وصف وزير الري م.نادر البني عام 2008 بأنه عام الجفاف نتيجة قلة الهاطل المطري، وقال البني إن استخدام مخازين السدود لري المحاصيل الزراعية وتلبية الاحتياجات الأخرى هو ما أدى إلى اختناقات في عدة محافظات وعلى رأسها مدينتا دمشق وريفها.
وحسب مصادر وزارة الري ودراسات قام بها فريق ممول من الاتحاد الأوروبي فإن الميزان المائي في سورية سالب بنسبة 3104 ملايين متر مكعب سنويا، إذا ما أخذنا بالاعتبار نسبة الموارد المائية في سورية، والمقدرة بـ 14589 مليون م3 مقارنة بإجمالي الاستخدامات البالغة 19162 مليون م3.
ولعل ما زاد في تفاقم هذا الوضع هو التوسع في زراعة المساحات المروية والمعتمدة على المياه الجوفية والسطحية، والتي تضاعفت ثلاث مرات عما كانت عليه عام 1985 مما أدى إلى استنزاف القسم الأكبر من الأحواض المائية وانخفاض المنسوب المائي فيها وخروج آلاف الآبار من الخدمة بعد نضوبها.
وحسب دارسة الفريق الأوروبي فإن المساحات المروية لا تتوزع بشكل متعادل في المناطق، فهي تتركز في الغالب في محافظات الحسكة 34% وحلب 13% والرقة 12% وحماة 11% بينما دير الزور فهي 10%.
الأحواض المائية
كما أن التوزع حسب الاحواض يتركز في ثلاثة أحواض رئيسية، هي الفرات وحوض الخابور وحوض العاصي حيث تتركز نسبة 88% من الأراضي المروية، الأمر الذي أدى إلى استنزاف القسم الأكبر من الطبقات المائية في هذه الأحواض، وحسب مصادر في وزارة الزراعة فإن زيادة مساحة الاراضي المروية الى نحو 5.1 ملايين هكتار منها 180 ألف هكتار للقطن و847 هكتارا للقمح، هذا تعني مزيدا من استنزاف المياه الجوفية التي قد لا تتجدد اذا ما توالت سنوات الجفاف تباعا كما أدى الاعتماد على الموارد المائية واستنزافها إلى انخفاض مستوياتها في مناطق عديدة من سورية.
وقد رصد تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة لعام 2006 وضع الموارد المائية والسدود والينابيع والأنهار من الجهات المعنية، وأشار التقرير إلى تدهور كمي لعديد من الانهار الى درجة جفاف موسمي لبعضها مثل انهار بردى، الخابور، الاعوج، ومعظم الأنهار الساحلية وغيرها، كما تحولت بعض الأنهار إلى مصارف للمخلفات السائلة والصلبة والصرف الصحي، وقد زاد في حدة هذه الضغوطات تزايد معدلات النمو السكاني والتطور الاقتصادي والاجتماعي السريع الذي شهدته سورية في العقود الأخيرة وما رافقه من نشاطات بشرية أدت إلى الكثير من التغيرات في استعمالات الأراضي، الأمر الذي نجم عنه زيادة الطلب على الماء، ما أدى إلى ظهور نقص حتى في مياه الشرب التي انخفضت في المناطق الريفية في شمال شرق البلاد وخاصة في القرى التي تعتمد على مياه الآبار المحمية كمصدر وحيد لمياه الشرب وبينت مصادر وزارة الري أن الفجوة المائية الحالية الناجمة عن عدم قدرة الموارد على تلبية الاحتياجات تعكس تدني نصيب الفرد في سورية إلى دون خط الفقر المائي حيث لا تتجاوز حصة الفرد فيها 88 م3 سنويا، وهو اقل بكثير من حد الفقر الذي يحدده خبراء الأمم المتحدة بحدود 500 م3 للفرد في السنة.
ولم يقتصر تأثير الجفاف على الواقع المائي في المناطق الشمالية والشرقية فقط وإنما اثر على غيرها من المحافظات، ففي دمشق مثلا بدأت بوادر أزمة المياه تلوح في الأفق خاصة هذا العام 2008.
وتشير المعطيات انه لم يتعد المتاح من الموارد المائية في دمشق وريفها 450 مليون متر مكعب في حين بلغ الطلب للتزود بمياه الشرب والاستخدام المنزلي على مستوى 355 مليون م3 لا يكفي المتبقي 95 مليون متر مكعب للمتطلبات الأخرى إذ تزيد المساحات المروية في هذا الحوض والمخطط لها وفق رؤية وزارة الزراعة على 88 ألف هكتار وتحتاج إلى أكثر من 600 مليون متر مكعب لريها فيما لو استخدمت أفضل تقنيات الترشيد وفي ريف دمشق ادت موجة الجفاف وقلة الهاطل المطري هذا العام الى انخفاض مناسيب المياه الجوفية وخروج قسم كبير من الآبار من الخدمة حيث خرج نحو 750 بئرا من الخدمة من اصل 2000 بسبب الجفاف وارتفع العجز المائي إلى 150 الف م3 يوميا وأدى انخفاض معدلات الأمطار والهطولات الثلجية خلال السنوات الماضية إلى تراجع مياه السدود السطحية المخصصة لمياه الشرب وشح الينابيع في محافظة السويداء وتراجع غزارة بحيرة المزيريب المصدر الأساسي لخط جر المياه منها إلى مدينة السويداء إلى 6 آلاف متر مكعب يوميا من اصل 13 ألف متر مكعب باليوم.
صفحة شؤون سورية في ملف ( pdf )