رد المرشح الديموقراطي باراك اوباما امس على اتهام حملة منافسه الجمهوري له «بمصادقة ارهابيين»، بتسليط الضوء على تورط جون ماكين في فضيحة مالية هزت البلاد في ثمانينات القرن الماضي.
وقبل اقل من شهر من الانتخابات الرئاسية في الرابع من نوفمبر، احتدمت الحملة الانتخابية حين صعد ماكين اللهجة ساعيا لردم الهوة المتزايدة بين المرشحين في استطلاعات الرأي، بينما يثير الوضع الاقتصادي الاميركي مخاوف كبرى لدى الناخبين.
وقبل المناظرة التلفزيونية الثانية بين المتنافسين والمقرر إجراؤها اليوم، بث اوباما اعلانا جديدا ورسائل الكترونية ذكر فيها بتواطؤ ماكين في فضيحة حول الثري تشالز كيتينغ الذي ادى انهيار مؤسسة ادخار وقروض كان يملكها الى تبخر مدخرات العديد من المتقاعدين المسنين.
وكان ماكين عندها عضوا في مجموعة من اعضاء مجلس الشيوخ عرفت بمجموعة «خمسة كيتينغ» تلقت هدايا وخدمات من رجل الاعمال الذي ادخل السجن وتدخلت لدى الهيئات الضابطة للاقتصاد للتأكيد على ان شركته بوضع صحيح وجيد.
فضيحة
ونجا ماكين آنذاك من الفضيحة بلوم رسمي من مجلس الشيوخ عام 1991 لكنه تكلم عن الارباك الذي اثارته القضية التي كلفت الادارة 124 مليار دولار لانقاذ قطاع المدخرات والقروض برمته الذي كان مهددا بتفاعلاتها وتحول بعد ذلك الى داعية لاصلاح الاقتصاد وادخال مبادئ اخلاقية اليه.
وقال ديڤيد بلوف مدير حملة اوباما في رسالة الكترونية الى المؤيدين «هل تذكركم هذه القضية بشيء؟» بعدما صادق الكونغرس الاسبوع الماضي على خطة بقيمة 700 مليار دولار لانقاذ وول ستريت.
واضاف «حاولت حملة ماكين تجنب الحديث عن الفضيحة، لكن التذكير بماضي ماكين مع كيتينغ يفرض نفسه لما تحمله تلك القصة من نقاط شبيهة مع الازمة الحالية ومن حق الناخبين ان يعرفوا الوقائع ويتحققوا بانفسهم من سوء تقدير جون ماكين».
وكانت مرشحة ماكين لنيابة الرئاسة ساره بالين اطلقت شرارة هذه المعركة الاخيرة عندما اتهمت اوباما السبت الماضي بـ «مصادقة ارهابيين» وقالت في لقاء مع مؤيدين ان المرشح الديموقراطي «ليس رجلا يرى اميركا مثلما نراها انا وانتم، قوة الخير العظمى في العالم» وتضمن هذا الكلام تلميحات الى ان اوباما، اول اسود يحظى بفرصة فعلية في الدخول الى البيت الابيض، لا يشبه المواطن الاميركي العادي الابيض.
غير ان فريق ماكين نفى اي خلفية عنصرية لحملته مؤكدا ان المقصود بهذا الكلام ان اوباما ليبرالي بعيد عن قيم قلب اميركا وغير مؤهل لتولي قيادة البلاد.
غير قانوني
وفي تصعيد جديد اعلنت اللجنة القومية في الحزب الجمهوري امس الاول انها ستتقدم بشكوى امام اللجنة الانتخابية لدرس مسألة تمويل معركة المرشح الديموقراطي الى البيت الابيض.
واوضح مسؤولو الحزب الجمهوري ان اوباما قبل مساهمات لا يقرها القانون الانتخابي الاميركي وخصوصا من اجانب.
واوضحت اللجنة القومية التي تستند على مقالات صحافية ان مؤسسة «اوباما من اجل اميركا» المكلفة تنظيم حملة المرشح الديموقراطي جمعت اموالا من مساهمين اجانب، من نيجيريا مثلا، حيث تجري تحقيقات حول اقتطاعات مالية من اجل اوباما.
ويؤكد الجمهوريون الذين يستندون الى تقرير اللجنة الانتخابية ان مؤسسة «اوباما من اجل اميركا» قبلت مساهمات «كبيرة».
