بيروت – منصور شعبان
قال وزير العدل اللبناني السابق شارل رزق في حديث لـ«الأنباء» ان السلطة في لبنان هي في أمكنة أخرى مبديا شكه في ان يكون مركز القرار في الحكومة أو ان يكون «لسوء الحظ في لبنان» ولا يرى أهمية كبيرة في المرحلة التي تفصل لبنان عن انتخاباته النيابية المقبلة، ويرى في الحكومة مجموعة من الأضداد المتناثرة ولو انه أبدى ترحيبه بالمصالحة الشمالية التي لاحظ إتمامها عبر مصادر غير حكومية وان «الحكومة أتت فقط للتغطية»، معتبرا ان القوى التي تصالحت تجاوزت الحكومة في خلافاتها ومصالحاتها متمنيا امتداد هذه المصالحة الى المناطق ذات الاكثرية المسيحية متوقعا حصولها ايضا بين «تيار المستقبل» وحزب الله ومتوقعا استمرار المشاحنات العقيمة بين القوى المسيحية.
وسأل: لماذا الدخول في المتاهات حول سلاح حزب الله الذي ربطه بما ستؤول اليه المفاوضات بين سورية واسرائيل من جهة وبين الولايات المتحدة الاميركية وايران من جهة أخرى.
وحول موضوع المحكمة ذات الطابع الدولي قال رزق ان رغبته كانت في عدم انشائها واضاف: لقد كانت رغبتي في ان يقوم القضاء اللبناني بمحاكمة الفاعلين، لكن لسوء الحظ منعت من قبل رأس السلطة التنفيذية آنذاك من اجراء التشكيلات القضائية، مشيرا الى ان المحكمة أصبحت «وراءنا» و«وأنا منذ تركت وزارة العدل لم أتدخل في هذا الموضوع» داعيا لتركه بيد القضاء، ولا تسألني عن المحكمة وقال: لم اتعب من هذا الموضوع أبدا وأنا مرتاح إلى أبعد الحدود وفيما يلي تفاصيل الحوار:
أين هو الوزير شارل رزق الآن؟
اصبح حيث هو دائما، الوزارة كانت بالنسبة لي مرحلة.
السلطة في أمكنة أخرى
كنت في الواجهة والآن اختلف الوضع؟
حسب ما تعني الواجهة، إذا كانت الواجهة تعني طنطنة في الصحف انا لا اعتبر ان هذه هي الواجهة.
السلطة تضع الانسان في موقع متقدم؟
السلطة في لبنان يجب تمديدها، لا اظن ان السلطة في الحكومة، السلطة في أمكنة أخرى، انا لا تستهويني السلطة بقدر ما يستهويني العمل العام، وأنا اشك أن يكون مركز القرار في الحكومة كما اشك ان يكون مركز القرار، لسوء الحظ، في لبنان.
المصالحة تمت من مصادر غير حكومية
ماذا كان يتوقع الوزير السابق شارل رزق ان يكون عليه الوضع الآن؟
لا أحسن ولا أسوأ، انا واقعي ولا تستهويني الاوهام، ومنذ كنت في الحكومة اعرف ان الفترة التي تفصل بيننا الآن وبين الانتخابات المقبلة هي لا ترتدي أهمية كبيرة، الحكومة هي مجموعة من الاضداد المتناثرة، انظر ما حصــل في طرابلس، حصلت مصالحة والحمدلله هذه المصالحة تمت، ولكن أتت من خارج الحكومة، الحكومة أتت فقط للتغطية، لكن العمل في العمق من أجل المصـــالحة التي ارجــو ان تمتـــد الى سائر المنــاطق اللبنانية ولن اشكـك في ذلك، تمت من مصادر غير المصادر الحكومية.
يعني؟
يعني ان القوى التي تصالحت في طرابلس تجاوزت في خلافاتها الحكومة وأتت الحكومة فقط لتسدل عليها الستار رسميا.
لا تتوقع ان يستمر مفعول الوثيقة التي تم التوقيع عليها؟
أهم من الوثيقة، هناك الاسباب التي أوجبت الوثيقة، الجميع يعي في لبنان بان الأوضاع السياسية ثانوية نسبة لأوضاع المنطقة والأوضاع الدولية ايضا هي لم تستقر بعد، وعندما تكون ضمن اطار غير مستقر على رمال متحركة، المحكمة تقتضي بان تلملم قواك وتتجاوز المعارك الداخلية التي لا أحد يدرك الى أين ستؤدي، وأنا واثق بان ما حصل في طرابلس من مصالحة سيمتد الى تقارب بين تيــار المستقبل من جــــهة وحزب الله من جهة ثانية، لأنه ليس هناك من خلاف على حزب الله، بل على سلاحه.
