واشنطن ـ أحمد عبدالله ورويترز
من اللحظة التي عين فيها وزيرا للدفاع قبل عامين، بدأت العلاقة المضطربة بين تشاك هاغل وفريق الأمن القومي الذي يعمل مع الرئيس باراك أوباما في البيت الابيض ويشكل دائرة محكمة.
ومع اشتداد قصف قوات التحالف لمواقع تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) في العراق وسورية اشتدت مشاكل هاغل.
ويصف مسؤولون اميركيون مطلعون علاقة الوزير بإدارة أوباما بأنها أخذت منحى متوترا على نحو متصاعد بين وزارة الدفاع في ظل هاغل والبيت الابيض رغم أن هذا لم يكن الحال نفسه في علاقته بأوباما.
ورغم أن البيت الابيض صور رحيل هاغل المفاجئ بأنه قرار تم الاتفاق عليه مع أوباما، فقد وصف المسؤولون سلسلة من المشاكل المتفاقمة ومن ذلك مطالبة هاغل في الفترة الأخيرة باستراتيجية أكثر تحديدا للتصدي للدولة الاسلامية في العراق وسورية، كما أوضحت مذكرة مسربة.
وقال مسؤولون مطلعون على بواطن الأمور ان ما حدث كان في جوهره عزلا لوزير الدفاع.
ويسمح عزل هاغل لأوباما بضخ دماء جديدة في فريقه في وقت يواجه فيه تحديات متعددة في الخارج في عاميه الأخيرين في السلطة بما في ذلك إمكانية تعيين أول وزيرة للدفاع في الولايات المتحدة، فمن أبرز المرشحين لخلافة هاغل ميشيل فلورنوي الوكيلة السابقة لوزارة الدفاع.
وقال المسؤولون الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن أسمائهم ان هاغل شعر بالإحباط لعجزه عن استخدام نفوذه في التأثير في جوانب رئيسية من الاستراتيجية الأمنية بما في ذلك الحرب على تنظيم الدولة الاسلامية. وقال السيناتور الجمهوري جون مكين لـ «رويترز»، في إشارة إلى وزيري الدفاع السابقين في عهد أوباما، «قراءتي لما بين السطور أنه كان في غاية التعاسة مثلما قال روبرت غيتس وليون بانيتا بشأن إدارة التفاصيل من البيت الابيض، فمجموعة صغيرة من الناس تأخذ كل هذه القرارات».
وقال مكين الذي سيتولى رئاسة لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ «وأحسب أيضا أنه لم يكن يعتقد أن لدينا استراتيجية للتصدي للدولة الاسلامية». وأشار مسؤول آخر إلى القيود التي فرضتها الإدارة على هاغل، فقبل عام أدلى وزير الدفاع بخطاب مهم في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية وهو من المراكز البحثية المرموقة في واشنطن.
ومنع الوزير بناء على أوامر من البيت الابيض فيما يبدو من فتح الباب أمام الحاضرين للرد على أسئلتهم بعد الخطاب.
وقال مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية ان أوباما وهاغل بدآ في منتصف أكتوبر يبحثان مستقبل وزير الدفاع البالغ من العمر 68 عاما.
وحتى قبل هزيمة الحزب الديموقراطي في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في 4 نوفمبر، كان أوباما يتعرض لضغوط لتعديل فريق الأمن القومي مع تصاعد الانتقادات بسبب أسلوب البيت الابيض في التعامل مع داعش وتصرفات روسيا في أوكرانيا وأزمات أخرى.
وقال مسؤول كبير في الإدارة قال انه مع تزايد أهمية أزمة الدولة الاسلامية في العراق وسورية في قائمة الأولويات اتضح لكبار المسؤولين في البيت الابيض أنها ليست مجال خبرة هاغل، ورأى المسؤولون فيه حلقة ضعيفة لضعف ادائه فيما يخص الشرق الأوسط ولأنه تم اختياره لأداء مهمة مختلفة.
بدوره، قال جوزيف ماكميلان المسؤول السابق عن سياسات الشرق الادنى وجنوب آسيا في وزارة الدفاع الاميركية ان نبأ استقالة وزير الدفاع لم يكن مفاجئا له وان كثيرين في واشنطن كانوا يتوقعون ان تنتهي فترة هاغل في الوزارة «قبل موعدها». وقال ماكميلان: السبب الحقيقي وان لم يكن المباشر وراء استقالة وزير الدفاع في تقديري يكمن في انه كف عن ان يكون رجل المرحلة. لقد استدعاه الرئيس اوباما لشغل هذا الموقع لأنه كان معارضا لتدخل الولايات المتحدة في بعض الازمات ولاستمرار الحروب الاميركية هناك، الا ان هاغل وجد نفسه يقف فوق بساط يتحرك في الاتجاه المعاكس لذلك، اي اتجاه الابقاء على القوات في افغانستان حتى 2015 والعودة الى العراق.
ووصف المسؤول السابق ما حدث بقوله: اتهم البيت الابيض وزير الدفاع انه غير قادر على كبح جماح الجنرالات الذي اعربوا عن معارضتهم لسياسة الرئيس في سورية والعراق، وترى اي ادارة في المسؤولين الذين يختارهم الرئيس لشغل مواقع قيادية في اجهزة الحكومة الاتحادية مسؤولين ايضا عن ضبط ايقاع الاجهزة التي يعملون بها على النحو الذي يلائم الرئيس، انهم معينون سياسيا ولم يكن وصولهم الى مواقعهم على اساس من ترقيات بيروقراطية مثلا.
واضاف: في الآونة الاخيرة احتج الجنرالات، بعضهم كانوا يقولون ان استراتيجية الادارة ليست حازمة بقدر كاف والبعض الآخر كانوا يقولون انها تنذر باقحام واشنطن في حرب جديدة، ونقل هاغل هذه الحالة من الخلافات بين القادة العسكريين الى البيت الابيض باعتبارها ثمرة لاهتزاز الاستراتيجية التي اعلنها الرئيس تجاه سورية والعراق وطالب ان تكون هناك استراتيجية واضحة.