بيروت – اتحاد درويش
فيما تخيم على المشهد اللبناني حال من الاسترخاء السياسي، يبقى هاجس الانتخابات النيابية هو الطاغي، فالقوى المعنية بدأت الحديث عن الاحجام والارقام والتحالفات والنتائج التي تعتقد انها ستحدد مصير لبنان، حيث يرى كل فريق ان الفوز سيكون الى جانبه، فان الانتخابات المقبلة تكتسب أهمية خاصة من دون أدنى شك لما لنتائجها من تأثير على لبنان.
وفي خضم هذه الصورة جاء اقرار التبادل الديبلوماسي بين لبنان وسورية، في وقت تستمر المساعي لاستكمال المصالحات التي توجت ليل الاحد ـ الاثنين بلقاء بين رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري وأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، وبناء عليه تبقى التساؤلات مطروحة حول اللقاء المحتمل بين النائب الحريري والسيد نصرالله، وبين حزب الله ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ورئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط.
القناعات المشتركة
هل تتوقع معركة انتخابية حامية بين 8 و14 آذار (مارس) ام ان المصالحات ستنتج تحالفات انتخابية، خصوصا بينكم وبين تيار المستقبل؟
ان المصالحات التي تجري هي استئناف للتواصل المباشر الذي انقطع فترة طويلة بين الاطراف في المعارضة والموالاة، ولابد بعد هذه القطيعة ان يعاد التواصل المباشر لنرفع التوتر من الشارع ونستمع الى بعضنا البعض بشكل هادئ ونناقش وجهات النظر، وليس ملزما أي طرف ان يتخلى عن مواقعه السياسية ولا عن قناعاته، والتحالفات تبنى عادة على اساس قناعات مشتركة، ومصالح مشتركة، فريثما تتوافر هذه القناعات المشتركة يصبح الحديث عن التحالفات امرا طبيعيا، اما الآن فليس هناك ما يدعو الى تغيير التحالفات ولا حتى الى تغيير المواقع، مادام ان الحوار المباشر مازال في بداياته.
ماذا عن باقي خطوات المصالحة باتجاه الحزب التقدمي الاشتراكي؟
مادام ان التواصل المباشر على المستويات الميدانية والسياسية قد بدأ مع الحزب التقدمي الاشتراكي واثمر خطوات ايجابية على الارض فلا شيء يمنع من رفع هذا المستوى وتعزيز الحوار الصريح بين قيادتي الطرفين، وصولا الى انضاج الظروف المناسبة سياسيا وعمليا للقاء يجمع الاستاذ وليد جنبلاط مع سماحة الامين العام السيد حسن نصرالله.
قيل إن النائب وليد جنبلاط يفضّل ان يكون اللقاء مباشرة مع السيد نصرالله وليس مع وفد حزب الله برئاستكم، ما صحة هذا الامر؟
ان اللقاء بين السيد نصرالله والنائب جنبلاط لم يطرح بعد، لا من قبلنا ولا من قبل الحزب التقدمي الاشتراكي، وهناك كلام اعلامي كثير.
هل معنى ذلك ان اللقاء بين وفد حزب الله برئاستكم وجنبلاط سيحصل؟
ان فكرة اللقاء هذه قد تم التوافق عليها، لكن تم التأجيل لأسباب يقدرها مضيف اللقاء الامير طلال ارسلان، عندما نتبلغ منه استعداد الطرف الآخر لهذا اللقاء ويتحدد الموعد نحن ليس لدينا اي مانع، وكما قلت ان التواصل قائم بيننا وبين الحزب التقدمي الاشتراكي.
مصالحات صعبة ومعقدة
ما تقييم حزب الله للمصالحات الجارية على امتداد الساحة اللبنانية والتي كما يبدو يخضع بعضها لاختبارات صعبة تتهمون بعرقلتها؟
اذا كان هدف المصالحات هو استئناف التواصل المباشر، فمن يباشر هذه المصالحات عليه ان يهيئ المناخات المواتية للتواصل المباشر، وكل مصالحة بين طرفين لها خصوصيتها ولها سياقها ايضا، هناك مصالحات سهلة، وهناك مصالحات صعبة ومعقدة وعلى الجميع ان يقوم بالدور المطلوب منه لتسهيل المصالحات المطلوبة من اجل تعزيز الاستقرار في هذه المرحلة، لا احد يطلب من المتصالحين ان يغادروا موقعهم السياسي، ولا أحد يطلب من المتصالحين ان يتجاوزوا كرامات الآخرين لمجرد ان المصالحة مطلوبة.
هناك مصالحات نحن لا نريد التدخل فيها، لكن نشجع عليها ونحفز الاطراف المعنيين بأن يسهلوا ويقوموا بالمستلزمات التي تفضي الى تحقيق تلك المصالحات.
فترة للمراجعة والتهدئة
كيف ترى صورة المشهد السياسي القائم اليوم بعد اتفاق الدوحة، مع الاشارة الى ان الحديث عن سلاح المقاومة قد تراجع نسبيا، فما توصيفك للواقع الراهن مع وجود حكومة الوحدة الوطنية؟
هناك توازنات جديدة في الحكومة تمنع حصول اتجاهات لا تتلاءم مع الجو التوافقي، وخصوصا في القضايا المصيرية للبلد، وهناك فترة تهدئة يحتاجها كل الفرقاء وتفرضها المناخات المطلوبة للانتخابات النيابية المقبلة أيضا.
لا شك في أن الظروف الاقليمية والدولية وهي ظروف انتقالية في الادارات الرئيسية في العالم، وظروف الكيان الصهيوني الذي يشهد تحولا في اداراته السياسية يسمح بمراجعات سياسية لكل الاطراف، هذه الفترة في الحقيقة هي فترة للمراجعة والتهدئة، ونأمل ان تستمر وينجز لبنان انتخاباته النيابية وتتشكل حكومة تعبر عن توازنات البلد وفق التمثيل الذي يفرزه الانتخاب.
