بيروت ـ اتحاد درويش
انتهت عاصفة الانتخابات النيابية، لكن تداعياتها على المعارضة ستبقى الى حين، محط درس ومتابعة لتقييم الموقف الذي خرجت به والذي جاء مخيبا لآمالها في الفوز بالاكثرية. اقرت المعارضة بالنتائج التي افرزتها الانتخابات النيابية، وتحاول ان تتصرف بواقعية مع الامر على قاعدة انها حافظت على مقاعدها في المجلس النيابي مع الاشارة الى فشل زحزحة العماد ميشال عون عن مواقعه بحسب ما قال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد لـ «الأنباء» والذي اعتبر ان عون خاض حربا كونية ولم يتزحزح عن مواقعه وبقي صامدا. واعتبر ان دائرة زحلة كانت نقطة الضعف التي تسلل اليها فريق الموالاة عبر التحشيد ولوائح القيد والتوظيف للخطاب الطائفي من اعلى المرجعيات، لافتا الى ان فريق الاكثرية صرف ملياري دولار في العملية الانتخابية. وعن طبيعة المرحلة المقبلة ومشاركة حزب الله في الحكم شدد على ان الحزب يطالب بشراكة حقيقة لا ان تكون «فلكلور» في مجلس الوزراء، واكد ان الشراكة قد تكون اكثر من الثلث الضامن، لافتا الى النسب وروحية وطريقة العمل التي تطمئن الطرف الآخر. واذ استبعد ان يتم لقاء قريب بين امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري، اكد على ان الخطوط بين الحزب والنائب وليد جنبلاط مفتوحة قبل الانتخابات، مستغربا كيف يلتقي «منطق معراب (مقر زعيم القوات سمير جعجع) مع منطق قريطم (مقر الحريري)»، وفيما يلي نص الحوار:
كيف يقيم حزب الله نتائج الانتخابات النيابية وما أفرزته من واقع خيب أمل المعارضة التي راهنت على الفوز بالاكثرية؟
ان التوقعات لدى المعارضة كانت في معظم الدوائر الانتخابية في محلها، باستثناء انها اخطأت في تقدير حجم التحشيد من الخارج في دائرة لا تتحمل مثل هذا التحشيد، فكان ان تجاوزت الموالاة كل التوقعات في دائرة زحلة، الامر الذي تسبب في تغير المعادلة الانتخابية. ما حصل يرتبط بأكثر من عامل، هي مجموعة عوامل تنطبق على كل الدوائر، ان نقطة الضعف كانت في دائرة زحلة بسبب الصوت الخارجي وسيناريو توزيع رؤساء الاقلام من قبل المحسوبين على تيار الموالاة في الاجهزة الرسمية، الى جانب المال الذي صرف في هذه الدائرة والذي فاق التصور، اضافة الى وجود 12 الف ناخب اضافي على بعض لوائح القيد دون مبرر منطقي يستدعي ذلك، اذن، كانت دائرة زحلة نقطة الضعف التي كان يمكن لهم ان يتسللوا منها عبر هذا التحشيد والتوظيف للخطاب الطائفي من اعلى المرجعيات، وعبر رفع مستوى عدد الناخبين في طائفة معينة مما جعل دورها مرجحا في دائرة محسوبة على «الكثلكة»، ايضا الدعم المالي الكبير الذي صرف فيها والذي تجاوز ما صرف في مجموعة كبيرة من الدوائر الاخرى، اذن هذا التحشيد حصل في مناطق اخرى في جبل لبنان وزغرتا، لكن الحصانة والمناعة كانت اكبر في هذه المناطق التي لم تستطع الموالاة ان تسجل فوزا فيها، حيث الحصانة التعبوية كانت اكبر، وثم تدبير وقائي للمال السياسي، وكانت ماكينات المعارضة دقيقة في متابعة لوائح القيد، ولم ينفع الخطاب الديني كثيرا في التحريض المضاد، هذا ما أسهم في ان تبقى المعارضة محتفظة بأكثرية المقاعد في تلك الدوائر.
