عمر حبنجر
طار الرئيس المكلف سعد الحريري الى جنوب فرنسا لتمضية اجازة مع عائلته قبل حلول رمضان، ورئيس القوات اللبنانية د.سمير جعجع غادر الى باريس مع زوجته النائبة ستريدا، والنائب وليد جنبلاط الذي غير اتجاهات السياسة اللبنانية بتصريحاته الاخيرة، سيكون مكرما على مائدة السفير الايراني محمد رضا شيباني في بيروت اليوم، وربما كان بعده في دمشق غدا او بعده، نافيا على لسان النائب الفلسطيني في الكنيست الاسرائيلي عزمي بشارة ان يكون قد زار دمشق سرا مع هذا الاخير.
وخلاصة كل هذه التطورات المتسارعة تعليق تشكيل الحكومة اللبنانية الى اجل قد يكون بعد عيد الفطر، وعمليا ريثما تستقر الساحة اللبنانية التي هزتها المواقف الاخيرة لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.
سفر الحريري موقف بذاته
فبعد ثلاثة ايام من تصريحاته النارية تستمر «الحصوة» التي ألقاها جنبلاط في بركة حلفائه في 14 آذار في توليد الدوائر، ولا شك في أن سفر الحريري الى جنوب فرنسا بعد لقاء مسائي مع الرئيس ميشال سليمان شكل موقفا من التحولات الجنبلاطية، وبالتالي من الصيغة المتفق عليها لحكومة الوحدة الوطنية، وموقفا صارخا بعدما نصح اعضاء كتلته التي اجتمعت بعد سفره برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال فؤاد السنيورة بعدم رفع سقف السجال مع وليد جنبلاط مهما كانت الدوافع والأسباب. إلى ذلك أشارت معلومات صحافية أن الحريري توجه إلى المغرب للقاء المسؤوليين السعوديين قبل توجهه إلى فرنسا.
بيضة القبان
وواضح للمراقبين في بيروت، ان جنبلاط قرر ونتيجة تنازعه على المقاعد النيابية ثم الوزارية مع حلفائه في 14 آذار ان يستقل عن قوى 14 آذار دون الانضمام الى قوى 8 آذار، بحيث يصبح واعضاء كتلته الاحد عشر، «بيضة القبان» في مشاريع الحكومة وقدراتها كما يرون ان زعزعته لبنيان قوى 14 آذار هزت قواعد قوى 8 آذار التي بدأت تتهاوى تحت ضغط الصراع التنافسي بين الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون.
وبات السؤال المطروح، هل انفخت دف 14آذار وتفرق العشاق فعلا؟ ام ان ما حصل خاضع للتصحيح؟
أهداف التحول الجنبلاطي
وكشف النائب وليد جنبلاط عن «الاهداف الحقيقية» لحركته الاخيرة التي مازالت تداعياتها تهز الوسط السياسي في لبنان، وهي الاستقلالية عن 8 و14 آذار.
واضاف: ان همي الأساسي معالجة رواسب احداث السابع من مايو على الصعد كافة، وقال في ذكرى مصالحة الجبل اؤكد ان المصالحة يجب ان تشمل الجميع من دون استثناء.
زيارة سورية
وقال انه مازال على موقفه بأنه سيزور سورية بعد ان يزورها الرئيس المكلف سعد الحريري وليس قبل ذلك.
وجاء كلامه هذا عن الزيارة على اثر شائعة سياسية زعمت ان جنبلاط زار دمشق برفقة صديقه النائب الفلسطيني السابق في الكنيست الاسرائيلي عزمي بشارة الذي نفى ذلك بشدة. واعرب جنبلاط عن اعتقاده بأن موقفه لن يغير الصيغة الحكومية، ولذلك فان هذا الموقف لم يكن لتعطيل الحكومة، ولنأخذ في الاعتبار هذه الجهود التي كنا ومازلنا جزءا اساسيا منها لتسهيل مهمة الرئيس المكلف سعد الحريري.
واوضح جنبلاط ان هناك العدد الكافي من النواب من اللقاء الديموقراطي حضروا للتصويت مع الاكثرية، لكن سفر الحريري فجأة الى فرنسا اوحى بان الصيغة الحكومية التي قال انها لن تتغير ليست في حرز حريز.
