عمر حبنجر - هدى العبود
استكمالا لجولته الشرق أوسطية التي خصصها للتباحث حول سبل وقف اطلاق النار في غزة، وصل الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي امس الى دمشق لبحث تداعيات الوضع في القطاع مع الرئيس السوري بشار الاسد، الذي دعا إلى وقف العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني ووقف إطلاق النار والانسحاب الفوري من أراضي غزة ورفع الحصار.
الاسد وفي مؤتمر صحافي مع نظيره الفرنسي قال إن «الوضع في قطاع غزة يشبه معسكر اعتقال جماعي يهدف إلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني».
وأضاف «إن العديد من المشاورات بين عدد من الدول المهتمة لإيجاد حل لهذه القضية طرحت قبل مرحلة العدوان الجوي وركزت على ضرورة وقف إطلاق النار لأهداف إنسانية من أجل إيصال المساعدات الانسانية ورفضتها إسرائيل بما فيها المقترحات الاوروبية».
وقف العدوان البربري
وأوضح أنه بحث مع الرئيس الفرنسي العديد من القضايا المرتبطة بهذا الموضوع لإيضاح الموقف السوري ورؤيته للحل والتي تتلخص في «ضرورة وقف العدوان البربري الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني ووقف إطلاق النار والانسحاب الفوري من أراضي غزة ورفع الحصار».
وأكد الرئيس السوري أن بلاده تعتبر ما يجري في قطاع غزة «جريمة حرب»، مضيفا أن منظمة العفو الدولية أصدرت تقريرا يفيد بأن إسرائيل تجاوزت بممارستها اتفاقيات جنيڤ.
وتابع «إن محور حديثي مع الرئيس الفرنسي تركز على ضرورة إيجاد حل سريع للمأساة الإنسانية في القطاع»، معربا عن ثقته بأن العدوان الإسرائيلي لن يتمكن من كسر إرادة الشعب الفلسطيني الذي يسعى إلى الوصول الى دولته المستقلة والانسحاب من أراضيه المحتلة، وأكد في الوقت نفسه استعداد دمشق للتعاون مع أي جهد مبذول في المنطقة لحل هذه الازمة.
قمة طارئة
وعن التحركات العربية والجهود الرامية الى وقف الاعتداء، اعلن الاسد ان الظرف القائم في غزة «قد يستدعي عقد قمة عربية بمن حضر»، مشيرا الى ان سورية لاتزال متمسكة بعقد قمة طارئة.
وقال ان «سورية لاتزال عند موقفها بالنسبة الى ضرورة عقد قمة عربية طارئة»، مضيفا ان سورية «كرئيسة وقطر كمستضيف للقمة تريان ان الظرف قد يستدعي عقدها بمن حضر».
وتابع الاسد «اذا لم يكن هذا الظرف مناسبا من اجل معالجة موضوع انساني وعسكري، فمتى يكون مناسبا؟»، مؤكدا ان «هذا غير مقبول».
وقال «نحاول ان نحقق نصابا لنصل الى قمة عربية ناجحة انما الظرف قد يستدعي انعقاد قمة بشكل ولو مصغرا، قمة بمن حضر ربما وهذا بحاجة الى التداول مع بعض الدول لنحدد الموقف منه»، مشيرا الى اتصالات تجري في هذا الصدد كان «آخرها امس الاول «بيني وبين امير قطر» الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني.
إشادة بالجهود السورية
بدوره أكد الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي عدم وجود حل عسكري في غزة مع الدعوة الى الوقف الفوري للعنف، مشيدا بالجهود المشتركة بين سورية وفرنسا من اجل السعي لحل النزاع في المنطقة.
ساركوزي أدان رد الفعل الاسرائيلي غير المتناسق، مؤكدا ان الحل يجب ان ترافقه ضمانات جدية لأمن اسرائيل مع وقف القذائف التي تستهدف المستوطنات، داعيا الى ممارسة الضغط على كل من اسرائيل وحماس لكي يسكت السلاح ويعود السلام.
واكد ساركوزي العمل الفرنسي الجدي للبحث عن مخرج للازمة مع كل الاصدقاء في المنطقة، مشيرا الى ان الحوار مع سورية ينبع من اهميتها، وموضحا ان العودة الى الوضع الاسبق غير مقبول من الجميع.
كما دعا الرئيس الفرنسي نظيره السوري الى «الضغط» على حركة حماس من اجل اعادة الهدوء الى قطاع غزة».
الضغط على حماس
وقال «على سورية ان تضغط على الافرقاء، لاسيما حماس لكي يعود السلام».
واضاف «انا مقتنع بأن سورية تستطيع تقديم مساهمة كبيرة في عملية البحث عن حل. الرئيس الاسد يمكن ان يلعب دورا. عليه ان يقنع حماس بأن يكون خيارها خيار العقل والسلام والمصالحة» بين الفلسطينيين.
بيروت التي كانت المحطة الوحيدة في زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي جعلتها ازمة الغزو الاسرائيلي لقطاع غزة المحطة ما قبل الاخيرة بعد ضمه مصر واسرائيل والسلطة الفلسطينية ودمشق للزيارة التي تحولت الى جولة شرق اوسطية.
