عواصم
عمر حبنجر ـ عاصم علي
انعقد مجلس الوزراء اللبناني أمس، برئاسة الرئيس ميشال سليمان في قصر بعبدا وعلى جدول اعماله 40 بندا ابرزها مذكرة التفاهم المطروحة بين وزارة العدل ومكتب المدعي العام للمحكمة الدولية في بيروت، وهو بند مرجأ من الجلسة السابقة بسبب تحفظات وزراء 8 آذار الذين يشكلون ثلث اعضاء الحكومة عليه.
وفيما كان اللبنانيون مشغولين بالسجال حول مذكرة التفاهم برز أمس إعلان بريطانيا استعدادها لاجراء محادثات مع حزب الله اللبناني، على رغم اعتباره منظمة «ارهابية» في الولايات المتحدة.
وفي حديث أمام مجلس العموم البريطاني، قال وزير الشؤون الخارجية بيل رامل، الرجل الثاني في وزارة الخارجية والكومنولث بعد ديڤيد ميليباند، إن الحكومة البريطانية ستسمح باتصالات «تختارها بعناية» مع الجناح السياسي في حزب الله.
واضاف «لقد اعدنا النظر في موقفنا».
معللا «على ضوء التطور الايجابي في لبنان وتشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها حزب الله، استطلعنا عن امكانية اجراء اتصالات» وقال ان «الاتصال بحزب الله أمر لا يمكن تفاديه كونه يشكل جزءا من الحكومة الوطنية اللبنانية».
وأكد حصول «اول لقاء» بين وفد من نواب حزب المحافظين الذي زار لبنان ووفد برلماني لبناني ضم عضوا من حزب الله موضحا ان الأمر يتعلق بـ «دفع حزب الله الى لعب دور بناء والتخلي عن العنف».
ولفت رامل الى أن الحكومة تبحث حاليا عن سبل بدء اتصالات مع الجناح السياسي بالحزب، رغم أن الحكومة البريطانية لم تجر أي اتصالات رسمية معه منذ عام 2005.
وقد أكدت الخارجية البريطانية أيضا أن السفيرة البريطانية في بيروت فرانسس غاي حضرت اجتماعا الشهر الماضي لنواب بريطانيين ولبنانيين بينهم واحد من كتلة «حزب الله».
وحض الجانب البريطاني كل الأطراف على «ضبط النفس» خلال العدوان الاسرائيلي في قطاع غزة.
وكانت الحكومة البريطانية حظرت الجناح العسكري لـ «حزب الله»، إلا أنها مازالت تميز بين العمل العسكري والنشاط السياسي المشروع للحزب.
إشارات إيجابية
الموقف البريطاني اكده لـ «الأنباء» المسؤول في الخارجية البريطانية باري مارستون في اتصال هاتفي وقال «قرار بلاده استئناف اتصالاتها مع الجناح السياسي لحزب الله اللبناني، واصفا اياه بأنه جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني اللبناني»، واوضح ان هذه الاتصالات «جزء من عملية تدريجية نريد منها بعث رسالة عن اهمية الانخراط السياسي»، وتأتي «في اطار تغييرات ايجابية على الساحة اللبنانية مثل تشكيل حكومة وحدة وطنية وانخراط حزب الله في الحوار الوطني، وهو ما تشجعه بريطانيا»، واشار مارستون الى ان قرار حظر النشاط العسكري لحزب الله لم يكن مرتبطا بنشاطه داخل الاراضي اللبنانية انما تدخل عناصره الى جانب مجموعات ايرانية في دعم ميليشيات عراقية في جنوب العراق، وشدد على ان بريطانيا ستشجع الحزب على التعاون مع المحكمة الدولية التي تمثل احدى اولوياتنا تجاه لبنان لإعطاء شعبه العدالة.
التأجيل
وبالعودة إلى الملفات الداخلية فقد أكدت مصادر أن الرئيس سليمان كان وراء تأجيل موضوع المذكرة حتى امس الخميس، كي يتسنى للمتحفظين اعداد ملاحظات مدروسة ورفعها الى وزير العدل ابراهيم نجار، لكن الاخير أكد أمس أنه لم يتلق أي دراسة او اتصالا بهذا الشأن من اي جهة لكن حزب الله وحركة أمل اوفدا المعاونين السياسيين للرئيس نبيه بري على حسن خليل وللامين العام للحزب الحاج حسين خليل الى بعبدا مساء امس الأول، حيث وضعا الرئيس سليمان في اجواء تحفظات المعارضة، التي حصرها الداعية فتحي يكن عضو 8 آذار في الفقرة الخامسة من المادة الثالثة التي تطلعت حرية اجتماع ممثلي المدعي العام الدولي بممثلين عن السلطات الحكومية والمحلية واستجوابهم في اي مكان وزمان، ويطالب المعارضون بتعديل هذه الفقرة لأنها تجعل البلد تحت وصاية المحكمة الدولية.
