اعلنت السلطات الجزائرية استرجاع الصندوقين الأسودين للطائرة الإسبانية المستأجرة لصالح شركة الخطوط الجوية الجزائرية والتي تحطمت الخميس الماضي، في منطقة غوسي بالقرب من مدينة غاو شمال مالي.
وتم نقل الصندوقين الأسودين إلى العاصمة المالية بماكو لمباشرة التحقيقات في حادث التحطم.
وقال وزير النقل الجزائري عمار غول «لقد استرجعنا الصندوقين الأسودين، أنا ووزيرا النقل والداخلية الماليان»، وعرض أمام الصحافيين الصندوقان، وأعلن مباشرة التحقيق مع الجهات المختصة».
وأكد الوزير غول أن الصندوقين الأسودين سيقدمان إلى مخبر مختص، لتحليلهما بالشراكة مع كل الأطراف المعنية بالحادث.
وسارعت الجزائر إلى استرجاع الصندوقين الأسودين، من القوات الفرنسية التي عثرت عليهما في مكان تحطم الطائرة، ردا على محاولة فرنسا نقل الصندوقين الى باريس، وهو ما أثار حفيظة السلطات الجزائرية وانتقادات حادة في وسائل الإعلام الجزائرية، خاصة أن الجزائر هي الطرف المعني الأول بالحادث كون الرحلة الجوية المعنية بالحادث تقع على عاتقها.
أثار حادث سقوط الطائرة التابعة لشركة الطيران الجزائرية والمستأجرة من شركة سويفت اير الإسبانية أزمة بين الجزائر وفرنسا، حيث اتهمت الصحف الجزائرية فرنسا بالرغبة في استغلال الحادث لأسباب داخلية فرنسية ومحاولة الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند الترويج لحملة انتخابية على حساب الجزائر فيما انتقدت صحف أخرى تحامل الإعلام الفرنسي على الخطوط الجوية الجزائرية وتحميله مسؤولية الحادث، فمن جانبها انتقدت صحيفة «الفجر» الجزائرية امس إشراف فرنسا على التحقيقات المتعلقة بالحادث وإدلاءها بالتصريحات الإعلامية والبيانات المتعلقة بهذه القضية لتلغي نهائيا الطرف الجزائري المسؤول القانوني عن الطائرة مثلما ألغت أيضا الطرف المالي الذي وقع الحادث في أراضيه.
وقالت الصحيفة في افتتاحيتها إنه كان من المفروض أن تقوم حكومة مالي بالتحقيقات بنفسها لكن فرنسا التي تبحث عن ذريعة لتبرير بقاء قواتها العسكرية هناك وجدت في حادث الطائرة فرصة لكى تعيد إحكام قبضتها على الساحل من جديد، مشيرة إلى أن الجزائر أثبتت من خلال هذا الحادث عجزها عن التعامل مع المعلومة الإعلامية رغم الجهود الجبارة التي بذلتها سواء في التحقيق حول الحادث أو في متابعة القضية، ليس فقط من خلال الوفد الذي يرأسه وزير النقل وإنما من خلال تواجدها الديبلوماسي هناك، إلا أن «البكم» الإعلامي، على حد وصف الصحيفة، جعلها تنسحب أمام الحملة الإعلامية التي تقودها فرنسا حول الحادث.
ولم تنتقد الصحيفة فقط الحملة الإعلامية التي تقودها فرنسا بل التعامل مع الحادث برمته، مشيرة إلى أنها تتعامل معه وكأن كل شيء على متن الطائرة ملكها وليس فقط الـ 54 راكبا الذين يحمل أغلبهم جنسية مزدوجة إلى جانب الجنسية الفرنسية مما دفع الشعب الفرنسي نفسه إلى التساؤل عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن السر الذي ترغب فرنسا في إخفائه بإسراعها في تطويق الحادثة والسيطرة على مكان سقوط الطائرة والتحقيقات حولها: هل هناك وثائق سرية جدا يحملها ضباطها الذين قضوا نحبهم في الحادث؟
بينما أشارت صحيفة «النهار» الجزائرية إلى أن السلطات الفرنسية تحاول استغلال حادث سقوط الطائرة بشكل كبير عبر وسائل الإعلام عن طريق تسليط الضوء عليها واتهام الخطوط الجوية الجزائرية، محاولة منها لضرب استقرارها وتشويه سمعتها عبر العالم، مضيفة أن استغلال فرنسا حادث سقوط الطائرة وضرب سمعتها للنيل منها اعتبرها بعض المتتبعين محاولة ليست الأولى من نوعها، حيث ان فرنسا تطمح لأن تكون رائدة في النقل الجوي، خاصة إذا علمنا انه من المرتقب تدعيم النقل الجوى بالجزائر بنحو 20 طائرة مستقبلا، وهو ما يجعل المنافسة لمصلحة الخدمات والأسعار.
وقالت إن السلطات الفرنسية تريد التحكم في زمام أمور الحادث المأساوي في كل كبيرة وصغيرة، فمن جهة تريد الانفراد بالتحقيق في دولة مالي التي لها كامل الصلاحيات والمخولة قانونا في الانفراد بالتحقيق، ومن جهة أخرى تريد ضرب الشركات لكي تكون الرائدة في هذا المجال.
إلى ذلك، نكست الأعلام في جميع المباني الرسمية في فرنسا امس ولمدة 3 أيام حدادا على ضحايا الطائرة، في حين ترأس الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند اجتماعا جديدا في الاليزيه بشأن هذه الكارثة، وصباح امس ترأس أولاند اجتماعا جديدا في الإليزيه مخصصا لهذه المأساة، وشارك فيه رئيس الوزراء مانويل فالس والوزراء المعنيون بهذا الملف.