سجل محللون سياسيون ملاحظات في الأزمة الحكومية والأجواء المحيطة بها، ومدى انعكاسها على النظام الديموقراطي واتفاق الطائف، هذه عينة منها:
- منذ ان ظهرت نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة التي فرضت التغيير الحكومي وبدا ان قوى 14 آذار احتفظت بأكثرية نيابية تخولها تشكيل الحكومة العتيدة، تصرفت الموالاة والمعارضة على ان حكومة الوحدة الوطنية هي تقاسم للحقائب، وليست عرضا من الأكثرية على الأقلية من أجل المشاركة في الحكم على أساس تصور وبرنامج يضعه الداعي، وان القرار الحكومي والسياسي يبقى في يدي الفريق الفائز في الانتخابات كما تقتضي مبادئ عمل المؤسسات. وهذا هو لب المشكلة التي راحت تتدحرج من ثلث معطل الى حصص الى وزارات سيادية الى فرض أسماء معينة على الرئيس المكلف الذي لم يفعل حقه الدستوري في البرنامج والتشكيل بل انساق الى هذه الدوامة.
- عاد معظم أقطاب السياسة الى التمترس خلف طوائفهم ومذاهبهم في معركة تشكيل الحكومة بعد الاصطفاف الطائفي الخطير الذي مارسوه في معارك الانتخابات النيابية. ودار سجال في خلال الأيام الماضية دستوري وسياسي وطائفي حول صلاحية ودور قرار الرئيس المكلف في تشكيل الحكومة، وتبين ان دستور الطائف أمن لكل طائفة حقها الحصري في حماية ممثلها في أعلى هرم السلطة، وباتت أي ملاحظة على هذا الرئيس أو ذاك بمثابة افتئات على الطائفة التي يمثلها الرئيس وانتهاك لحقها الدستوري.
- كشفت الأزمة الحكومية الحالية انحسار السياسة الموحدة لجميع اللبنانيين وانقطاعا عن مفهوم الدولة ومؤسساتها والغاء للرابط الوحيد بينهم بما يجعل لكل طرف معاييره وروابطه الخاصة.
وكشفت وجود زعماء أقوياء على الأرض وفي طوائفهم الى حد يفرضون فيه أولوية موقفهم السياسي وامتداداته الاقليمية على الأصول الدستورية التي توضع عادة من أجل تنظيم الخلافات وخضوع الجميع لها.
وكشفت أيضا فقدان رجال دولة في لبنان يمكنهم ان يتجاوزوا غرائز الشارع وممارساته، مع ما ينطوي على ذلك من صعوبات وحتى استحالة مقبلة في عملية الاصلاح السياسي والاداري الذي يحتاجه لبنان بعد أعوام الأزمات.
- التدخل الاقليمي المباشر في تشكيل حكومة سعد الحريري واضح ولا يمكن انكاره، من جهة هو يعكس أهمية حكومة سعد الحريري المقبلة على الصعيدين الداخلي والاقليمي، ولكنه من جهة ثانية مع الأسف يعكس أيضا عجز اللبنانيين ان يتوافقوا حتى بعد انتخابات.