في تحد للانتقادات الدولية المتزايدة بعد أن طرد 16 من منظمات الإغاثة، توجه الرئيس السوداني عمر حسن البشير إلى دارفور أمس للقاء حشود من أنصاره.
وفي خطوة تقود الاوضاع في اقليم دارفور الى المجهول، جدد البشير ـ من الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور ـ امس، رفضه قرار محكمة الجنايات الدولية باعتقاله وصعد المواجهة مع المحكمة بتهديد المنظمات غير الحكومية والسلك الديبلوماسي الاجنبي وقوات الامم المتحدة المنتشرة في السودان بالطرد اذا لم يحترموا القوانين الوطنية.
وقال البشير امام الآلاف من انصاره «اوجه رسالة لجميع البعثات الديبلوماسية والديبلوماسيين العاملين في السودان وقوات حفظ السلام الموجودة في السودان، انهم اذا تجاوزوا حدودهم فسنطردهم مباشرة».
أعنف هجوم
وشن من هناك اعنف هجوم على المحكمة الدولية، قائلا إن «المحكمة الجنائية الدولية وقضاتها ومدعيها وكل من يدعمها اسفل حذائي».
وتابع «قالوا لنا اذا تركتم المنظمات (غير الحكومية) تعمل فسنجمد المذكرة في مواجهة الرئيس، لكننا رفضنا ذلك»، مؤكدا انه لن يستجيب لأي ضغوط غربية، رافضا الاستسلام لقرار المحكمة الجنائية الدولية التي وصف قراراتها بأنها «سياسية وواقعة تحت تأثير الدول الغربية».
واذ رفض ما اسماه «الخضوع للعملاء والمستعمرين الجدد» أكد الرئيس السوداني «نمتلك الوسائل التي ندافع بها عن أنفسنا ضد الظلم والعدوان»، مؤكدا أن الأمر برمته يعد حملة استعمارية جديدة ضد السودان.
الاستعمار الجديد
وهاجم الرئيس السوداني الغرب والمنظمات التي تتستر بثوب العمل الإنساني، واصفا ما يحيكه الغرب بمحاولة استعمار بلاده من جديد، وقطع أن السودان بوصفه «أول دولة» نالت استقلالها لا يمكن أن يكون أول دولة يعاد استعمارها.
ومضى البشير قائلا «الجميع في السودان ضيف عزيز، ومن يخالف سنرده بقوه» واتهم المنظمات الغربية بأنها «عميلة»،، و«نحن لسنا محتاجين لها».
ورأى البشير أن تلاحم أهل دارفور يعد نصرة له ورسالة يرسلها لكل الأحرار في العالم أن ما يحيكه الغرب ضد السودان يعد حملة استعمارية جديدة.
من جانبه، اوضح وزير الدفاع السوداني الفريق الركن عبدالرحيم محمد حسين أن خارطة طريق السودان للخروج من أزمة قرار المحكمة الجنائية تبدأ بزيارة الرئيس البشير لإقليم دارفور.
وأعرب الوزير السوداني عن قلقه من تأثير قرار المحكمة الجنائية بشأن توقيف البشير على مفاوضات السلام التي من المقرر إجراؤها في قمة الدوحة نهاية الشهر الجاري.
وأوضح وزير الدفاع السوداني أن زيارة البشير إلى دارفور تأتي منسجمة مع خارطة الطريق التي وضعتها الحكومة للخروج من أزمة قرار المحكمة، معبرا عن اعتقاده أن البشير سيجد على الأرجح تأييدا شعبيا في دارفور، على الرغم من أن النزاع المسلح في هذا الإقليم هو الذي قاد إلى صدور مذكرة الاعتقال.
وشدد على أن زعماء القوى المعارضة التي حملت السلاح ضد الدولة، وباركت صدور القرار موجودة حاليا في ملاجئ سياسية في الخارج، فيما القوى الموجودة حاليا في الإقليم ترفض المساس برمز الدولة المتمثل في الرئيس.
وعبر وزير الدفاع السوداني عن قلقه من تأثير القرار على مفاوضات السلام المقررة في الدوحة نهاية الشهر الجاري.
وقال «إن قرار التوقيف صدر بهدف عرقلة مفاوضات الدوحة، ومن يقفون خلفه يعنون تماما إحباط جهود السلام القائمة فعلا، بل يريدون أيضا إهدار جهود قطر وكل الخيرين في حل مشاكل دارفور».
وكشف عن أن البشير سيذهب نهاية الشهر إلى قطر لتحقيق عملية السلام في مختلف أرجاء السودان.
وحول إمكانية وفاة مفاوضات الدوحة بين الحكومة والقوى المسلحة بعد صدور قرار الاعتقال، قال: «أخشى أن تكون مفاوضات السلام في الدوحة قد ماتت فعلا بعد قرار المحكمة، ومع ذلك سنبقى على التزامنا بالحضور والتفاوض، نحن ملتزمون بمواصلة المشوار في قطر وسنساند جهودها ولن نتوانى فيه مطلقا، ولن نسمح بوفاة جهود السلام على الأقل من جانب الحكومة».
قرار لا رجعة فيه
السودان الذي اكد على لسان وكيل وزارة الخارجية مطرف صديق أن تعاون منظمات الإغاثة مع المحكمة ثبت بالدليل و«لا رجعة فيه»، واجه نفي هذه المنظمات التي طردت وبينها أوكسفام وانقذوا الأطفال مساعدة المحكمة وحذرت من أن اغلاق برامجها سيكون له أثر مدمر على مئات الآلاف من السودانيين في دارفور وما وراءها.
وردا على قرار الخرطوم اسناد مهمة تغطية البرامج التي تركتها منظمات الإغاثة التي طردت الى المنظمات الحكومية بمساعدة منظمات الإغاثة الأجنبية والمحلية المتبقية، أصدرت الوكالات التابعة للأمم المتحدة العاملة في السودان بيانا اول من امس قالت فيه إنه يستحيل سد الفجوة الناجمة عن طرد منظمات الاغاثة التي تمثل معا ما يصل إلى 40% من العمليات الانسانية في دارفور.
وأضاف البيان «على الرغم من أن نحو 85% من المنظمات غير الحكومية الدولية تعمل في دارفور إلا أنه دون هذه المنظمات ستتوقف معظم عمليات الإغاثة فعليا».