غير ان وزير العدل ابراهيم نجار اكد ان اي استجواب يجريه مكتب النائب العام الدولي سيكون بحضور ممثلين عن القضاء اللبناني. فيما شدد الوزيران خالد قباني وابراهيم نجار على ان مذكرة التفاهم لا تمس بالسيادة الوطنية.
مذكرة تنفيذية
وشدد الوزير نجار على ان المذكرة تنفيذية ومن اجل سرية التحقيق، وقال: ان الاتفاق المطروح هو بين مكتب المدعي العام الدولي ووزارة العدل، وهو بالتالي اتفاق تفصيلي تنفيذي تطبيقي، للاتفاق الاساسي المعقود بين الدولة والامم المتحدة، المبتغى منه تأمين السرية الفاعلة والحرية في اكمال التحقيقات من جانب مكتب المدعي العام.
واضاف: ان قاضي التحقيق العدلي يمكنه أن يستمع الى من يشاء، ولا يمكن حصر التحقيق في فئة معينة من اللبنانيين وكلنا سواسية امام القانون.
وزير الدولة خالد قباني وهو خبير قانوني، نفى أن تكون مذكرة التفاهم تمس بالسيادة الوطنية، وكرر القول ان اقرار المذكرة او عدم اقرارها سيان، لأن هناك مذكرة اساسية تنظم العلاقة، مؤكدا ان مكتب المدعي العام الدولي لن يستجوب احدا في غياب ممثل عن القضاء اللبناني.
انفتاح على النقاش
رئيس الحكومة فؤاد السنيورة عرض موضوع المذكرة مع عضو اللقاء النيابي الديموقراطي الوزير وائل ابو فاعور، الذي اكد الانفتاح على اي نقاش موضوعي للمذكرة دون خلفيات سياسية، لان هذه المحكمة محل اجماع وطني اولا، وثانيا لانها اصبحت حقيقة وامرا واقعا في عهدة القضاء الدولي وثالثا لان المذكرة المقدمة ليس فيها اي هدف سياسي.
رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري لم يمانع في تأجيل البحث في المذكرة أسبوعا آخر للتفاهم حولها. وقال في تصريح له امس: نريد ابقاء المحكمة الدولية بمنأى عن التجاذبات السياسية، وعن أي محاولات لجعلها موضع خلاف داخلي.
وقال ان المحكمة الدولية صارت واقعا قانونيا دوليا لا مجال للعودة عنه او التشكيك فيه وان اللبنانيين بمختلف مواقعهم السياسية يلتقون على هذه الحقيقة ويريدون للمحكمة ان تكون سبيلهم لاقرار العدالة وحماية لبنان من المسلسل الارهابي.
واضاف ان الجزئية المقترحة من وزارة العدل لا يجوز ان تشكل بابا لاثارة الغبار من جديد حول المحكمة، وندعو الى التعامل معها بالايجابية المطلوبة وبالنقاش المسؤول ونحن منفتحون على مناقشة المسائل القانونية الخاصة بمذكرة التفاهم ولا مانع حيال ذلك من ارجاء البت فيها الى جلسة لاحقة، المهم ان تنطلق عجلة المحكمة بعيدا عن المشاحنات السياسية.
الوزير خالد قباني لفت الى ان توقيع المذكرة او عدم توقيعها لن يؤثر على انطلاقة المحكمة، الا ان توقيعها بالاجماع يعكس النوايا.
المراقبون الديبلوماسيون في بيروت رأوا في اشكالية مذكرة التفاهم هذه اختبارا جديدا للتضامن الحكومي، الذي استطاع حتى الآن بفضل دراية رئيس الجمهورية ميشال سليمان تجاوز اكثر من اختبار بالحل التوافقي او بتعليق المشكلة المطروحة، وآخر موضوع خلافي علق في مشجب الانتظار، كان موضوع الموازنة العامة، وعلته موازنة مجلس الجنوب.
بيد ان الاجواء السياسية الداخلية، تميل اكثر نحو التهدئة، انعكاسا للتطورات الاقليمية الذاهبة في اتجاه التصالح، ومن المعطيات الدالة، توسع الانفتاح الجنبلاطي من دائرة حركة أمل والرئيس نبيه بري الى دائرة حزب الله، وهذا على الأقل ما تعنيه جولة وزير الاشغال العامة غازي العريضي على مشاريع الضاحية الجنوبية امس.
وهذه الجولة هي الأولى لمسؤول حكومي في الضاحية الجنوبية، وقد تفقد ميناء الأوزاعي للصيادين مستكشفا اوضاعهم.
العريضي وبعد زيارته مبنى مشروع «وعد» قام بجولة في الضاحية وتفقد مبنى الأمانة العامة لحزب الله الذي يعاد بناؤه، حيث حيا ابناء الضاحية على صمودهم وبطولاتهم، مؤكدا على ان تهتم الحكومة بجميع المناطق ولاسيما الضاحية الجنوبية التي هي منطقة لبنانية ولها حقوق وعليها واجبات.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )