تعيش دمشـــق هـذه الأيــام انشطة الدورة السادسة والخمسين لمعرض دمشق الدولي، وكان سبقه مجموعة من المعارض المتخصصة التي شهدتها أرض مدينة المعارض بدمشق، ويكاد لا يخلو شهر من الشهور إلا ويتضمن معرضا أو اثنين، ولكن هل تقدم هذه المعارض فائدة حقيقية للمواطن السوري سواء أكان منتجا أم مستهلكا؟
يقول المدير العام لمؤسسة المعارض محمد حمود: «الغاية من المعارض هي التسويق والترويج للمنتج، إلى جانب التعريف بالمنتج، حيث يعد المعرض الطريق الأنجع لخلق جسر تواصل بين المنتج والمستهلك، والاطلاع على التقنيات الموجودة، وفي المعارض المتخصصة تكون هناك فرصة لاحتكاك المنتج المحلي بغيره من المنتجات الأجنبية الذي يؤدي بدوره إلى تطوير المنتج الوطني».
أما المدير العام للشركة العربية للمعارض علاء هلال فيقول: «لهذه المعارض فوائد عديدة تتلخص في الفوائد التي تعود على العارضين وأصحاب الشركات العارضة للمنتجات والتجار، فهي منصة للالتقاء بالزبائن المحتملين، وفي حال كان المعرض منظما ومسوقا له بشكل جيد، فإنه يفتح لهم أسواقا جديدة، ويضعهم في موقع يقدرون فيه على رؤية مكانهم في السوق ورؤية منافسيهم المحليين والإقليميين، فالمعرض يعد في هذه الحال من أفضل الأماكن لقراءة السوق، كما أنه منصة للعارضين لتقوية صورة علاماتهم التجارية وماركاتهم، ليمارسوا ذروة العلاقات العامة لشركتهم في المعرض، كونه مكانا مفعما بالحركة الإعلامية والنشاط».
ويضيف هلال: «إن أهم فائدة تجارية للعارضين، هي فتح الأسواق أمامهم، فالمعارض المنظمة بشكل جيد، كمعرض «بيلدكس»، قادرة على تقديم زوار جدد وفرص عمل جديدة وأسواق جديدة، ومن دول متنوعة ومختلفة في العالم العربي، فيمكنهم بالتالي طرح منتجاتهم بشكل أكثر فعالية وبتواصل أكبر مع الزبون ومع صاحب القرار الفني أو التقني».
التاجر مستفيد.. ماذا عن الزائر
إذا كان التاجر يستطيع من خلال المعرض أن يروج لبضاعته ويفتح أمامها أسواقا واسعة فماذا عن الزائر؟ وما الفائدة التي يحصل عليها؟ يرى هلال في هذا السياق أن «المعرض فرصة مهمة جدا للزائر حيث يلتقي في مكان واحد كل الأشخاص الذين يقدمون له الخدمات والمتطلبات، وكل حسب اختصاصه، كما أنه فرصة للمقارنة بين المنتجات لاختيار أفضل العروض المقدمة، والاطلاع على الحلول الجديدة والشفافة لمشكلات الحياة على صعيد الاقتصاد، فعندما يعرف المهندس أكثر يزداد إنتاجه، وبالتالي يعمل على إيجاد حل أفضل وأكثر جدوى، وتتحسن البنية التحتية لمجتمعنا، والجانب الآخر، هو الحركة الكبيرة التي تحدث جراء تلك المعارض، حيث تعد أيضا بوابة سياحية للبلد».
البيع ممنوع
عادة ما تقدم الشركات عروضا للزوار وهذا يحصل في معظم دول العالم إلا أن هذا السلوك لم يتبع بعد في بلدنا ففي المعرض البيع ممنوع أصلا والمسموح هو التعاقد فقط، كما يقول هلال: «في المعرض تثبت عقود البيع بين المستهلك والتاجر، ويعود المستهلك للشراء بعد نهاية المعرض، حيث لا وجود لجهات رقابية بالنسبة إلى الأسعار قبل المعرض وبعده».
يبدو أن المستفيد الأكبر من عملية صناعة المعارض في سورية هي المؤسسة العامة للمعارض إذ يؤكد مديرها العام محمد حمود قائلا: «انها ترفد الاقتصاد الوطني بنسبة كبيرة جدا، فأرباح المؤسسة في العام الماضي كانت 950 مليون ليرة سورية، وهي نسبة جيدة».
يشار إلى أن عدد المعارض ازداد منذ العام 2000 وحتى الآن بنسبة تتراوح بين 70% و80%، حيث كان عدد المعارض في السابق لا يتجاوز 7 معارض، أما في العام 2009 فهناك 68 معرضا.
والسبب في زيادة نسبة المعارض كما يوضح حمود هو: «وجود الحاضنة الرئيسية المتمثلة في مدينة المعارض، بما يتوافر فيها من خدمات.. هذه العوامل بمجملها ساعدت على تطور المعارض». إضافة إلى أن المعرض أصبح في بقعة واحدة، وتلتقي فيه مجموعة كبيرة من الشركات العربية والمحلية والأجنبية، فوجود الصناعي يسهل عليه عملية الربط ورؤية الخبرات الأخرى.
أما مدير شركة دلتا للمعارض غياث شماع فيقول: «في ظل الانفتاح الاقتصادي الذي قامت به سورية، وتوقيعها على اتفاقيات التجارة العربية الحرة، وتمهيدها للشراكة الأوروبية، نمت صناعة المعارض بسرعة كبيرة، استنادا إلى المرسوم التشريعي الذي نظم عملية صناعة المعارض في سورية، واهتمام الحكومة بهذا الجانب، كما أن الوعي الثقافي أو الوعي الاقتصادي الموجود لدى الصناعي ورجل الأعمال السوري هو الذي زاد في نمو وتطوير الصناعات بشكل سريع ومتدرج، ففي السابق لم تكن سورية مؤهلة لصناعة المعارض، نظرا إلى عدم وجود مدينة مؤهلة لذلك، كما هو الحال اليوم مع مدينة المعارض الجديدة، بالإضافة إلى السياسة الاقتصادية التي كانت متبعة، والتي كانت تحد منها، فبعد اعتماد اقتصاد السوق الاجتماعي نظاما اقتصاديا للبلاد، أصبحت هناك منافسة، وبالتالي دخل الصناعيون على خط المعارض للاستفادة مما تقدمه لهم من فرص».
إلا أن الشماع يرى أنه: «ما زلنا بحاجة إلى رعاية واهتمام، فالآن مع وجود هيئة تنمية الصادرات سيتم تحديد الخطط الخاصة بتنمية الصادرات في موضوع المشاركة في المعارض، من خلال الدعم للمصنع أو التاجر أو المعرض».
بدوره يلفت الخبير الاقتصادي سعد بساطة إلى أن «وضع بعض المعارض التي لا يرجى منها قيمة مضافة، لإغراقها في المحلية، فمن أهدافها في الأساس جذب الزبون الأجنبي وتشجيع سوق التصدير، ولكن غالبيتها أضحت «شامي يتفرج على بضاعة شامي آخر»، وهكذا ويضاف إلى ذلك الضعف في تنظيم بعضها، ما ينعكس على كل النشاط وما يليه من صفقات، ويضحي الوضع كله تعثرا في تعثر.
ويضيف بساطة «أحيانا، بسبب الضغط في النفقات، يتم التخلي عن استقدام زوار (زبائن محتملون) أجانب، وهذا يجرد المعارض من أهم حوافزها، كما أن هناك ضعفا في التعامل الدولي، ونقص مريع في اللغات الأجنبية».
بدوره يشير هلال إلى أنه وعلى الرغم من وجود مدينة معارض متكاملة لا يتعدى عمرها خمس سنوات، إلا أنه ليس هناك تنظيم مناسب لها، على الرغم من أنها تعد سلاحا من أسلحة الحكومة، حيث تفتح أسواقا لمنتجاتها وصناعاتها، فعلى سبيل المثال المواصلات إلى مدينة المعارض غير مؤمنة، والخدمات فيها ليست على المستوى المطلوب».
صفحة شؤون سورية في ملف ( pdf )