بيروت ـ عمر حبنجر
14 فبراير يوم مضاء، في رزنامة السياسة اللبنانية، وفي كل نهار يحمل هذا التاريخ يستعيد اللبنانيون الصورة التراجيدية اياها صورة الجريمة المزلزلة التي خطفت من وجدانهم فرصة الامل في الغد الافضل.
14 فبراير نبع الحرية والسيادة والانعتاق، الذي تفجر بدماء الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومن واكبه على طريق الشهادة من وزراء ونواب ومرافقين او مواطنين من عابري السبيل.
والرئيس الحريري اغنية خالدة في ضمير الناس، بحسب النائب السابق محسن دلول، بل هو حالة لبنانية وعربية وعالمية مميزة، انه مازال في فكر العالم ممثلا بالمحكمة الدولية، وطبعا في فكر ووجدان العرب واللبنانيين، وتأكيدا في بال الجناة الذي ما فتئوا يحومون حول جريمتهم ويعيشون هاجس ضحيتهم ويلاحقون ارثه السياسي، ويطاردون الحقيقة التي تدل عليهم.
يقال ان الجمر لا يحرق الا في موضعه، ولو ان مثل هذا القول دقيق لما كان جمر اغتيال الشهيد الكبير ورفاقه يحرق في كل مكان في مجلس الامن الدولي كما في باريس ولاهاي وبعض العواصم العربية المعنية.
لقد شق الرجل طريق لبنان الى الحداثة والعلم والعمران، بهجة قوية وهامة عالية، ليضيء بدمه الهراق شعلة الاستقلال اللبناني الثاني، والارادة الحرة المزينة بغار الكرامة وعبير الوحدة الوطنية.
كان يعتبر الشباب زاد المستقبل، لذلك انصرف الى تعليم الكثيرين، ارقى الاختصاصات العالية، في زمن الجهالة والغضب الالهي، كان مثالا للتواضع الحي، مع الكره المباشر للعجرفة والتعالي، ولم تكن عظمته بقدراته وامكانياته وذكائه فحسب، انما ايضا بايمانه المطلق وانجازاته الاعمارية والانسانية، وفي انفتاحه على جميع الاديان والفئات والمناطق، وبعروبته الصافية المحصنة بقيم الوفاء والعطاء، والاعتذار عن الاسائة والغفران لمن اساء اليه، انه الغائب الحاضر ابدا.
يوم الوفاء ويوم الاختبار
اليوم الى جانب كونه يوم الوفاء لرجل لبنان العربي الشهيد، كما في عناوين الدعوة للمشاركة بذكراه، هو يوم اختبار تريده قوى 14 آذار اثباتا على ان قيمها السياسية المستمدة من رسالة وتراث الرئيس الحريري مازالت حية في ضمائر اللبنانيين، بل وقادرة على المحافظة على التركيبة السياسية اللبنانية التي خلفها وراءه، ولم تنجح مؤامرة اغتياله في زعزعتها ابدا.
وتراهن هذه القوى على حضور كثيف من الجبل والشمال والبقاع الاوسط وصيدا وبيروت التي ستكون مسرح الحدث السنوي، خصوصا في احيائها الحريرية الصافية، وقد تم زرع نحو نصف مليون مقعد بلاستيكي في الساحة الكبرى ومتفرعاتها.
الاحتفالات تبدأ في العاشرة من صباح اليوم السبت في ساحة الشهداء التي يطل عليها ضريحه العابق بأريج الورد الابيض على مدار السنة الى جانب اضرحة مرافقيه الذين استشهدوا معه.
إكليل من بري
وتوالى طوال اليومين الماضيين توافد الشخصيات لوضع الأكاليل على ضريح الشهيد، وفي هذا السياق اوفد رئيس مجلس النواب نبيه بري الامين العام لمجلس النواب وامين شؤون الرئاسة في مجلس النواب الى ضريح الرئيس الحريري، حيث وضعا باسمه اكليلا من الزهر.
واتخذت قوى الامن الداخلي اجراءات امنية مشددة في محيط ومداخل ساحة الشهداء، بينما اصدرت وزارة الدفاع قرارا بوقف مفعول رخص حمل السلاح اعتبارا من امس وحتى غد الأحد ضمنا.
