دمشق ـ هدى العبود
قال وزير الخارجية الإيراني منوچهر متكي امس إنه مكلف من القيادة الإيرانية بنقل تضامن الشعب والحكومة في إيران إلى الشعب والحكومة السوريين. وأضاف متكي أن زيارته إلى سورية «تأتي في إطار التشاور والتواصل المستمر بين البلدين والمسؤولين في إيران وسورية».
وقال وزير الخارجية الإيراني بعد لقائه كلا من الرئيس السوري بشار الأسد ونائبه فاروق الشرع في لقاءين منفصلين «إن إيران عبرت عن موقفها بمجرد شن الغارة الأميركية.. وأجرى الرئيس الإيراني أحمدي نجاد اتصالا هاتفيا بالأسد معبرا عن التضامن». وكانت طائرات أميركية قد أغارت الأسبوع الماضي على قرية السكرية التابعة لمنطقة البوكمال على الحدود العراقية - السورية، موقعة عددا من القتلى والجرحى في صفوف السوريين. وفيما ردت الحكومة السورية على ذلك بإغلاق المدرسة الأميركية والمركز الثقافي الأميركي، استمرت واشنطن في صمتها المطبق حول الحادثة. وقال الوزير الإيراني في مؤتمر صحافي مقتضب إنه «مكلف بنقل تضامن شعب وحكومة إيران إلى شعب وحكومة سورية، لشجب العدوان الأميركي والتنديد به».
الأسد: التهديدات لن ترهبنا
وتسلم الاسد رسالة من نظيره الايراني نجاد نقلها متكي خلال اجتماعه الى الرئيس الاسد. وذكر بيان رئاسي سوري ان الرسالة تتعلق بعلاقات الصداقة التي تربط سورية وايران وآخر المستجدات الاقليمية والدولية، لاسيما الهجوم الأميركي على الاراضي السورية والاوضاع في العراق ولبنان والاراضي الفلسطينية المحتلة. وقال البيان ان متكي عبر خلال الاجتماع عن ادانة واستنكار ايران للعدوان «الاجرامي» الأميركي على المدنيين الابرياء في البوكمال، مؤكدا وقوف بلاده «قيادة وشعبا» الى جانب سورية في مواجهة المخططات التي تستهدف سورية والمنطقة. واعتبر الاسد حسبما افاد البيان ان التهديدات والاستفزازات لن ترهب الشعوب العربية والاسلامية بل ستزيدها تمسكا بقضاياها المحقة.
واعرب الاسد لمتكي عن ارتياحه للتطور الكبير الذي تشهده العلاقات بين البلدين.
تعزيز الموقف السوري
كما أكد متكي أن «الهجمات التي استهدفت إضعاف سورية كانت نتيجتها العكس إذ أنها عززت الموقف السوري». وكشف أن محادثاته مع الأسد والشرع تناولت الموضوعات التي «تهم البلدين وخاصة الموضوعات ذات الاهتمام المشترك في المنطقة»، مشددا على أن الغارة الأميركية على سورية «كانت في صلب المحادثات». وكان بعض المحللين قد قال إن أحد أهداف الغارة الأميركية على سورية «قد يكون الضغط على سورية من أجل فك ارتباطها بإيران.
وأشار متكي إلى أن جهودا تبذل باتجاه «جامعة الدول العربية والمؤتمر الإسلامي ودول عدم الانحياز، من أجل الحيلولة دون استمرار وتكرار العدوان والغارات»، وأضاف أنه اتفق مع القيادة السورية على «متابعة الموضوع سياسيا وقضائيا وقانونيا».
الوجود الأميركي في العراق
وفي رده على سؤال حول الاتفاقية الأمنية المقترحة بين العراق والولايات المتحدة، قال الوزير الإيراني إن طهران تدعو إلى «ألا يكون العراق تحت الفصل السابع»، مطالبا الولايات المتحدة بعرض الاتفاقية على الشعب العراقي. كان متكي قد أكد لدى وصوله إلى مطار دمشق عصر امس دعم بلاده لسورية في مواجهة الغارة الأميركية على منطقة البوكمال السورية. وقال في تصريحات للصحافيين بالمطار: «نحن هنا للتواصل في دورة زياراتنا مع المسؤولين السوريين واستكمالا لما بحثناه في زيارات سابقة وتبادل وجهات النظر حول الأوضاع في المنطقة والمستجدات، ونعبر عن دعمنا لسورية في مواجهة الغارة الأميركية». ووصل متكي إلى دمشق يرافقه مدير دائرة الشرق الأوسط والخليج في الخارجية الإيرانية وكان في استقباله نائب وزير الخارجية السوري ومعاون وزير الخارجية أحمد عرنوس والسفير الإيراني بدمشق سيد أحمد موسوي.
يذكر أن آخر زيارة لوزير الخارجية الإيراني إلى سورية كانت في شهر يوليو الماضي. ويغيب وزير الخارجية السوري وليد المعلم عن اللقاء لسفره إلى مدينة مرسيليا الفرنسية لحضور اجتماعات «الاتحاد من أجل المتوسط». والتقى الوزير الايراني رئيس مجلس الشعب السوري محمود الابرش في لقاء ودي قبل ان يزور منطقة السيدة زينب مختتما زيارة رسمية استمرت بضع ساعات.
تنفيذ القرار السوري
وفي وقت سابق قالت مصادر مطلعة إن المدرسة الأميركية بدمشق تلقت امس بلاغا بوجوب مغادرة المدرسين الذين يحملون الجنسية الأميركية سورية خلال 48 ساعة. ويأتي ذلك ضمن حيثيات القرار الذي كانت اتخذته الحكومة السورية الذي نص على إغلاق المركز الثقافي والمدرسة الأميركية بدمشق. وكان بعض الأهالي تحدثوا امس عن تطبيق الإجراءات التي اتخذتها سورية على أرض الواقع في المدرسة الأميركية في دمشق حيث طلب من الطلاب مغادرة المدرسة قبل نهاية الدوام الرسمي. وكان قرار الحكومة السورية بإغلاق المؤسستين الأميركيتين بدمشق قد أعطى مهلة إلى السادس من الشهر الجاري لاستكمال عملية توقف وإغلاق عمل المنشأتين الأميركيتين.
«لا صحة لخبر سحب السفراء»
إلى ذلك، أكد القائم بالأعمال العراقي بدمشق حسن السوادي حرص العراق على العلاقات الثنائية بين بغداد ودمشق. وقال الديبلوماسي العراقي إن الأزمة التي نشبت بين البلدين في الأسبوع الماضي اثر الغارة التي نفذتها الولايات المتحدة داخل الاراضي السورية كانت حدثا عارضا.
وكشف السوادي عن ان وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري اتصل بنظيره السوري وليد المعلم لتلافي أي أزمة بين الجانبين. وتمنى القائم بالأعمال العراقي عودة العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها، مشيرا إلى أنه ينتظر التفسير العراقي الرسمي حول ما حصل في «البوكمال» على الحدود بين البلدين لإيضاح ملابسات ما حصل للجانب السوري. وأشار السوادي إلى أن الزيارات الرسمية بين البلدين مستمرة لكنه لم يتبلغ عن موعد محدد لزيارة وزير الخارجية العراقي لدمشق قريبا، لكنها «يمكن أن تتم في الوقت المناسب».
وعما ذكرته بعض وسائل الإعلام عن خطوة لسورية تقضي بسحب سفيرها في بغداد احتجاجا على الغارة الأميركية في البوكمال، نفى القائم بالأعمال العراقي صحة هذه المعلومات.
وقال: «لقد تبلغنا رسميا قرار مجلس الوزراء السوري الذي قضى بتأجيل اجتماع اللجنة العليا السورية ـ العراقية والذي كان من المقرر انعقاده في الثاني عشر من الشهر الجاري، لكننا لم نتبلغ أي إجراءات سورية أخرى رسميا، والعلاقات قائمة ومستمرة على الصعيد الديبلوماسي ولا شيء صحيح فيما ذكر عن تجميد في العلاقات أو قطعها أو سحب للسفراء من البلدين».