبي.
كما يبدو ان هيلاري كانت مسؤولة عن هذه اليقظة السياسية النسائية رغم انها لم تتمكن من قطف ثمارها.
أوباما يدرس حساباته
وكان الجمهوريون هم الذين سارعوا الى قطف تلك الثمار باختيار بالين في الموقع الثاني على بطاقتهم.
وهكذا رحلت النساء اللائي كن يقفن بالقرب من الصف الديموقراطي دعما لهيلاري الى المعسكر الذي وضع امرأة بالفعل في ذلك الموقع.
ولكن هل سيتمكن اوباما من تحويل الاتجاه كما فعل خلال مواجهته مع هيلاري في المراحل التمهيدية من الحملة الانتخابية؟
حين سئل اوباما عن رأيه في الهجوم العنيف الذي شنه الجمهوريون ضده في مؤتمرهم اجاب ضاحكا «لقد سمعت هجوما اعنف في ملعب كرة السلة».
غير ان تقارير عديدة اوضحت ان حملته تعيد دراسة استراتيجيتها على ضوء اختيار بالين وخطابها الذي حظي باعجاب الاغلبية الساحقة من الاميركيين.
فقد ارسل اوباما 30 من المحققين الذين يعملون لحسابه الى ألاسكا لجمع كل ما يمكن جمعه عن بالين.
ويقال ان هذا الفريق من المنقبين في اداء بالين كحاكمة للولاية عثر على عدة امور يمكن ان تكشفها حملة اوباما في الوقت المناسب.
واذا فشل ذلك فان بالين التي تعمدت ان تمدح هيلاري كلينتون وعينها على النساء اللائي وقفن خلف المرشحة الديموقراطية السابقة قد تتمكن بالفعل من ترجيح كفة التصويت العام في 4 نوفمبر المقبل.
أخطاء الجمهوريين
لقد اتسم المؤتمر الجمهوري بانتقاداته لاوباما منذ لحظته الاولى الا ان ذلك لا يعني في اي الاحوال ان قوة الدفع التي ولدها ذلك المؤتمر ستستمر. فقد ارتكب الجمهوريون ايضا اخطاء كبيرة.
من هذه الاخطاء مثلا هجومهم الحاد على واشنطن و«صفوتها الحاكمة» باستخدام عبارة بالين كما لو انهم لم يحكموا واشنطن لمدة 8 اعوام ولم يسيطروا على الكونغرس لمدة 10 اعوام من الـ 12 عاما الاخيرة. كما انهم هاجموا «الروح الحزبية» قائلين ان البلاد يجب ان تأتي اولا وان تفرض تجاوز الهويات الحزبية بيد انهم لم يتوقفوا ولو لالتقاط الانفاس خلال هجومهم على اوباما والبطاقة الديموقراطية.
واذا كان الحماس قد غيب هذه العناصر عن الاذهان خلال المؤتمر فإن المناظرات العلنية التي ستبدأ بواحدة بين جوزيف بيدن المرشح الثاني على البطاقة الديموقراطية وسارة بالين في الثاني من الشهر المقبل يمكن ان تعيد الهدوء الى النفوس وان تمنح الناخبين فسحة للتأمل.
وساعتها قد يتبين ان بالين لا تقدم الاداء القوي الذي قدمته في المؤتمر اذا كانت لا تلقي خطبة معدة مسبقا وساعتها قد لا يضطر اوباما الى طلب المساعدة من هيلاري لاعادة انصارها الى المعسكر الديموقراطي.