طائرةالحكومة التي قال عنها الرئيس نبيه بري انها حطت في المطار ولم يعد هناك الا ان يتقدم كل مسافر - أي رئيس كتلة نيابية - لأخذ حقائبه «الوزارية».
هذه الطائرة مازالت في الأجواء وتتعرض لمطبات هوائية مفاجئة أدت كنتيجة أولى الى خفض سرعتها ويمكن ان تتسبب لاحقا بتغيير مسارها لضمان سلامتها وتفادي هبوط اضطراري. الانطباع السائد في بيروت ان التحول الدراماتيكي الذي قام به الزعيم الدرزي وليد جنبلاط «جمد» عملية تشكيل الحكومة حتى اشعار آخر نتيجة التعديل الطارئ على ميزان القوى الداخلي الذي جعل ان صيغة 15 – 10 - 5 أصبحت بمضمون سياسي مختلف ولم تعد تعكس التوازن المنبثق عن نتائج الانتخابات، ولم تعد تعطي الرئيس المكلف سعد الحريري موقع الصدارة وزمام المبادرة في الحكومة العتيدة. وفي الانطباعات أيضا ان «أزمة ثقة» نشأت بين الحريري وجنبلاط ومعالجتها ليست بالأمر السهل والسريع ولن تعيد العلاقة الثنائية الى ما كانت عليه.
فالحريري يشعر بمرارة كبيرة معتبرا ان جنبلاط أساء اليه وتخلى عنه وهو في أمس الحاجة الى الدعم في أول تجربة حكومية له، وان جنبلاط وأيا تكن دوافعه ذهب بعيدا في موقفه وقدم تنازلات مجانية وغير مبررة لا في التوقيت ولا في الشكل والمضمون.
ولذلك، فإن مغادرة الحريري الى الخارج وهو في خضم عملية تأليف الحكومة عكست حال التأزم، ومع انها أدرجت في سياق «اجازة عائلية» الا انها انطوت على اشارات سياسية واضحة (وهو ما كشفه وأشار اليه بيان تيار المستقبل) وبدت شكلا من أشكال الاعتكاف لمراجعة الوضع وانتظار الوجهة النهائية التي سيأخذها جنبلاط، وحيث لا يمكن المضي قدما في عملية تأليف الحكومة وكأن شيئا لم يحصل.
ثمة من يرى في بيروت استنادا الى التفاعلات والتداعيات السياسية لخطوة جنبلاط ملامح أزمة حكومية يمكن ان تمتد لأسابيع والى ما بعد شهر رمضان ومرحلة من التطورات والمفاجآت السياسية وغير السياسية. وفي وقت بدأ التداول بالمخارج وكيفية اخراج الحكومة من نفق المشكلة الطارئة، يدور البحث حول احتمالين:
- الأول: تكثيف وتسريع وتيرة الاتصالات السورية - السعودية لإعطاء الحكومة ما باتت تفتقده من زخم وقوة دفع. مع ما يعنيه ذلك من تقديم موعد زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الى دمشق التي تفتح الطريق أمام زيارة الرئيس سعد الحريري، وبما يؤدي الى الحد من التداعيات السياسية لخطوة جنبلاط والى تضييق المسافة الفاصلة بينه وبين الحريري.
- الثاني: ترتيب «مخرج محلي» على الطريقة اللبنانية وعلى النحو الذي بادر اليه جنبلاط بالتخفيف من وقع خطوته الدراماتيكية ونتائجها، والابقاء على شيء من الاشكالية والالتباس في تموضعه الجديد، كأن يقول ان خروجه المؤكد من 14 آذار هو الى حالة مستقلة متمايزة، أو كأن يبتدع «صيغة خلاقة» تقوم على فرز كتلته النيابية بين نواب الحزب الاشتراكي الملتزمين بقراره ونواب اللقاء الديموقراطي الملتزمين بقرار 14 آذار أو لهم حرية الاختيار.