صلاحيات نائب رئيس الحكومة
ألا ترى ان الوضع الحكومي يهتز كلما جرى طرح صلاحيات نائب رئيس الحكومة؟
في الحقيقة، بعدما اطلعنا على موقف نائب رئيس الحكومة عصام ابوجمرا كل ما يريده هو طرح موضوع النظام الداخلي لمجلس الوزراء على جدول اعمال الحكومة، يجب ان يكون هناك حوار جدي وهادئ بين رئيس الحكومة ونائب الرئيس، وداخل مجلس الوزراء حول كل القضايا، ولا نرى مبررا للكيدية في تناول الموضوعات، عندما تطرح الامور بمنطقية يمكن ان يتوصل الجميع الى العلاج المناسب.
كان هناك كلام لرئيس الحكومة فؤاد السنيورة عن ان حزب الله أخطأ في خطف الجنديين الاسرائيليين ولم ينتصر في حرب يوليو 2006.
بالنسبة لشخصية الرئيس السنيورة، نحن لم يفاجئنا خطابه ولا التوقيت الذي طرح فيه مثل هذا الكلام، لكننا نضع الامر وراء ظهرنا لأن السياق العام الذي تنحو فيه البلاد، هو سياق آخر مختلف.
بداية سياق جديد
في الجانب المتصل بإقرار العلاقات الديبلوماسية بين لبنان وسورية، في رأيك ما العوامل التي دفعت الجانب السوري الى اعلان هذه الخطوة؟
اولا ان اقامة العلاقات الديبلوماسية بين البلدين لم تأت نتيجة طلب لبناني، وانما أتت نتيجة قناعة مشتركة من البلدين بضرورة اراحة الجو اللبناني – السوري واستئناف العلاقات الطبيعية الاخوية والمميزة بين لبنان وسورية، ورغم اعتقادنا ان ما بين لبنان وسورية يتجاوز الديبلوماسي واقامة سفارات متبادلة، لكن نحن نأمل ان تكون هذه الخطوة المهمة لاستئناف العلاقات المميزة بداية سياق جديد ومميز يحقق مصلحة الشعبين اللبناني والسوري ويحقق مصلحة البلدين، لا مصلحة للبنان في معاداة سورية، ولا مصلحة لسورية في ابقاء لبنان ينظر نظرة استعداء لسورية.
هناك من رأى في اقرار التبادل الديبلوماسي الذي جاء بعد تصريحات الرئيس السوري عن متطرفين في شمال لبنان وكأن سورية تسعى الى تنسيق أمني مع لبنان في هذه الخطوة؟
هذا القرار له سياقه الطبيعي، وانا سمعت شخصيا من الرئيس نبيه بري انه في آخر اجتماع للمجلس الاعلى اللبناني ـ السوري، في ايام الرئيس الشهيد رفيق الحريري أقر مبدأ إقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين، لكن التوترات التي حصلت خلال الفترة الماضية هي التي أخرت هذا الأمر، لا شك في أن جملة من التطورات سمحت الآن بتنفيذ هذا المبدأ وإحالته الى التطبيق تحقيقا لمصالح مشتركة بين البلدين، لا يزعم أحد بأن مثل هذا القرار انما هو قرار أسقط من فوق، وانما هو أتى في سياق تكاملي وتراكمي.
آثار معنوية كبيرة لزيارة عون لطهران
وماذا عن زيارة النائب ميشال عون الى إيران التي تم النظر اليها بسلسلة من المواقف المنتقدة خصوصا من جانب قوى 14 آذار (مارس)؟
لأن ما فعله العماد ميشال عون كان موقفا شجاعا وحكيما وأكد الأهمية الاستراتيجية لإيران في المنطقة، وهو خلاف السياق الأميركي المطلوب لإدارة شؤون المنطقة والذي يقوم على دعم الكيان الصهيوني على حساب مصالح دول المنطقة.
لكن البعض ممن انتقد هذه الزيارة الى طهران قال ان عون لا يمثل المسيحيين حتى يتحدث مع إيران باسمهم؟
ان زيارة العماد عون الى إيران لها آثار معنوية كبيرة بالنسبة للمسيحيين في لبنان وبالنسبة للبنانيين عموما، وأيضا تؤشر الى تحول ما لدى الرأي العام المسيحي الذي لم يعد يقنعه الضغط الاميركي والغربي لينساق وراء مشاريعهما الداعمة للكيان الصهيوني على حساب المصلحة اللبنانية والمصلحة العربية عموما.
ماذا تعني لكم زيارة رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع الى مصر؟
لا تعليق.
النائب جنبلاط كانت له زيارة ايضا الى مصر واطلق من هناك مواقف ايجابية تجاه سورية وايران، كيف تنظر الى مواقف جنبلاط في هذه المرحلة؟
هناك منحى جديد تعبر عنه تصريحات ومواقف النائب جنبلاط تدل على ان هناك مراجعة ذاتية للمرحلة الماضية، نحن من جهتنا نرحب ونشجع على هذا الامر ونعتقد ان زيارته الى مصر ليست جديدة وخصوصا ان المصريين بحسب معلوماتنا سيستقبلون عددا من المسؤولين اللبنانيين من مختلف الاطراف.
تردد ان مصر بصدد توجيه دعوة للسيد نصرالله هل هذا صحيح؟
ان المصريين ابدوا ترحيبهم بلقاء اي مسؤول في حزب الله في مصر وبحسب معلوماتي ان لا شيء في هذا الاتجاه، هناك ترحيب عام استقبال ولقاء اي مسؤول في حزب الله.