وتعكس جولة الرئيس الفرنسي سباقا محموما بين الدبابات والديبلوماسية على ارض القطاع الذي يشكل اختزالا لميادين الصراع العربي ـ الاسرائيلي، وفيما يمثل الرئيس الفرنسي الجانب الاوروبي الداعي لتغليب منطق الديبلوماسية على منطق المدفع، من دون ان يبتعد عن وجهة النظر الاسرائيلية المتمحورة حول تغيير الواقع القائم في غزة ووقف اطلاق الصواريخ، يبرز الدور الاميركي الداعم لمنطق القوة الاسرائيلي الذي يستفز «عرب الاعتدال» قبل «عرب الممانعة»، ويهدد مع تتالي ايام القتل في غزة بامكانية فتح جبهات جديدة.
على ان ثمة عنصرين اضافيين طرحهما ساركوزي مع الرئيس اللبناني ميشال سليمان في بعبدا، الاول والاهم يتعلق بالمخاوف من فتح جبهة من جنوب لبنان باتجاه اسرائيل، والثاني يتناول تطور العلاقات اللبنانية ـ السورية، خصوصا تبادل العلاقات الديبلوماسية.
وقد لا يكون من باب المصادفة تسريب اسم الاديبة كوليت خوري، التي رشحتها دمشق لتكون اول سفيرة لسورية في بيروت، بعد صرف النظر عن مكرم عبيد السفير في مدريد، تبعا لقرب احالته إلى التقاعد، وكوليت حفيدة رئيس وزراء سورية الاسبق فارس خوري اللبناني الاصل.
وضمن هذا الاطار، يقع الاعلان عن تحديد السابع من يونيو موعدا لاجراء الانتخابات في يوم واحد، وقد ارتبط هذا الاعلان برغبة الحكومة في قطع الجدل حول ما اذا كانت هذه الانتخابات ستجري ام لا، قياسا على عدم الثقة بالاستقرار الاقليمي.
وواضح ان لبنان يواجه الآن خطرين، خطر تأجيل الانتخابات وخطر تعريض الاقتصاد للاهتزاز، وطبعا هذا مرتبط بارتدادات احداث غزة على الجنوب وعبره لبنان.
إشادة بدور سليمان
الرئيس ساركوزي انتقل من دمشق الى بيروت، حيث اجري له الاستقبال الرسمي في باحة القصر الجمهوري ثم دخل توا في محادثات مع الرئيس ميشال سليمان واركان الدولة اللبنانية.
وفي مؤتمر صحافي مختزل، قال الرئيس ساركوزي ان فرنسا صديقة جميع اللبنانيين، وهي تريد لبنان حرا ومستقلا، وأشاد في الإطار نفسه بدور الرئيس ميشال سليمان وجهوده آملا اجراء الانتخابات النيابية في الربيع المقبل بشفافية.
ولفت ساركوزي الى انه وبعد تفقده كتيبة بلاده العاملة في اطار اليونيفيل في الجنوب سيتوجه الى شرم الشيخ لاستكمال الحوار الذي بدأه اول من امس مع الرئيس حسني مبارك من اجل سلام غزة والاراضي الفلسطينية، مشددا على الدور الاساسي لمصر في هذا المجال، وقال انه تحدث هاتفيا مع مبارك «وسألتقيه هذا المساء» وبعد بيروت انتقل ساركوزي الى الجنوب لزيارة قوة حفظ السلام الفرنسية حيث اعلن من هناك ان اتفاقا لانهاء الهجوم الاسرائيلي على غزة «غير بعيد» واشار الى ان عودته الى شرم الشيخ للقاء الرئيس المصري حسني مبارك امس تعود لانه هناك املا صغيرا في اتفاق من هذا النوع.
ردود الفعل
وقد يكون اول رد فعل على جولة ساركوزي، وبالذات محادثاته في لبنان، من طرف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في احتفال اليوم الاخير من عاشوراء اليوم.
وكان نصرالله وصف ما يجري في غزة بـ «الحجة الالهية»، واشاد بما تقوم به الجماهير العربية وغير العربية من دعم لغزة، مؤكدا استمرار المقامة البرية في غزة ومعتبرا ان الانجاز الاسرائيلي الوحيد يتمثل بقتل النساء والاطفال العزل.
بدوره، اكد النائب العماد ميشال عون ان مصير غزة هو الانتصار دون اي شك، فيما مصير العدو الاسرائيلي الهزيمة، واعتبر عون ان الدول العربية التي تسمي نفسها معتدلة هي التي تعاند، وهاجم عون رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ولام الوزراء على عدم محاسبته، وبينهم وزراء المعارضة، وقد رد المكتب الاعلامي للسنيورة واصفا تصريحات عون بـ «رشقات القصف العشوائي».
من جهته، اعتبر رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع انه من غير المسموح لفريق لبناني بالتحكم في الدولة اللبنانية ومصير شعبها بمفرده.
وقال: لا مانع لدينا اذا اراد اي فريق طرح تصوره ورأيه الخاص شرط ان يطرحه على مجلس الوزراء.