يبدو ان بذور الكراهية والعنصرية لم تندثر من نفوس الاميركيين اللذين يستعدون لاستحقاق انتخابي تاريخي بعد 6 ايام يرجح ان يأتي برئيس اسود لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة التي عانت مرارة حرب اهلية انتهت باعطاء السود حقوقا قانونية تساويهم بمواطنيهم من البيض.
فالمرشح الديموقراطي الاسود السيناتور باراك اوباما كان هدفا لمخططات اغتيال فاشلة آخرها اعتقال مخططين امس الاول يتفاخران بعرقهم الأبيض وتقديمهما للمحاكمة.
كما لم يسلم المرشحان على اللائحة الجمهورية لرئاسة اميركا من سلوكيات تثيرها مشاعر دفينة من الكراهية بين المتطرفين في المعسكر الديموقراطي.
مخطط الاغتيال
وفي تفاصيل المخطط لاغتيال اوباما جاء في شكوى جنائية تقدم بها «المكتب الاتحادي لمكافحة الكحوليات والتبغ والأسلحة النارية» أمس الاول أن رجلين اعترفا بأنهما خططا للسطو على متجر لبيع السلاح والشروع في «موجة قتل» داخل مدرسة غالبية طلابها أميركيون من أصل أفريقي في مقاطعة كروكيت بولاية تينيسي.
وذكر الضابط في المكتب الاتحادي بريان ويكس في شهادته المكتوبة أن دانيال كوارت (20 عاما) وبول شليسلمان (18 عاما) «أقرا أيضا باعتزامهما أن يكون هدفهما النهائي من العمل العنيف محاولة قتل أوباما».
وأعلنت وزارة العدل الأميركية أنه جرى توجيه الاتهام للمعتقلين المتعاطفين مع النازية والمتفاخرين بعرقهم الأبيض بعدما قالا إنهما خططا لاغتيال اوباما.
وضبطت الشرطة مسدسا بحوزة شليسلمان ولكن لا يبدو أنهما قطعا شوطا طويلا في مخططهما.
وألقي القبض على الرجلين في 22 أكتوبر الجاري بعد إطلاق النار على نافذة بإحدى الكنائس ورسم صليب معقوف (شعار النازية) ورسائل تدعو للتمييز العرقي على مقدمة سيارتهم.
وكان المتهمان قد التقيا قبل شهر على الانترنت وقالا إنهما تبنيا أفكار «قوة الجنس الأبيض» و«الرؤوس الحليقة».
بالين «مشنوقة» وماكين «يحترق»
كما أثيرت شكاوى بشأن تمثال لسارة بالين المرشحة الجمهورية لمنصب نائب الرئيس وهي مشنوقة كجزء من عرض لعيد القديسين (المعروف بعيد الهالويين او البربارة) لكن مسؤولين محليين قالوا إن حقوق حرية التعبير تحمي مالك المنزل.
وكان التمثال - الذي ألبس ليشبه بالين حاكمة الاسكا بتسريحة شعرها ونظارتها الطبية المميزة - يتدلى مشنوقا من إفريز منزل في وست هوليوود الشهيرة بالليبرالية.
وعلى سطح المنزل نصب تمثال لماكين يبرز من المدخنة وهو محاط بألسنة اللهب ويمسك رأسه كما لو أنه احترق حيا.
وقالت هيلين جوس المتحدثة باسم وست هوليوود: «تلقينا بعض الاتصالات الهاتفية هذا الصباح تشتكي بسبب ذلك لكن إذا كان مالك المنزل لا يخرق القانون المحلي فليس لدينا سبب لكي نستدعيه».
وقالت جوس إن «الناس لديها حقوق التعديل الدستوري الاول في حرية التعبير».
وأضافت «اعتقد انه إذا كانت التماثيل ضمن عرض لعيد القديسين فانها هجاء سياسي».
وأبلغ تشاد مايكل موريسيت مالك المنزل محطة تلفزيونية محلية أن العرض يجب أن ينظر إليه باعتباره «فنا» في عيد القديسين وقال إنه من المرجح أن يشعر جيرانه بمزيد من الاهانة من خلال مشهد مماثل يعرض تمثالا لاوباما.
وقال موريسيت: «أعلم أننا إذا كنا عرضنا اوباما فان الناس كانوا سيقذفون أشياء عبر نوافذنا».
وأوضح أن «صورة رجل أسود مشنوق أشد قوة من صورة امرأة بيضاء مشنوقة بالنسبة لبلدنا، لتاريخ بلدنا».
وتشتهر وست هوليود بالتعداد الضخم من المثليين وسياساتها الليبرالية.
وتستضيف استعراضا ضخما ومثيرا في الخلاء في عيد القديسين كل عام.
ومنذ إدراجها على بطاقة ترشيح مكين تعرضت بالين - التي ينظر إليها باعتبارها محافظة بدرجة أكبر من زميلها المرشح لمنصب الرئيس -لانتقادات حادة من اليسار.
أوباما: أميركا أمة واحدة
وبعكس موجة الكراهية تلك، يعتقد 3 أرباع البريطانيين تقريبا أن الولايات المتحدة صارت مستعدة للقبول برئيس أسود في البيت الأبيض.