وقال المسؤولون الجمهوريون في بيان للصحافيين «نعتقد ان المساهمات تخطت كثيرا الاطار الذي يسمح به القانون الانتخابي وانه يتوجب على اللجنة الانتخابية ان تجري تدقيقا حسابيا لجميع المساهمات التي تلقتها مؤسسة اوباما من اجل اميركا وان تفرض العقوبات المناسبة».
وفي نفس السياق قال «تاكر باوندز» المتحدث باسم ماكين ان ايرس الذي عمل استاذا جامعيا كان ضمن شبكة من شيكاغو تضم الثري انتوين «توني» ريزكو الذي ادين في الماضي بتهمة الاختلاس والذي كان من كبار جامعي الاموال لاوباما.
وتابع «ان الاسابيع الاربعة الاخيرة من هذه الانتخابات ستدور حول ما اذا كان الشعب الاميركي مستعدا لتسليم اقتصادنا وامننا القومي الى باراك اوباما، الشخص الذي له حصيلة هزيلة وتقدير للامور مشكوك فيه وارتباطات برموز راديكالية مثل الارهابي المحلي وليام ايرس الذي لم يأسف على ما قام به».
معايير الشفافية
في المقابل رد «بيل بورتون» المتحدث باسم باراك اوباما ببيان جاء فيه «تخطينا معايير الشفافية بكشفنا اسماء الذين جمعوا الاموال والمبالغ التي جمعت».
واضاف من جهة اخرى، انه بموجب اللجنة الانتخابية يتوجب على حملة ماكين ان تعيد2.1 مليون دولار الى مساهمين بسبب انتهاكات للقانون الانتخابي.
واوضح انه في اغسطس الماضي، كان يتوجب على حملة ماكين ان تعيد 50 الف دولار من الهبات قدمها الاردني «مصطفى ابو نبعة».
وفي سياق رد اوباما على هذه التهم خرج اعلان تلفزيوني جديد سلط الضوء فيه على سلوك ماكين «المرتبك» في خضم المعركة التي دارت الاسبوع الماضي في الكونغرس حول خطة انقاذ القطاع المصرفي.
وشدد الاعلان على تصريح «غريغ ستريمبل» كبير مستشاري ماكين بان الحملة الجمهورية «تتطلع لطي صفحة هذه الازمة المالية» للتركيز على «سجل اوباما المسرف في الليبرالية».
وقال «سناتور ايلينوي» انه لن يقع ضحية حملة التعرض الشخصي نفسها التي ادت الى هزيمة الديموقراطي جون كيري امام الرئيس جورج بوش في انتخابات 2004.
وتساءل ساخرا «نواجه اسوأ ازمة منذ الركود الكبير ويريد منا ماكين ان نطوي صفحة المسائل الاقتصادية؟».
وقال اوباما متوجها الى حشد من 28 الف مؤيد امس الاول في «اشفيل بولاية كارولاينا الشمالية» «يفضلون النيل من حملتنا على النهوض بهذا البلد هذا ما تفعلونه حين تفقدون التواصل وتفتقرون الى الافكار والوقت».
واكد في المقابل انه يعتزم التركيز على المسائل الحياتية التي تهم الناخبين بما في ذلك ازمة الضمان الصحي، في وقت يواجه الاقتصاد الاميركي خطر الانكماش ولاسيما على ضوء احصاءات اخيرة اشارت الى الغاء 760 الف وظيفة حتى الآن هذه السنة.
وفي ظل الازمة المالية الحالية التي تهدد «وول ستريت» والاميركيين العاديين، تشير استطلاعات الرأي الى تقدم اوباما على المستوى الوطني وفي ولايات اساسية مثل فلوريدا واوهايو وبنسلفانيا.
الى ذلك كشف استطلاع جديد للرأي ان الناخبين الأميركيين المسجلين يفضلون المرشح الديموقراطي للرئاسة الأميركي باراك أوباما على المرشح الجمهوري جون ماكين ما أعطاه تقدما بسبعة نقاط على منافسه.
وأظهر استطلاع أجراه معهد «غالوب الأميركي» ان 52% من المستطلعين يؤيدون أوباما في حين يفضل 44% ماكين.
وعكست نتيجة الاستطلاع خلال يومين كاملين من التصويت إثر المناظرة التلفزيونية بين المرشحين لموقع نائب الرئيس الجمهورية سارة بالين والديموقراطي جون بايدن.