ما انعكاس نتائج الانتخابات على المعارضة لاسيما الرافعة الاساسية لها أي حزب الله؟
نحن قبلنا النتيجة ونراجع حساباتنا فيما يتعلق بمواقع الاخطاء في التقديرات، علما ان الماكينة الانتخابية في دائرة زحلة هي لحلفاء لا يملكون تقنية تشغيل الماكينات وحصل خلل في طريقة تعاطيهم مع ماكينة حزب الله الانتخابية والتي لم يستفيدوا من جهودها.
حرب كونية
هل اقتنعتم بأن الموالاة ليست اكثرية وهمية بل اكثرية حقيقية ترجمت في صناديق الاقتراع؟
كما قلت نحن قبلنا بنتائج الانتخابات وسنتعاطى مع هذه النتيجة بحسبها، وتبقى مسؤولية الفائز ان يتصرف بما يحفظ البلد ويحقق الاستقرار فيه. الآن ننتظر ماذا سيفعل هذا الفريق ـ أي فريق الموالاة -الذي فاز في ظل دعم دولي وتحريض اميركي وزيارات متواصلة لتأليب الفئة المترددة، تصريحات تهديدية تخويفية من اسرائيل، تصريحات تحذر من الخطر على الكيان اللبناني لم تصدر اثناء حرب يوليو ضد العدو الاسرائيلي، كل هذه الامور لم تستطع ان تزحزح المعارضة عن موقعها بالنسبة للعدد وعدنا كما كنا 71 و57 نائبا، فماذا فعلت الموالاة؟ هذه نكسة، اذا اردنا ان نتحدث على مستوى المضمون لا على مستوى الشكل، على مستوى المضمون حين يقول العماد ميشال عون انه خاض حربا كونية في الانتخابات نعم صحيح، خاض حربا كونية وبقي صامدا فيها ولم يتزحزح عن مواقعه. الكارثة هي التي تحل بالذي تكلف ودفع وحرّض واستخدم كل الأسلحة في معركته ولم يستطع ان يحقق تقدما في العملية الانتخابية في موقعه العددي في المعادلة الانتخابية.
هل أخطأت المعارضة في تقدير حجم القوة الشعبية التي يملكها فريق 14 آذار؟
قد يكون حصل ذلك ونحن بصدد المراجعة، «لكن هذه الأخطاء لا تحمل مسؤولية التغطية على الخطايا التي مورست في العملية الانتخابية والتي كما قلت نقبل بنتائجها مهما كانت».
ما موقف حزب الله مما اعتبر ان قد محا آثار أحداث يوم 7 مايو؟
نأمل ان يكون بتصورهم ان هذا قد محا ذاك، ولا يستعاد هذا الأمر في خطاباتهم عند المفارق التي يريدون الابتزاز فيها.
كرست الانتخابات الانقسام اللبناني حول خيارات كل فريق وجاءت بمنزلة استفتاء حول مشروع كل طرف 8 و14 آذار.
هذا صحيح وسيبقى هذا الانقسام قائما مادام هناك تباين في الموقف تجاه الاحتلال الاسرائيلي وطريقة التعاطي معه وكل ما يدور من تفاصيل، في الحقيقة ان جوهر التباين فيه هو انه كيف نتعاطى مع التهديد والاحتلال الاسرائيلي في لبنان وفي المنطقة، ثمة من يريد ان يزحف للقبول بتسوية مع العدو الاسرائيلي وفق شروط العدو الاسرائيلي والتسامح بحقوق العرب، وهناك من لا يريد ان يفرط في أي جزء من هذه الحقوق، وهذا التباين هو تباين محلي وإقليمي ودولي.
شراكة حقيقية
كيف سيتعاطى حزب الله مع مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية، وهل سيضع شروطا للمشاركة؟
نحن في الوقت الحاضر لا يمكن لأحد ان يحملنا فشل سلطة وعدم القيام بمسؤولياتنا تجاه توفير فرص للاستقرار في البلد، نحن كنا نعتبر ان المعارضة اذا نجحت في الانتخابات وحققت الأكثرية ستفتح مجالا للشراكة للموالاة بـ «الثلث الضامن»، اما اليوم فلم نحقق الاكثرية وخسرنا الانتخابات ولا اعرف بماذا يفكرون بالنسبة للمعارضة، فلنسمع منهم اولا، نحن لسنا محشورين ولا لاهثين وراء مشاركة لا تعبر عن شراكة حقيقية، نحن نريد شراكة حقيقية اذا حصلت كان بها وإن لم تحصل فليتصرفوا كما يريدون.