وجاءت هذه النتيجة في استطلاع أجرته مجلة «ريدرز دايجست» ونشرت نتائجه امس.
وقال أوباما «إنه لا توجد أميركا حمراء أو رزقاء بل أمة واحدة كبيرة»، مشيرا إلى أن هذا ما سيكون الامر عليه في حال انتخابه رئيسا.
وفي حال فوز أوباما في انتخابات الرئاسة الأميركية فسيكون أول أميركي أسود يفوز بها.
وهو متقدم على المرشح الجمهوري ماكين في استطلاعات الرأي.
وكشف احدث استطلاع لرويترز وسي - سبان ومعهد زغبي نشر امس ان أوباما متقدم بفارق 4 نقاط على منافسه في الاسبوع الاخير من حملة الانتخابات الأميركية.
وتمكن ماكين سيناتور أريزونا المخضرم من تقليص تقدم أوباما عليه الذي بلغ 12 نقطة وخفضه لأكثر من النصف خلال الخمسة أيام الماضية.
الاقتصاد نجم الانتخابات
ويبقى الاقتصاد الاميركي وتعافيه من الازمة المالية المستفحلة هاجس الناخبين الأساسي ونجم حملتي المرشحين بلا منازع.
وشن المرشحان هجوما متبادلا حول السياسة الاقتصادية للاخر وهما يتناطحان في اوهايو وبنسلفانيا مع بدء العد العكسي للانتخابات.
وبعد ان اظهرت استطلاعات الرأي تفوق أوباما حاول ماكين كسب بعض النقاط في الاقتصاد وظهر برفقة مستشارين اقتصاديين في فندق كليفند متعهدا باتخاذ خطوات سريعة لاستعادة الثقة المتراجعة في البورصة الأميركية والحفاظ على الممتلكات العقارية للأميركيين وتوفير فرص عمل في حالة انتخابه رئيسا.
وفي ديتون بأوهايو قال ماكين ان انتخاب أوباما سيضع 3 ديموقراطيين «خطرين» في سدة الحكم وهم المرشح الديموقراطي للرئاسة ونانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب والسيناتور هاري ريد زعيم الديموقراطيين في مجلس الشيوخ الذين سيحتاجون الى زيادة الضرائب لتوفير الأموال المطلوبة لخطط الانفاق الطموحة التي يتبنوها.
وفي بوتسفيل هاجم ماكين أوباما بسبب تصريحات اذاعية له عن اعادة توزيع الثروة ادلى بها قبل 7 سنوات.
واستغل ماكين هذه التصريحات ليتهم أوباما قائلا في سخرية: «السيناتور أوباما يخوض الانتخابات ليصبح رئيس هيئة اعادة التوزيع اما انا فأخوض الانتخابات لأصبح رئيس هيئة الأركان.
السيناتور أوباما يخوض الانتخابات ليوزع الثروة اما انا فأخوضها لخلق مزيد من الثروة. السيناتور أوباما يريد ان يعاقب الناجح اما انا فأريد ان اجعل الكل ينجح».
وصرح بيل برتون المتحدث باسم أوباما بان اتهام ماكين هو مجرد هجوم آخر «من هجماته الزائفة اليائسة التي فشلت طوال اشهر».
وحاول ماكين استعادة الارض التي خسرها في القضايا الاقتصادية خلال الازمة المالية الراهنة بينما يثق غالبية الأميركيين في أوباما فيما يتعلق باقتصاد البلاد.
تقدم ديموقراطي في أوهايو
أما أوباما فقد بدأ ما وصفته حملته «بمرافعته النهائية».
وفي كانتون بأوهايو وبيتسبيرج طلب أوباما من مؤيديه البقاء على حماسهم من اجل عودة الديموقراطيين للبيت الأبيض.
وقال: «ليس بوسعنا ان نخفف من سرعتنا او نتقاعس. نستطيع ان نفعل ذلك ولو ليوم واحد او دقيقة واحدة بل ثانية واحدة في هذا الاسبوع الاخير».
وأضاف «خلال اسبوع واحد، وهذه لحظة فاصلة في التاريخ، يمكنكم منح هذه البلاد التغيير الذي نحتاجه».
وبعد مرور 21 شهرا على مسيرته صوب البيت الأبيض التي «قربته كثيرا» من هدفه قال أوباما «ايماني بالشعب الأميركي تحقق».
وسعى كل من أوباما وماكين لحشد مؤيديهما التقليديين والتودد الى الناخبين الذين لم يحسموا امرهم بعد في بنسلفانيا واوهايو وهي ولاية لعبت دورا حاسما بالنسبة لفوز الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية لعامي 2004 و2000.
ولم يصل اي جمهوري قط الى البيت الابيض دون الفوز بولاية أوهايو.
وأظهرت الاستطلاعات تقدم المرشح الديموقراطي في أوهايو وايضا في عدد من الولايات الاخرى التي فاز بها الرئيس بوش في انتخابات عام 2004 مما يضع ماكين سناتور أريزونا الجمهوري في موقف حرج.