بيروت
عمر حبنجر ـ داود رمال
أظهر العرض العسكري الذي أقامه الجيش اللبناني بمناسبة عيد الاستقلال الـ 65 في ساحة الشهداء، على رمزيته، جهوزية الجيش والقوى المسلحة التي مشت في العرض للتعامل مع التطورات، بما يخدم تعزيز مفهوم الدولة، ويدعم الاستقرار المهدد من تنظيمات وجماعات خارجية تمكنت من التسلل الى الداخل خلف برقع الاصولية والاسلام.
وشهد جمهور النخبة ممن حضروا العرض الى جانب الرؤساء ميشال سليمان ونبيه بري وفؤاد السنيورة، وبينهم الوزراء والنواب وكبار الضباط والموظفون فضلا عن السفراء العرب والاجانب للنظام المرصوص الذي حكم بمشية المجموعات الرمزية من مغاوير البر والبحر وقوات التدخل، والمكافحة اضافة الى فهود الامن الداخلي، وفي حين حلقت طائرتا هوكر هانتر في سماء العرض لأول مرة منذ ثلاثة عقود، تليها المروحيات، غابت الدبابات عن ساحة العرض بسبب انتشارها على مواقع محددة في هذا الوقت الامني المشحون، بينما اكتفي بعرض عدد من مدفعية الميدان وراجمات الصواريخ وناقلات الجند.
الوضع الأمني
والى جانب الاهتمام بالعرض العسكري الرمزي الذي لم يشهد حضورا، كما الامس، منذ بضع سنوات ورغم الطقس غير المستقر، كان الوضع في مخيم عين الحلوة للفلسطينيين في صيدا، في البال، والسؤال الذي مر على شفاه حضور العرض العسكري، ماذا سيحصل في مخيم عين الحلوة، ومتى يصبح عبدالرحمن عوض «الامير» المحلي لتنظيم فتح الاسلام في قبضة العدالة، ومن سيتولى من القوى الموجودة في المخيم أو حوله، حسم أمره، استجابة لمتطلبات السلم الاهلي اللبناني، والسلامة الامنية للمخيمات الفلسطينية.
واستنادا الى هذه المعطيات تزايدت الضغوط على الفعاليات الفلسطينية في مخيم عين الحلوة وخارجه، من اجل انهاء قضية المطلوب عبدالرحمن عوض، أمير «فتح الاسلام» الملتجئ الى احياء الاصوليين في المخيم، بأقل ما يمكن من الخسائر.
وتنظر اطراف لبنانية بقلق، الى احتمال استعمال العنف داخل المخيم، أو بين الداخل والخارج، خشية ان تتسبب المواجهات المرتقبة في اقفال طريق الجنوب، بدءا من منطقة سينيق، حيث البوابة الجنوبية لمدينة صيدا.
وتقول هذه الاطراف ان اقفال طريق الجنوب، نتيجة اشتباكات محتملة في اكبر مخيمات الفلسطينيين في لبنان، قد يستدرج حزب الله وقوى المعارضة الاخرى، الى مواقف لا يريدها، في حال تحول الوضع المتوتر داخل المخيم وحوله، الى مانع لوصول هؤلاء الى الجنوب، بدءا من محيط المخيم الواقع على الطرف الجنوبي للمدينة.
وتأمل اوساط لبنانية رسمية، ان يتوصل الوسطاء من فعاليات المخيم الى اقناع «عصبة الانصار» التي تقود الاصوليين في داخله بتقدير حراجة الموقف اللبناني الذي يريد تطبيق القانون على جماعات الارهاب، من دون اثارة تفاعلات تلحق الاذى بالمدنيين.