واظن هنا ايضا ان الاصرار على نزع سلاح حزب الله، كما ان الاصرار على الاستمرار في تسليح حزب الله خارج عن الموضوع لأن هذا الأمر سيحدد وفقا لما تؤول اليه المفاوضات بين اسرائيل وسورية وأوسع من ذلك بين الولايات المتحدة وإيران، فلماذا نحن ندخل في متاهات حول هذا الموضوع الذي بطبيعته يتجاوزنا، علينا نحن أن ننتظر، علينا نحن ان نتلملم ونتجنب النزاعات الداخلية التي لا أهمية لها الآن، وان نكون، طبعا، منتبهين لما يجري على صعيد المنطقة ونختار الطريق السليم، لذلك أنا أرحب بما جرى في طرابلس، كما انه علينا ان ننتظر بكثير من الايجابية، تطورات مماثلة بين فئات أخرى، بين المستقبل وحزب الله، ولكن للأسف ان هذه الاجواء التصالحية لسوء الحظ لم تمتد بعد، ويبدو انها لن تمتد الى المناطق ذات الاكثرية المسيحية التي حسب المعتاد ستستمر في مشاحناتها العقيمة، والتي لا تؤدي الى نتيجة.
اخشى ان تكون المصالحة محدودة في المناطق ذات الاكثرية الإسلامية وألا تمتد الى المناطق ذات الاكثرية المسيحية، وقد يكون ذلك الى حد ما بسبب الحكمة والنضج عند القيادات في المناطق ذات الاكثرية الإسلامية، نرجو وننتظر ونأمل ونصلّي من أجل ان ترتفع القيادات في المناطق ذات الاكثرية المسيحية الى المستوى نفسه من الحكمة والنضج.
المهم الوضع الإقليمي
هل تقرأ في المصالحة ترجمة للقمة الرباعية التي عقدت في دمشق؟
طبعا، اقول ان المهم هو الوضع الاقليمي وســورية تلعب دورا اساسيا فيه، واقول بضبضبة البيت اللبناني اســـعدادا لفتح مرحلة جديدة بما نستطيع من وحدة وقوة على الصعــيد الداخلي.
لا تسألني عن المحكمة
بالنسبة لموضوع المحكمة ذات الطابع الدولي في قضية استشهاد الرئيس رفيق الحريري ماذا في تطوراتها؟
انا لا انظر الى المحكمة الدولية انا كوزير عدل (سابقا) قمت بواجبي، اعود اقول واكرر، لم تكن رغبتي في ان تنشأ محكمة دولية، كانت رغبتي في ان يقوم القضاء اللبناني بمحاكمة الفاعلين، لكن لسوء الحظ منعت من قبل رأس السلطة التنفيذية آنذاك (الرئيس أميل لحود) من اجـــراء التشكيــلات القضائية، التي كان من شأنها ان تعيد اعتبار القضـــاء اللبناني بعدما جرب من تجارب، فاضطررت موضوعيا، ايضـــا مادام سد أمامي باب القضاء اللبناني ان أتوجه الى القضاء الدولي فنشـــأت هذه المحكمة وأصر على ان هذه المحكمة لا علاقة لها بالسياسة وأصبحت الآن وراءنا ونترك القضاة يعملون ونحن نحترم استقلال هؤلاء القضاة.
أنا منذ تركت وزارة العدل لم أتدخل في هذا الموضوع ولم اصرح به، هذا موضوع قضائي يجب ان يترك في يد القضاء، انا لن أتكلم في هذا الموضوع لأن هذا الموضوع أصبح ورائي ولا تسألني عن المحكمة.
هل ارتحت من هذا الموضوع؟
لم أتعب منه أبدا، كل الناس وأصدقائي يعرفون انني مرتاح لانه عندما يعي الانسان الطريق الذي ينتهجه لا يتعب، بالنسبة لي الموضوع كان في غاية الوضوح وعملت بكثير من الاطمئنان والاستقرار النفسي. أنا مرتاح الآن الى أبعد الحدود.