بيروت – عمر حبنجر
الهمود السياسي يخيم على محاور المصالحات، بين الاطراف الاسلامية، كما بين الجهات المسيحية.
الأسباب بعضها جوهري والبعض الآخر شكلي، والكل في مطلق الأحوال، يترقب نهائيات الاستحقاقات الدولية والاقليمية.
على الصعيد الإسلامي، كان الاتفاق على ان تنطلق عجلة المصالحة بين تيار المستقبل وحزب الله يوم الاثنين من خلال لقاء تمهيدي بين قيادات الصف الأول، لكن المحاولة تعثرت بسبب اصرار المستقبل على شمولية نزع الصور والشعارات من طريق المطار حيث ترتفع صور المرشد الأعلى علي خامنئي وقيادات حزب الله وأمل، وأمس استجد كلام على ان تتوسع هذه الموجة لتطاول صور الرئيس رفيق الحريري في بيروت، والتي هي موجودة في نطاق محلة الطريق الجديدة وبعض المحاطات والمفاصل، وهذا ألهب مشاعر جمهور المستقبل في بيروت وخصوصا في حي الطريق الجديدة وعائشة بكار، وزاد الطين بلة رفع صور لأحزاب 8 آذار في عائشة بكار وتلة الخياط حيث مقر دار المستقبل، ما قلل من تجاوب القاعدة الشعبية لتيار المستقبل مع دعوات المصالحة بين الحزب والتيار، وقد بدأت تظهر اعتراضات جوهرية، أساسها ان المصالحة تفترض خطوات متبادلة، بينما مازال حزب الله وحلفاؤه ثابتين على موقفهم بعدم الاعتذار من بيروت، او تقديم اي خطوة تطمئن الى ان ما حصل لن يتكرر.
ويضغط رئيس التيار سعد الحريري لاقناع أهالي الطريق الجديدة، ورأس النبع، بأن الصلح سيد الأحكام، وبأن ما لم يتوفر اليوم يتوفر غدا، وان المهم الحفاظ على السلم الأهلي وعلى العيش المشترك، الا انه ما زال يواجه الصعاب رغم شعبيته البيروتية.
وردا على التماثل بالمصالحة التي حصلت في طرابلس وبعدها في الجبل، قال احد مسؤولي تيار المستقبل، ان جنبلاط لم يتعرض للإهانة في الجبل، وفي طرابلس توازن المتحاربون، اما في بيروت فقد كانت هناك صفعة أحادية الطرف يتعين الاعتذار عنها.
المصالحة بحاجة إلى مصارحة
وانسياقا مع هذا الجو رفض عضو كتلة المستقبل النائب احمد فتفت الدخول في تحديد موعد قيام وفد من حزب الله بزيارة رئيس كتلة المستقبل سعد الحريري في مقره بقريطم.
فتفت أوضح في تصريح له امس ان المصالحة تحتاج الى مصارحة لتحديد الأخطاء.
مشيدا باعتذار رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع، ممن قد يكون أساء اليهم، وقال: ان جعجع كان موفقا وشجاعا جدا، وقد سمعت تنويهات فلسطينية به خلال افطار في مخيم نهر البارد، فكيف على المستوى اللبناني.
ودعا فتفت الأطراف جميعها لأن تدرك الحاجة لاتخاذ مواقف مماثلة، ليطمئن اللبنانيون الى مستقبلهم، وهذا هو المهم الآن.
وعن المصالحة بين تيار المستقبل وحزب الله قال فتفت ان الاتصالات مستمرة لكن الأمور لم تنضج تماما.
من جهته قال عضو قوى 14 آذار النائب سمير فرنجية ان شروط المصالحة المسيحية تختلف عن المصالحات الأخرى لأنها ليست للاتفاق على تقاسم مناطق النفوذ بل للبحث عن مشروع مشترك بين المتصالحين.
فرنجية طالب «الرابطة المارونية» عبر اذاعة «صوت لبنان» بوضع أسس الصلح على الساحة المسيحية لا أن تتحول الرابطة الى صندوق بريد، مشيرا الى ان جعجع كان شجاعا عندما بادر الى الاعتذار وطوي صفحة الحرب وأهل نفسه للدخول الى المصالحة، حيث لم يصدر حتى الآن من فرقاء 8 آذار أي اعتراف بالخطأ.
وقال فرنجية ان المصالحة المسيحية مركزها الواحد بكركي.
نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري تمنى «لو تلقف الجميع مبادرة جعجع وجعلوا منها أرضية للمصالحة المسيحية المطلوبة وكان الأحرى بالآخرين ملاقاته في منتصف الطريق، والمهم ان جعجع كسر الحلقة المفرغة واخترق الجمود واحدث ثغرة في جدار التعنت والمكابرة».
كتلة نواب القوات اللبنانية اجتمعت أمس برئاسة جعجع وأصدرت بيانا اشادت بالجهود الكبيرة التي بذلتها اللجنة المنظمة لقداس الشهداء في جونيه، كما توقفت عند الارتياح العام الذي رافق القداس والتلاوة.
وأسف المجتمعون لبعض ردود الفعل على خطاب جعجع، والتي جاءت «دون المستوى المطلوب وخارج أدبيات التعاطي السياسي»، وبدلا من ان يقدموا على خطوة مماثلة عمدوا لاستحضار كل المآسي السابقة وبشكل مشوه.
لكن النائب انطوان سعد (المستقبل) رأى الحشد القواتي الكبير أغاظ فرنجية ورئيس تكتل التغيير والاصلاح ميشال عون، داعيا لانتظار الانتخابات النيابية لتحديد الممثل الحقيقي للمسيحيين.
بيد أن النائب سليم سلهب (كتلة عون) رأى ان سمير جعجع حاول ايجاد مخرج لنفسه بالاعتذار لكن هذا الطرح ليس فعالا فهو اعتذر بالمطلق ولم يتحدث عن اسباب المشاكل التي اعتذر بسببها. كما أيد طرح سليمان فرنجية باجراء مصالحة مسيحية – مسيحية برعاية رئيس الجمهورية.
من جهته، الوزير السابق سليمان فرنجية اشاد بوعي القيادات الدرزية في الجبل مما جنبها المزيد من الدم والفتن وأعادها الى الوحدة الحقيقية وقال: لو تحلى القادة المسيحيون بمثل وعي طلال أرسلان وجنبلاط لجنبنا الكثير مما نحن فيه الآن.
فرنجية كان يتحدث في استقبال الوزير طلال أرسلان الذي جاءه معزيافي بنعشي.
عودة السنيورة من العمرة
في غضون ذلك، عاد رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الى بيروت فجر أمس الثلاثاء، بعد زيارة الى السعودية التقى خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز وأدى مع عائلته مناسك العمرة.
الصفحة في ملف ( pdf )