كثرت الكتابات والتحليلات السياسية والاقتصادية على خلفية اعلان افلاس صلاح عزالدين، لكن مهما قيل للتخفيف من وقع ما جرى وهو يتجاوز ما اعلن من خسائر قدرت بملياري دولار، فإن من تسنى لهم الاطلاع على حقيقة الاموال الضائعة والارقام الفعلية للخسائر يجزمون بان الضرر اللاحق يكاد يوازي بنتائجه واضراره وتداعياته حرب يوليو الاسرائيلية في العام 2006 على لبنان، مع فارق كما يضيف هؤلاء هو ان حرب يوليو الجديدة هي حرب مالية واصابت مباشرة جسما اساسيا في قيادات حزب الله والبيئة الحاضنة له، حتى وقد ذهب البعض لوصف الحدث بالضربة الاقوى للمقاومة بعد اغتيال عماد مغنية.
اسبوع مر على انتشار خبر افلاس عزالدين من دون ان ترتفع الاصوات متهمة اياه بالاحتيال او السرقة بخلاف ما كان يحصل مع رجال اعمال سبقوه الى اعلان افلاسهم، لكن مشاعر التضامن مع «رجل الخير والاخلاق» كما يصفه كثيرون تضاربت مع مشاعر غضب بعض المستثمرين لاموالهم لديه، خصوصا الاجانب والخليجيين المودعين اموالهم لديه، ولم يعد سرا ان قطريا متزوجا من كفر تبنيت اصيب بذبحة قلبية وهو اليوم في حالة حرجة جدا كما اوردت تقارير صحافية بعد بلوغه نبأ افلاس عزالدين وضياع ما يوازي الـ 153 مليون دولار كان يودعها ضمن استثماراته.
وفيما اشار النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا الى ان قضية عزالدين لن تتجلى فصولها بين ليلة وضحاها بل تحتاج الى وقت من اجل التدقيق في المعلومات، اكدت مصادر صحافية لبنانية ان امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس مجلس النواب نبيه بري يتابعان بنفسيهما تفاصيل القضية بالاضافة الى شخصيات دينية وسياسية شيعية كبيرة، نظرا الى كمية الاموال التي اودعها عدد كبير من اللبنانيين الشيعة من جميع المناطق في الجنوب والضاحية والبقاع بالاضافة الى مجموعة من الخليجيين.
ووسط تساؤلات حول ما اذا كان افلاس عزالدين جاء ضربة للطائفة الشيعية بأكملها بأصابع اميركية او اسرائيلية، اعتبر نائب بيروت نهاد المشنوق ان عزالدين لا يمكن ان يوصف بالنصاب، وعزا الكارثة المالية الى سوء تقدير واستثمارات نفطية في غير محلها. وقال المشنوق ان رجل الاعمال المفلس صلاح عزالدين سلم نفسه شخصيا للقضاء ولم يعتقله احد.
وبسؤاله عن رقابة حزب الله وكيف لم يلاحظ ما يجري قبل تفاقم المشكلة، قال: هناك مبالغة بتحميل جهات مسؤولية هذا العمل، وكل الذين يعرفون الرجل يقولون انه دمث ومهذب وقد نجح في فترة قياسية، ورأيي الشخصي انه لا يمكن وضع اسم الرجل في خانة النصابين، اعتقادي انه تورط في استثمارات معينة وخسر خسائر كبرى وسقط بكل بساطة.
وردا على سؤال اذاعي، قال المشنوق: هناك الكثير من الاشخاص، نواب وغير نواب، مستثمرين معه، باعتبار انه يعمل في اطار الاستثمار الشرعي، كما تسمى، بعيدا عن المصارف.
وكشف النائب المشنوق ان خسارة عزالدين نجمت عن استثمارات نفطية بمبالغ كبرى تعرف بـ «الصفقات المستقبلية» بأسعار عالية، مراهنا بذلك على ارتفاع الاسعار اكثر لكن هذا الاستثمار تسبب في خسائر كبيرة جدا بعد نزول اسعار النفط.
وقال المشنوق: هناك 11 الف شخص وقعوا في الخسارة، بينهم الذين قبضوا تعويضات حرب يوليو.
واضاف: الآن عزالدين يخضع للتحقيق، ويبدو انه ارتكب اكثر من خطأ كبير، او ارتكب سوء في التقدير باستثماراته، والراهن انه لم يستخدم هذه الاموال لزيادة ثروته او هرب بأموال الناس كما يحصل في بلدان اخرى، في مصر والخليج وحتى في لبنان، انما هو اخطأ، كما اخطأ من وضعوا اموالهم معه ومهما كانت الاسباب الشرعية التي تبرر للمتدينين للاستثمار بهذه الطريقة البدائية التي لم تربح يوما في اي بلد عربي.
وقال: هذه تجربة يجب ان تعلم الناس استثمار اموالهم بطرق تمنع حصول ما حصل، مؤكدا انه ليس في الموضوع استثمار سياسي لأنه ما من استثمار سياسي يجر 11 الف شخص الى هذا الوضع، انما لا شك ان هذه القضية اصابت المنظومة الاخلاقية لصورة حزب الله.