ما زالت أصداء فشل المحادثات مع الحكومة تترد في هونغ كونغ، فبعدما هدد قادة الحركة الطلابية المطالبة بالديموقراطية بأنهم قد لا يواصلون الحوار مع الحكومة المتهمة بعدم القيام بأي مبادرة مهمة لوضع حد لشهر من التظاهرات، أنشأ المتظاهرون قرية مكتفية بذاتها خلال الاحتجاجات فشيدوا غرفا لتغيير الملابس ومكانا للدراسة ومراكز للإسعافات الأولية، وحتى دوريات أمنية خاصة بينما يجهزون لجولة طويلة من المواجهات السلمية مع الحكومة.
وتطورت الحواجز التي بناها المتظاهرون على عجل في بادئ الأمر للاحتماء من رذاذ الفلفل والغاز المسيل للدموع والتي اعتمدت حينها على البلاستيك الشفاف والمظلات لتتحول إلى مخيم مكتمل بسلالم يكسوها السجاد وبرادات للمياه والإنترنت ومولدات كهرباء تعمل على الغاز لتزود الهواتف النقالة والمصابيح المكتبية ومكبرات الصوت بالطاقة.
وعادت هونغ كونغ إلى السيادة الصينية من المملكة المتحدة عام 1997 بموجب معادلة «بلد واحد ونظامان» التي تمنح المستعمرة السابقة حكما ذاتيا ذا صلاحيات واسعة وحريات عامة على ان يكون الهدف النهائي هو حق اختيار حاكمها بالتصويت المباشر العام.
غير ان قادة الحزب الشيوعي في الصين أصروا على الاختيار بين المرشحين أولا، ما أدى إلى معارضة شعبية حافظت على هدوئها في معظم مراحلها حتى الآن. وتلقى المنادون بالديمقراطية دفعة امس عندما طالبت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في جنيف الصين بضمان حق التصويت المباشر العام في هونغ كونغ وحق الترشح.
ويبدو ان التظاهرات التي يقودها الطلاب حاليا بدأت تترسخ لفترة غير محدودة على الرغم من عدم قدرة الحكومة على تغيير «القانون الأساسي» ـ اي الدستور المصغر للمدينة ـ والخروج عن طاعة بكين.
ويؤكد المتظاهرون أنهم يمولون بأنفسهم المخيم بالإضافة إلى شركات متعاطفة مع قضيتهم وغيرهم من الراغبين في التبرع بالطعام والمؤن. وقال الفين إل وهو مدرب للتزحلق على الجليد يتحدر من فانكوفر بكندا وترعرع في هونغ كونغ «نحن لن نقبل المال من الناس، لكن بإمكان الجميع أن يزودونا بالمؤن حتى إن طواقم الخطوط الجوية تجلب لنا مناديل للمراحيض ولغسل اليدين».
في المقابل، اعتبرت وسائل الإعلام الرسمية الصينية ان حركة الاحتجاجات المعروفة باسم «احتلوا المركز» والمناوئة للحكومة في هونغ كونغ «تحول دون التقدم الديموقراطي في المنطقة». ونشرت صحيفة «يوميات الشعب» الموالية للحزب الشيوعي الصيني، أن المتظاهرين عبروا عن أنفسهم «بوسائل متطرفة من قبيل احتلال الأماكن العامة». ولفتت الصحيفة إلى ان «حركة المتظاهرين غير القانونية وضعت نفسها في مواجهة الإجراءات القانونية وروح الديموقراطية»، كما شددت الصحيفة على أهمية سيادة القانون.
واتهمت الصحيفة حركة «احتلوا المركز» بالتحرك خارج إطار القانون الأساسي، وقوانين هونغ كونغ، مبينة ان الاقتراح المقدم من قبل منظمي الحركة بشأن «مدنية المرشحين» ينتهك مبدأ «دولة واحدة ذات نظامين». وأفادت الصحيفة بأن منظمي الاحتجاجات «حاولوا إذكاء الصراعات الاجتماعية، والتحريض على أنشطة مخالفة للقانون، تحت ذريعة «مشاكل الانتخابات»، معتبرة ان الاحتجاجات من شأنها «الإضرار بالديمقراطية وسيادة القانون في هونغ كونغ».
وكانت مفاوضات قد جرت قبل يومين بين ممثلين عن المحتجين وممثلين عن حكومة هونغ كونغ، فيما لم تفض المحادثات إلى نتائج ملموسة.