ما مضمون هذه الشراكة الحقيقية؟
الشراكة الحقيقية الا نكون «فلكلور» في مجلس الوزراء.
هل من خلال «الثلث الضامن» مثلا؟
قد يكون اكثر من ذلك، اذا كان التوجه هو حصول شراكة حقيقية في البلد عندها نقف عند النسب وعند روحية وطريقة العمل التي تطمئن الطرف الآخر، اي انه شريك حقيقي في اتخاذ القرار، كيف يجري تفصيل هذه الشراكة وبأي معادلة بالثلث الضامن او بثلاثة أرباع الضامن او بالنصف الضامن، نحن نريد شراكة حقيقية تطمئننا فعلا.
سلاح المقاومة
كيف يتلقى حزب الله دعوات قادة الغالبية للحوار والشراكة والتوافق، هل ستطالبون بضمانات لسلاح المقاومة؟
ان سلاح المقاومة لسنا بحاجة الى طمأنة احد حوله، لا احد يبيعنا من كيسنا في هذا الموضوع، المقاومة ضمانتها منها وفيها.
لكنك قلت بعد يوم الانتخاب ان على قوى 14 آذار الالتزام بمبادئ ابرزها عدم المساس بسلاح حزب الله وبعد هذا الكلام اتصل بك النائب سعد الحريري فماذا جرى؟
ما جرى ان النائب سعد الحريري قد اتصل مهنئا، وقال لي: رفعت الدوز علينا في الموضوع، وقلت له لا، انما لفت النظر بالقول انكم فزتم في الانتخابات واذا اردتم العمل فعليكم ان تحسبوا حسابات للآخرين، فقال النائب الحريري ان توجهنا هو هكذا، وأجبته نريد ان نرى أفعالا، هذا ما حصل.
هل بات لقاء زعيم الغالبية النيابية النائب سعد الحريري مع أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله قريبا؟
حتى الآن ليست هناك خطوط مفتوحة بين المعارضة والموالاة، ونسمع كلاما في الهواء واللقاء له تحضيراته.
هل تقبلون بإعطاء الثلث المعطل لرئيس الجمهورية؟
هو أمر مطروح، لكن لا أعلم الى أي مدى يمكن ان يصرف، على اي حال هو موضوع يدرس ولا موقف مسبقا منه نتباحث فيه.
أيضا هناك من يضع ضمانات للموافقة على التجديد للرئيس نبيه بري لرئاسة المجلس؟
اذا كان هذا الأمر صحيحا يتبين منه ان وراء الأكمة ما وراءها، على اي حال الرئيس بري هو مرشح طبيعي لرئاسة المجلس، واعتقد ان بامكانهم ان يجربوا خيارات أخرى.
ماذا تقرأون في مواقف النائب وليد جنبلاط تجاه المعارضة قبل وبعد الانتخابات النيابية؟
لاشك ان مواقف جنبلاط ايجابية ومنفتحة على ايجاد طريقة تعالج نقاط التباين الموجودة بين الموالاة والمعارضة في اداء السلطة، نحن نتلقى هذه الايجابية بايجابية مقابلة وقطعنا شوطا في التحضير لخطوات اخرى تعزز ذلك من هذا الانفتاح وهذه الايجابية، وقد فتح الكثير من الطرقات امام لقاء السيد حسن نصرالله مع جنبلاط قبل الانتخابات ولاتزال هذه الأمور مفتوحة.
ماذا عن موضوع تشكيل الحكومة واستعداد زعيم الغالبية النيابية لترؤسها.. هل ستوافقون؟
هذا موضوع ندرسه، اما موضوع الحكومة فهو رهن بطريقة تعاطي الموالاة، نحن نشعر ان ليس هناك لغة واحدة داخل الموالاة، نشعر بوجود لغة ايجابية عند جنبلاط من جهة، ولغة تهشيمية من جهة أخرى، لا اعرف كيف يلتقي منطق معراب مع منطق قريطم في هذه اللحظة.