وقد اكتملت التحضيرات في ساحة الشهداء لاستقبال الحشود الجماهيرية عصر امس، وجرى تجهيز الاعلام واليافطات والصور فضلا عن حافلات نقل الركاب في المناطق.
وعشية هذه الذكرى، اكد رئيس كتلة المستقبل وحامل رسالة والده على الثقة بالمحكمة والعدالة الدوليتين وعلى التمسك بالسلم الاهلي في لبنان، وتبلغ دعما من الرئيس الاميركي باراك اوباما للبنان ولانطلاقة المحكمة على المستويين السياسي والمادي، كما تلقى اتصالا من وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بالمعنى ذاته.
فرنسا تؤازر المحكمة
كما اكد وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير ان بلاده تأمل «اكثر من اي وقت مضى» مثول قتلة الحريري امام المحكمة الدولية الخاصة من اجل لبنان.
دوقال كوشنير ان «فرنسا تدعم بدء هذه المحكمة اعمالها في الاول من مارس وسوف تؤازرها»، مجددا التأكيد على تمسك فرنسا بـ «وحدة لبنان واستقلاله وسيادته ووحدة اراضيه».
واكد ن بلاده تأمل ايضا في «استمرار مناخ الحوار والتفاهم السائد منذ اتفاق الدوحة في 21 مايو 2008 بغية اجراء الانتخابات التشريعية في 7 يونيو في مناخ من الاستقرار واحترام المعايير الديموقراطية».
هذا واوضح الحريري الابن، في لقاء تلفزيوني، ان المشاركة في ذكرى 14 فبراير هي لنتذكر شهداءنا وما انجزته ثورة الارز، مشددا على ان جمهور العدالة والسيادة والاستقلال لن يتعب ومستمر في النضال.
وعلى صعيد المحكمة الدولية، ذكرت معلومات ان قضاة هذه المحكمة سيقسمون اليمين قريبا، وبعيد الافتتاح الرسمي لاطلاق المحكمة بين 1 و20 مارس، ولن يكشف النقاب عن اسماء القضاة حرصا على امنهم.
وتوقعت المعلومات ان يصدر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون تقريرا خاصا بانطلاقة المحكمة في 28 الجاري.
تأجيل البت في الموازنة
في موازاة ذلك، الموازنة اللبنانية العامة من تأجيل الى تأجيل بسبب تعقيدات مخاض ولادة موازنة «مجلس الجنوب».
وقد قفز مجلس الوزراء فوق هذا المطب من خلال تعيين الخميس المقبل موعدا جديدا لطرح مشروع الموازنة على مجلس الوزراء.
الرئيس ميشال سليمان شدد خلال الجلسة على ضرورة الاحتفاظ بالحد المعقول من التخاطب بين الوزراء مع اهمية حرية كل وزير في التعبير عن آرائه السياسية.
لكن بري لم ينتظر ما سيقرره مجلس الوزراء في جلسة الخميس المقبل حول الموازنة، وقد اعتبر في تصريح له امس ان حجب الاموال عن مجلس الجنوب مؤامرة حقيقية، متهما السنيورة باستخدام الامر للانتخابات ظنا منه ان الجنوبيين سينصرفون عن المقاومة، رافضا حصول مساومات.
وعلى صعيد ملف التنصت الذي ارجئ بته الى اجل غير مسمى، فقد شهدت جلسة اللجنة النيابية مشادات كلامية بين وزير الاتصالات جبران باسيل وبين النواب حول حجب المعلومات عن الاجهزة الامنية عندما ذكر قادة الاجهزة الامنية التواريخ التي طلب الى باسيل التعاون معهم فيها ولم يتعاون، رد باسيل بأنه أجاب عن كل ما طلب منه لكن النواب طالبوه بتحديد المواضيع والتواريخ، عندها قال انه ليس بوسع التحقيق الدولي المطالبة بمنطقة معينة او ارقام معينة، لأنه بذلك يكشف الاشخاص المعنيين بالملاحقة.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )