تسمية الزعيم الدرزي وليد جنبلاط للرئيس المكلف سعد الحريري بعد مشاركته في اجتماع الاكثرية في قريطم شكلت مؤشرا الى ثبات العلاقة بينهما بمعزل عن موقف جنبلاط من تحالف 14 آذار، لاسيما الجانب المسيحي فيه، وعن قراءته السياسية للمرحلة الراهنة.
سئل سياسي قريب من تيار المستقبل عن العلاقة بين الحريري وجنبلاط وعن الأسباب التي دفعت جنبلاط الى اتخاذ مواقفه الأخيرة المتمايزة فأجاب: ما يجمع وليد جنبلاط بتيار المستقبل أعمق بكثير من موقف اتخذه في ظرف معين لأسباب معينة، هذه العلاقات تعود الى الصداقة المتينة والعميقة التي كانت تربطه بالرئيس الشهيد رفيق الحريري وهو لم يتنكر لها أبدا، فقد حمل قضيته بأمانة وصدق وناضل بإخلاص لتشكيل المحكمة الدولية، لقد استمر جنبلاط مع سعد الحريري بمسيرة الوفاق والبناء التي بدأها مع والده وأيد تكليفه تشكيل الحكومة، ولا أعتقد بأن الموقف الذي اتخذه هو في مواجهة تيار المستقبل أو الحريري، هناك جملة من العناصر والأسباب والظروف والأوضاع الداخلية والاقليمية والدولية التي تجعل جنبلاط في ظرف ما وفي حالة نفسية ما وفي معطيات تتوفر لديه يتخذ قرارا قد يفاجئ الجميع ويصدمهم، لكنه لا يتخلى عن الثوابت اللبنانية بل هو متمسك بها ولا يضيع البوصلة فيما يتعلق بها أي العيش المشترك والوفاق الوطني والحريات والنظام الديموقراطي واتفاق الطائف، ولا يتخلى عنها أيا كانت الظروف والمخاوف، ولو انتقل من موقع الى آخر في وقت معين وفي ظرف معين لا يقطع الجسور ويبقي الطرق مفتوحة أمامه اقداما أو استدراكا.
وقال السياسي: «لا نستطيع ان نضع أنفسنا مكان وليد جنبلاط، فهذا الرجل له خصوصيته وطريقته في التفكير، وهو شخص براغماتي ينظر الى الأمور بواقعيتها، ويفتح الأبواب ويدخل من باب الى آخر ويسعى الى ان تكون لديه دائما بدائل يستعملها في الظروف وفي الأوضاع الحرجة، لكن المهم ان جنبلاط لا يقطع الجسور أبدا ولا يأخذ موقفا نهائيا ويقفل كل الطرقات بل يترك الجسور مفتوحة أمام كر وفر حسب الأوضاع والظروف الداخلية والاقليمية والدولية، لكي لا يبقى أسير موقف واحد وموقع واحد لا يستطيع الخروج منه».
وأضاف: «ليس من السهل الدخول في عمق الأسباب والدوافع، ولكن ما نستطيع قوله ان جنبلاط ومنذ فترة زمنية طويلة مسكون بهواجس ومخاوف وقلق كبير حول الأوضاع الداخلية، بل أيضا عدم اطمئنانه الى مسيرة المفاوضات على الصعيدين الاقليمي والدولي والملفات التي تبحث على هذين الصعيدين والملفات التي توحي بالاطمئنان بالوصول الى نتائج قريبة، وحظوظ التعثر والحلول ليست واضحة ما يزيد من قلق وهواجس جنبلاط.