دخلت الازمة الايرانية التي أججتها نتائج الانتخابات الرئاسية الاخيرة أسبوعها الثالث، ومازال التوتر السياسي محتدما في الداخل بموازاة توتر لا يقل حدة مع الغرب تكرس أمس باعتقال عدد من الموظفين في السفارة البريطانية في طهران. فقد دعا المرشد الأعلى للثورة الاسلامية علي خامنئي كل الأطراف وثيقة الصلة إلى وضع نهاية للنزاعات حول نتائج انتخابات الـ 12 يونيو.
وقال خامنئي في اجتماع مع المسؤولين القضائيين «إنني أدعو الطرفين لعدم إثارة عواطف الشباب ووقف وضع الناس في مواجهة بعضهم مع البعض والامتناع عن المساس بوحدة الأمة». وفي وقت اكد خامنئي «إن هناك طرقا قانونيا لتسوية النزاع ويجب اتباع هذه المعايير القانونية» رفض مجددا دعوة المعارضة لتشكيل لجنة مستقلة لمراجعة نتائج الانتخابات.
من جهة أخرى، حمل خامنئي على الزعماء الغربيين بشدة امس بسبب ما اسماه «تصريحاتهم الحمقاء» بشأن الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل، حسب التلفزيون الرسمي. ونقل عن خامنئي قوله في الاجتماع ان «بعض المسؤولين الاوروبيين والاميركيين بتعليقاتهم الحمقاء عن ايران، يتحدثون وكأن مشاكلهم قد حلت ولم يبق سوى قضية ايران وحدها امامهم».
الموقف ذاته عبر عنه علي لاريجاني رئيس البرلمان الإيراني ورئيس مجلس الشورى الإسلامي، محذرا الغرب من أن بلاده ليست «العراق أو أفغانستان».
ودعا لاريجاني الذي كان يتحدث في بداية زيارة للجزائر تستغرق أربعة أيام القوى الغربية إلى احترام «الحياة الديموقراطية» في إيران.
وقال: «إيران ليست العراق ولا أفغانستان».مضيفا أن الديموقراطية في كل من إيران والجزائر مرتبطة بالثقافة الإسلامية.
اعتقالات
حديث لاريجاني عن الديموقراطية تزامن مع إعلان وكالة فارس شبه الرسمية للأنباء أمس، أنه تم احتجاز ثمانية موظفين إيرانيين في السفارة البريطانية بطهران لاتهامات بالتورط في الاضطرابات التي شهدتها إيران بعد انتخابات الرئاسة. وقالت الوكالة، دون ذكر المصدر الذي نقلت عنه الخبر «تم احتجاز ثمانية موظفين محليين في السفارة البريطانية قاموا بدور كبير في الاضطرابات الأخيرة، هذه المجموعة قامت بدور فعال في اثارة الاضطرابات الأخيرة». وهو ما وصفته لندن بـ «الترهيب» مطالبة بالإفراج عن الموظفين.
وقال وزير الخارجية البريطاني ديڤيد ميليباند للصحافيين في مؤتمر دولي في كورفو باليونان «هذه مضايقة وترهيب بشكل غير مقبول نريد الافراج عنهم دون أن يلحق بهم ضرر». نافيا أن تكون السفارة البريطانية متورطة في هذه الاضطرابات.
وقال عن الموظفين المحتجزين «انهم موظفون ديبلوماسيون، وفكرة أن السفارة البريطانية تقف بطريقة ما وراء المظاهرات والاحتجاجات التي وقعت في طهران في الأسابيع الأخيرة ليس لها أساس على الإطلاق».
وتابع أن إجمالي عدد الموظفين المعنيين كان نحو تسعة ولكن جرى الافراج عن بعضهم.
واستطرد «ولكننا ما زلنا نشعر بالقلق على بعض منهم الذين على حد علمنا لم يجر الافراج عنهم الأرقام تتغير من ساعة لأخرى».
في هذه الأثناء، دعا مهدي كروبي المرشح الاصلاحي الذي هزم امام الرئيس محمود احمدي نجاد، المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية علي خامنئي الى حسم نتائج الانتخابات الرئاسية، معتبرا ان امر حسم نتائج الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل يجب أن يكون في يد خامنئي.
وقال كروبي «اتوقع ان يلغي مجلس صيانة الدستور الانتخابات المليئة بالمخالفات والتزوير كما هو واضح» في اشارة الى المجلس الذي امر باعادة فرز جزئية للاصوات التي تم الادلاء بها في الانتخابات الرئاسية.
لجنة مستقلة
وكان كروبي طالب بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في العملية الانتخابية برمتها، رافضا بذلك اللجنة التي اقترحت السلطة تشكيلها.
وكتب كروبي في رسالة نشرتها صحيفة اعتماد ملي، «في حال شكل مجلس صيانة الدستور لجنة مستقلة تتمتع بكامل الصلاحيات للتحقيق في جميع جوانب الانتخابات، فسوف اقبل بها».
وجاءت رسالة كروبي خلال مهلة الساعات الـ 24 التي منحها مجلس صيانة الدستور التابع للمرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية علي خامنئي للمرشحين الثلاثة أمس الاول لتعيين ممثل عنهم في اللجنة التي شكلها للنظر في الطعون. واوضح كروبي «ان بعض السادة في هذه اللجنة سبق ان اتخذوا مواقف منحازة»، داعيا الى تشكيل لجنة «مستقلة يكون اعضاؤها اكثر اعتدالا».
كما طالب كروبي ايضا بان لا تقتصر مهمة اللجنة على التدقيق في 10% من صناديق الاقتراع يتم اختيارها عشوائيا بل ان تراجع عملية المصادقة على الترشيحات للانتخابات الرئاسية، حيث لم يصادق مجلس صيانة الدستور سوى على اربعة ترشيحات من اصل 446 شخصا طلبوا تقديم ترشيحهم.
واذ دعا الى ان تنظر في «المخالفات التي حصلت خلال الحملة الانتخابية والمخالفات يوم الانتخابات والمخالفات في الاعلان عن النتائج» طالب كذلك بـ «التدقيق في (لوائح الشطب) للذين صوتوا بالمقارنة مع سجلات النفوس» لكشف اي تلاعب بالارقام كما يؤكد اخيرا ان «غالبية المناطق سجلت مشاركة تفوق 90%».
الا ان المرشح الخاسر ايضا والمنافس الاول لنجاد، مير حسن موسوي كان اكثر تشددا، اذ اعلن امس الاول ان لجنة «يعينها مجلس (صيانة الدستور) لا يمكنها التوصل الى حكم منصف».
حيث تضم اللجنة مستشار خامنئي للشؤون الخارجية علي اكبر ولايتي ورئيس اللجنة الثقافية في مجلس الشورى غلام علي حداد عادل المقرب من احمدي نجاد ورجل الدين المحافظ محمد حسن ابوترابي فرد والمدعي العام قربان علي دوري نجف عبادي والخبير السابق في مجلس صيانة الدستور قودرز افتخار جهرومي والمسؤول السابق عن مؤسسة الشهيد محمد حسن رحيميان.