أبوماهر غنيم في بيروت
لكن في هذا الوقت، تستمر التحشدات الامنية والعسكرية حول المخيم، لتحفيز المطلوبين بداخله على التجاوب، وقد أفضى وجود أبوماهر غنيم مسؤول التعبئة والتنظيم في قيادة فتح، حاملا توصية الرئيس محمود عباس بمعالجة الانقسام الحاصل داخل فتح – لبنان، الى جمع عباس زكي وسلطان ابوالعينين في مقر «السفارة الفلسطينية» في بيروت، على قاعدة التوحد الفتحاوي في مواجهة حماس والفصائل المتحالفة مع سورية وايران، والساعية الى سحب الورقة الفلسطينية في لبنان من يد السلطة في رام الله.
وبالتالي الامساك بها وفق ما استنتج المسؤولون اللبنانيون من جولة رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل مؤخرا في بيروت، والذي طالب خلالها بأن يكون كلام هذه الفصائل مسموعا من جانب السلطات اللبنانية، التي تقصر تعاملها التنسيقي مع الجانب الفلسطيني، على ممثلية المنظمة في لبنان بشخص عباس زكي، الذي عهد اليه محمود عباس بمتابعة شؤون الفلسطينيين في لبنان.
لكن عباس زكي وفي لقاءاته اللبنانية في اطار التأكيد والالتزام بالتفاهات الحاصلة مع الحكومة اللبنانية، مازال على قلقه ازاء تحركات بعض الفعاليات الفلسطينية المعارضة، وهو ابلغ مرجعا لبنانيا سابقا هذا الاسبوع، بأن فاروق القدومي المعارض الرئيسي في «فتح» لسلطة عباس يأتي متسترا الى لبنان، ويتم تسلمه بعيدا عن الضوء عند سلم الطائرة، من جانب مندوب احد الاحزاب النافذة حيث يلتقي امين سر فتح سلطان ابوالعينين «المتمرد» على ممثلية المنظمة في لبنان، وآخرين ثم يقفل عائدا من حيث أتى.
ويقول مصدر في عين الحلوة ان ابوالعينين نفسه يتحرك من مقره في مخيم الرشيدية واليه، بتغطية أمنية من مسؤول حزبي بارز، وهو كان حصل على البراءة من جرائم منسوبة اليه من جانب القضاء العسكري اللبناني، قبيل انسحاب الجيش السوري من لبنان.
خليفة عباس المحتمل
وقد عالج ابوماهر غنيم الخلافات الفتحاوية مؤقتا على الاقل، على ان تستكمل التفاهمات بدعوة اللواء سلطان ابوالعينين والعقيد خالد عارف للقاء «ابومازن» في رام الله.
العرض العسكري
ولفت المصدر الى ان «العرض العسكري» الذي نظمه عباس زكي في مخيم عين الحلوة وآثار لغطا لبنانيا، كان هدفه الرد على «المهرجانات الشعبية»، غير الحاشدة التي اقامها ابوالعينين في اعقاب تنحيته عن موقع امين السر العام وتمرده على هذا القرار.
وتنبه المصدر الى وجود ظاهرة جديدة في البقاع تتمثل في تجنيد عناصر فلسطينية متشددة لدى الفصائل المعارضة للسلطة الفلسطينية لقاء مرتبات شهرية ثابتة، لا تتعدى الحد الادنى للاجور في لبنان، البالغ 500 ألف ليرة لبنانية.
المراجع اللبنانية المعنية تراقب الوضع في مخيم عين الحلوة من المنظار الاقليمي، وهي مرتاحة الآن للموقف السوري المتحمس لانهاء ملف «فتح الاسلام»، الا انها ليست مطمئنة الى الخواتيم، في ضوء الانفلات الميليشياوي الحاصل، والذي من شأنه تمكين كل ذي غرض خبيث، من اشعال الفتن الأمنية في اي مكان من لبنان.
وحول ما ينشر من معلومات عن التحقيقات حول «فتح الاسلام» قال ان ذلك مرتبط بأبعاد استخباراتية ولا يؤثر على مجرى المحكمة الدولية التي باتت دولية بكل معنى الكلمة.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )