- قوى الأمن استعادت 50% من السيارات المسروقة وإتلاف 10 آلاف دراجة تستخدم في أعمال النشل
- تراجع في معدلات الجرائم منذ 2005 بشكل ملموس ومخطط مروري جديد يسهم في إنجاح العمل الأمني
- بمؤازرة الجيش ودعم السلطة السياسية وعلى رأسها العماد سليمان واجهنا الإرهاب والمجرمين الخطرين
- مازلنا بحاجة إلى 6200 عنصر أمن لنصل إلى الرقم المخصص لدولة تعيش ظروفاً طبيعية
بيروت ـ عدنان الراشد ـ عمر حبنجر
من حماية الأمن الوطني والقومي، الى حماية الامن الاجتماعي، من مكافحة شبكات المتورطين بالتعامل مع «الموساد» و«أمان» و«الشين بات» وغيرها من مؤسسات التجسس الاسرائيلية المعادية، الى مطاردة سراق السيارات وركاب الدراجات النارية المتخصصين في نشل حقائب السيدات، في وسط الشوارع والساحات، اضافة الى زراع وتجار ومدمني المخدرات.
انها قوى الامن الداخلي في لبنان، التي تحولت من مجرد ادارة مرور ومخافر لتسجيل المحاضر وسوى ذلك من الادوار الهامشية على امتداد العقود الثلاثة الماضية، الى مؤسسة أمنية قادرة ومبادرة، لدرجة استحقاقها زيارة تكريمية، غير مسبوقة من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، بعدما استطاعت تفكيك واحباط 15 شبكة تجسس اسرائيلية، بالتنسيق مع مخابرات الجيش اللبناني، التي توصلت الى تحطيم عدد مماثل من الشبكات في زمن قياسي لم يتجاوز الثلاثة اشهر.
انها ضربة لأجهزة التجسس الاسرائيلية، لا سابقة لها على امتداد العالم العربي كله، كما يفاخر معتزا اللواء اشرف ريفي، المدير العام لقوى الامن الداخلي، امام زواره من البعثات الامنية العربية، التي جاءت تستطلع ماهية القطبة المخفية التي مكنت الاجهزة الامنية اللبنانية المتواضعة الامكانيات، من سمل عيون اكبر واخطر شبكات التجسس الاسرائيلية في لبنان والمنطقة.
اسم على مسمى
والى جانب مكافحة التجسس الاسرائيلي بلا هوادة، كان على الامن الداخلي ان يثبت كونه اسما على مسمى، فالأمن الداخلي يعني ايضا وفي الاساس مكافحة الجريمة على اختلافها، واخطرها في لبنان الآن، وخلال الصيف عادة، سرقة السيارات، ونشل حقائب السيدات بواسطة الدراجات النارية التي حولها البعض من وسيلة انتقال شعبية سريعة ومتواضعة الكلفة، الى عنصر اخلال بالامن على اختلاف وجوهه، من الارهاب بأنواعه، الى النشل والسرقة، والذي ليس هو اقل ازعاجا وايلاما للمجتمع اللبناني أو لضيوف لبنان، من ايلام الجواسيس الجارح للكرامة الوطنية.
الوزير بارود
وحول هذه الثغرة الامنية التي «تكربج» الاصطياف وتعيق السياحة، يقول وزير الداخلية زياد بارود: رغم تواضع الامكانيات فقد سجل تراجع لافت في عملية سرقة السيارات بنسبة 50% عما كانت عليه في السنة الفائتة، كما هبطت عمليات النشل بواسطة الدراجات النارية بنسبة 20%، واستعادت القوى الامنية نحو 50% من السيارات المسروقة، من خلال المطاردة والتعقب، رافضا اعتبار الحاجة المادية مبررا لارتكاب هذه الجرائم والمخالفات، فالحاجة المادية لا تدفع الانسان الشريف لأن يصبح سارقا، أو مخلا بالامن.
الأولوية المرورية
اللواء ريفي، الذي أثنى على رأي الوزير بارود، ونوه بدوره الديناميكي الداعم للمؤسسات الامنية، وفي حديث لـ «الأنباء» قال: في مرحلة معينة، كانت مكافحة الارهاب أولويتنا، ومع تراجع موجته، بتنا امام أولوية اخرى، اذ حين يكون هناك ارهاب، لا تبرز مشكلة مرور على سبيل المثال، وعندما تكون هناك أزمة مرور لا مكان للارهاب، هبطت نسبة الارهاب، فانفتح ملف المرور وأزماته، وقد باشرنا الإعداد لاستيعاب مشاكله ومشاكل كثافة حركة السير على الطرقات. ومنذ ثلاثة اشهر خرّجنا دفعة جديدة من عناصر السير (شرطة المرور) من نحو مائتي رجل، وتولي خبراء سير فرنسيون تدريب هذه العناصر وتسلمنا في هذا الشهر (يوليو) 120 سيارة من الولايات المتحدة الاميركية، مخصصة لدوريات السير، بيضاء اللون، انضمت الى سيارات الجيب التقليدية والدراجات الخاصة برجال السير، الذين سيباشرون دوريات دائمة، تحت ادارة مركز التحكم بحركة المرور، المُنشأ حديثا، والمؤهل للتحكم بالمرور في بيروت الكبرى، التي تختزن حركة السير الاساسية في لبنان.
تنظيم المرور يسهم في مكافحة النشالين
وتحدث اللواء ريفي عن خطتين مرتبطتين بعملية المرور: خطة مكافحة النشل بواسطة الدراجات النارية، حيث توصلنا الى مصادرة 9974 دراجة غير قانونية وأتلفناها في الحال، ما أمكننا من التحكم في ظاهرة النشل بواسطة هذه الدراجات بحيث انخفضت عمليات النشل من 10 الى 5 يوميا، واذا أكملنا ما بدأناه، ونحن عازمون على ذلك، نكون ألغينا الاداة الاساسية للنشل.
ويرى المدير العام للأمن الداخلي في لبنان، ان خطة تنظيم السير التي نحن بصددها، تخدم مكافحة ظاهرة النشل التي تستهدف المصطافين.
المزيد من العديد والتجهيزات
وعما اذا كان عديد القوى الامنية يساعد على تنفيذ كل هذه المهمات، قال اللواء ريفي: في الواقع لا.. ففي الدول التي تعيش ظروفا عادية، تفرد سبعة عناصر قوى أمن داخلي لكل ألف مواطن، وفي العام 1990 صدر قانون قوى الأمن الداخلي اعتبر فيه عدد سكان لبنان بحدود 4.5 ملايين نسمة، اي ما يوجب توفير 29500 رجل، وعندما تسلمنا المديرية كان هناك 13 الف عنصر ضمنهم الف عنصر مفصولون الى مهمات اخرى، كما لم يكن لدينا التجهيزات وللحاجة، رفعت السلطة السياسية مشكورة، العدد بمعدل 10800 رجل ليصبح عديدنا 23500 رجل، وهذا العدد ليس بكاف لوضع استثنائي كوضع لبنان وعلينا بلوغ العدد 29500، اي اننا مازلنا بحاجة الى 6200 عنصر لنصل الى الرقم الذي هو مخصص لدولة تعيش ظروفا طبيعية، وهذا ما جعلنا نطلب مؤازرة الجيش في بعض مهماتنا الداخلية.
المساعدات الأمنية العربية
وعن التجهيزات التقنية والتسليحية، نوه اللواء ريفي، بهبات ومساعدات ومتابعات الدول الشقيقة والصديقة، والتي وفرت للقوى الأمنية اللبنانية مختلف الاحتياجات والتدريبات، وخص بالذكر الدول العربية التي اعتبرت نفسها معنية بالاستقرار الامني الداخلي في لبنان الذي بات بمثابة البلد الثاني لمعظم رعاياها، وخصوصا الكويت التي تلقى دعوة رسمية لزيارتها في الخريف.
التنويهات الرسمية
اللواء ريفي، كوزير الداخلية، وقبله رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة، وقبلهما الرئيس ميشال سليمان، راضون عن اداء الأمن الداخلي في هذه المرحلة اللبنانية الصعبة، وتفسيرا يقول اللواء ريفي، لقد سيطرنا، بالتكامل مع الجيش على المجموعات الارهابية، وكافحنا المجرمين الخطرين سواء الذين يسلبون السيارات بقوة السلاح او الذين يسرقونها، او من ينشلون الناس، بأي شكل من الاشكال، واعتقلنا العديد منهم واوقعنا بعضهم في المواجهات والمداهمات وسقط للجيش ولنا شهداء وجرحى، انها ضريبة الواجب.
وكشف اللواء ريفي عن تشكيل فرقة امنية خاصة لمكافحة اعمال النشل بواسطة الدراجات النارية، التي هبطت من 2410 عمليات عام 2005 الى 1134 عملية عام 2008، الى 627 عملية في الاشهر السبعة المنصرمة، ما يشكل نسبة 50%، مع الاشارة الى وجود مكتب دولي متخصص بسرقة السيارات.
جداول وأرقام
وبالاستناد الى الجدول الشهري للجرائم الجنائية في لبنان خلال الاعوام 2005 و6 و7 و8 وحتى يونيو من العام الحالي، يتبين ان ارقام سرقة السيارات هبطت من 1825 سيارة عام 2005 الى 1042 عام 2006 و1337 عام 2007 لترتفع عام 2008 الى 1707 سيارات وتهبط في الاشهر الستة المنصرمة من السنة الحالية الى 754 سيارة.
أما عمليات سلب السيارات من اصحابها بقوة السلاح فقد سجلت 38 عملية سلب عام 2005 و36 عملية عام 2006 وارتفعت عام 2007 الى 93 عملية فـ 134 عملية عام 2008 وحافظت على هذه النسبة المرتفعة في الاشهر الستة المنصرمة من هذه السنة، حيث بلغت 55 عملية.
سلب من أجل المقايضة
وتتميز عمليات سلب السيارات باستهدافها انواعا من السيارات الفاخرة، وغالبها لمصطافين خليجيين، حيث كان اللصوص المسلحون والعاملون لحساب مافيات محلية، وربما خارجية، يستولون عليها من سائقيها بقوة السلاح، كما حصل اخيرا مع سيارة ولي عهد دبي الشيخ حمدان بن محمد آل مكتوم في صوفر، ويفرون بها الى منطقة بعلبك (بريتال وجوارها)، ومن هناك يساومون صاحب السيارة على دفع مبلغ من المال لاستعادتها أو تذهب الى غير رجعة.
استعادة 50% من السيارات المسروقة
وطبقا للجدول الشهري عينه، والذي تعده غرفة العمليات في المديرية العامة لقوى الامن الداخلي، فإن نحو 50% من السيارات المسروقة أو المسلوبة، تمت استعادتها بشكل أو بآخر، فمن اصل 1825 سيارة سرقت عام 2005 استعيدت 774 سيارة ومن اصل 1042 سيارة سرقت عام 2006 استعيدت 444 سيارة ومن بين 1327 سيارة سرقت عام 2007 استعيدت 659 سيارة ومن بين 1707 سيارات سرقت عام 2008 استعيدت 795 سيارة.
وعلى صعيد عمليات النشل على اختلافه، فقد سجلت 2410 عمليات مختلفة الاسلوب عام 2005 وهبطت الى 1287 عام 2006 والى 986 عام 2007 فـ 1134 عام 2008، ومن هذا الجدول يتبين ان ذروة الحوادث الجنائية حصلت في العام 2005، وهو العام الذي شهد بدء مسلسل الاغتيالات الارهابية، التي ذهبت بنخبة من رجالات السياسة والعسكر في لبنان وعلى رأسهم الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومن تلاه من الشهداء. وفي السنة عينها بلغت قضايا تعاطي المخدرات 1369 قضية، نزلت عام 2006 الى 820 قضية فـ 873 عام 2007 و834 عام 2008، بينما ارتفعت قضايا الاتجار بالمخدرات من 545 عام 2005 الى 611 قضية عام 2007 فـ 593 عام 2008.
ويُرد هذا التراجع في القضايا الجنائية في لبنان، بدءا من العام 2005، الى عدة عوامل جوهرية بنظر المحللين القضائيين، ابرزها عودة زمام الامن الداخلي الى القوى الامنية اللبنانية، بعد انسحاب الجيش السوري والاجهزة التابعة له من لبنان، اضافة الى الانسحاب بذاته.