ولوحظ ان العماد ميشال عون وحزب الله ابتعدا عن الموضوع الجنبلاطي، فيما ألمح رئيس مجلس النواب نبيه بري الى انه كان يتوقع اقدام جنبلاط على مثل هذه الخطوة بعد تأليف الحكومة الجديدة، وقال بري: لا ارى فائدة من الردود والردود المضادة، معتبرا ان حكومة التكنوقراط لا تمشي في لبنان.
على مستوى العلاقة بين الحريري وجنبلاط، الاتصالات مجمدة، لكن سعد الحريري اوعز الى اعضاء كتلته بعدم الدخول في سجال مع حليفه المتفلت من السرب، بينما تلقى الحريري اتصالا من النائب والوزير الحالي غازي العريضي، كذلك من النائب مروان حمادة الذي التقى جنبلاط كما التقى بالحريري. لكن الحريري رفض اي اتصال من أي وسيط من فريق جنبلاط به أمس، وآثر السفر تجنبا للسفر كما يبدو!
البيان الصادر عن تيار المستقبل كان الهدف منه ان يعكس حجم الانزعاج الذي واجه رئيس الحكومة المكلف، مع ضبط ردود الفعل بالمقابل اعلن جنبلاط عن انزعاجه من البيان الا انه لم يترك لاعضاء كتلته مجالا للرد، ما يعكس حرص الرجلين على عدم الذهاب في لعبة الازعاج الى الآخر.
د.سمير جعجع الذي كانت متطلباته ومتطلبات حزب الكتائب جزءا من مشكلة جنبلاط مع الاكثرية تحفظ على مواقف جنبلاط المستجدة، نافيا ما نسب اليه من تصريحات ضد جنبلاط من جانب احدى الصحف، محتفظا بشعرة معاوية مع الحليف الاشتراكي اللدود.
مواقف جنبلاط بعيون أكثرية
«الأنباء» سألت مصدرا قريبا من 14 آذار عن رؤى الاكثرية لحقيقة مواقف جنبلاط التغييرية، فقال ان تفاهما تم بين الفعاليات الاكثرية على الاحتفاظ بهامش ايجابي مع زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي العائد حزبيا الى صيغة الحركة الوطنية القديمة، الا انه ربط مواقف النائب جنبلاط باكثر من عامل وفي طليعتها ثلاثة وهي:
يرى جنبلاط ان النظام السوري باق الى امد غير محدد فلم يحب ان يحاربه الدروز ويواجهونه من دون اي سند دولي وعربي يؤمن الضمانة والحماية الحقيقيتين؟
وان الخلاف واقع بين جنبلاط والرئيس المكلف سعد الحريري وسائر قوى 14 آذار ويتركز قسم من ذلك على حجم الدور الذي يطلبه جنبلاط ولا يقر به حلفاؤه له.
ثم ان الاسلوب الذي اتبعه جنبلاط مرفوض شكلا ومضمونا وقد كسرت الجرة بينه وبين الحريري فكيف سيتم لحمها؟
ويرى المصدر انه كان متوقعا ان يكمل جنبلاط استدارته انما الغريب ان يكون قام بذلك قبل تشكيل الحكومة ما تسبب في مشكلة كبيرة للغاية على مستوى لبنان.
عمليا خرج جنبلاط من تيار 14 آذار ومن خطه ونهجه بحسب المصدر الا انه على جنبلاط ان يوضح ما اذا كان سيخرج عن اطار الاكثرية النيابية عدديا او لا وقد يحصل هذا الأمر اليوم او غدا او في الامد المنظور.
أذية 14 آذار
واضاف: ان ما قام به جنبلاط الحق الاذية بقوى 14 آذار والحريري بشكل خاص اثناء سعيه لتشكيل الحكومة، وبات الحريري مرتبكا فما عساه يفعل؟ فهو لن يعتذر واذا اعتذر فسيعاد تكليفه بما ان الرئيس بري سيؤيد هذا الأمر.
والمشكلة المستجدة تنطلق من تحديد القاعدة التي يجب اتباعها لتشكيل الحكومة: هل على اساس 15-10-5؟ ام ان صفحة هذه القاعدة قد طويت منطقيا؟