جهاد تركي
تستوقفك وأنت تتنقل خلال أيام الأعياد بين شوارع الصالحية وساحة يوسف العظمة وشارع «29 أيار» الكتب التي افترشت أرصفتها وامتدت على مساحات واسعة منها.
واللافت في هذا المشهد أن هناك أناسا كثر تراهم ينتقلون من مجموعة كتب إلى أخرى وهم يتصفحون ويعاينون هذه الكتب ويقلبونها في محاولة منهم لإيجاد ما يروي عطشهم لمعلومة أو لفكرة ظلوا أشهرا يبحثون عنها.
وغالبا ما تبدو هذه الكتب مستعملة ومقروءة سابقا حتى ان الكثير منها مازال يحتفظ بإهداءات مقتنيها على صفحاتها الأولى إلا أن ما يؤكده الكثير من مريدي هذه الكتب أنهم لا يجدونها في الكثير من المكتبات.
ويقول فراس المحيثاوي الذي يعمل موظفا في جامعة دمشق كلية الآداب لـ «سانا» آتي في كل عيد ومنذ أكثر من 12 عاما إلى بوابة الصالحية أنتقي من هذه المجموعات الكثير من الكتب التي تهمني واستفيد منها في قراءاتي مضيفا انني أجد هنا كما كبيرا من الكتب القيمة التي اختفت من على رفوف المكتبات وبأسعار معقولة إن لم نقل بخسة.
وبحكم خبرة المحيثاوي في التفتيش والبحث بين هذه الكتب ولأعوام عديدة فقد وجد أن الكتب التي يتم عرضها على الأرصفة خلال أيام الأعياد لم تعد دور النشر طباعتها منذ عام 1960 معترضا على مقولة ان الناس انسحبت من ميدان القراءة وقال «إن هذه المقولة خاطئة والدليل أن حركة بيع وشراء الكتب لاسيما المستعمل منها ينشط بشكل كبير خلال أيام الأعياد».
وأشار المحيثاوي إلى أن أصحاب هذه المكتبات يلتزمون بالمواعيد فهم يفرشون كتبهم للقراء والمريدين مع ساعات الصباح الأولى من كل عيد وما عليك أنت إلا أن تبحث عن مرادك موضحا أنه اقتنى من هذه الكتب حتى الآن أكثر من 1500 كتاب يغلب عليها طابع الروايات المترجمة والدراسات الأجنبية.
فيما يعتبر أبو مازن الذي يعمل مدرسا لمادة الفلسفة في إحدى المدارس الخاصة أن سعر الكتب المعروضة على الرصيف هذا العيد بدت أكثر ارتفاعا قياسا بالأعياد السابقة وقال يبدو ان بائعيها صاروا أكثر خبرة بمعرفة قيمتها المعرفية الحقيقية.
وظل أبو مازن محافظا على عادة شراء الكتب المستعملة في الأعياد منذ سنوات كثيرة مضيفا حتى لو لم أشتر إلا أنني أستمتع جدا بقراءة عناوينها والتعرف على عناوين جديدة كنت أجهلها ولا أعرف مؤلفيها.
أما أبو مجد صاحب مجموعة من الكتب المفرودة في مدخل بوابة الصالحية فأشار إلى أنه يجمع هذه الكتب من أصحابها الذين انتهوا من قراءتها ويريدون بيعها وقال إنني في كل عيد ومنذ نحو عشر سنوات آتي إلى هذا المكان لأعرض ما لدي من كتب.
ويبدي أبو مجد رضاه عن مستوى القراء الذين يسألونه عن بعض الكتب النادرة فهم يتنوعون كما يقول بين الأساتذة ودكاترة الجامعات والطلاب وعادة ما ينتظرونه من عيد إلى آخر.
وتتنوع الكتب التي يعرضها أبو مجد بين العلمية والثقافية والفنية والدوريات العربية ومع أن جميعها مستعمل إلا أنها بحالة جديدة وصالحة للقراءة وإن لم تكن كذلك يعمل بمساعدة أولاده على تشذيبها وإعادتها كما كانت.
ويؤكد أبو مجد أنه كثيرا ما يحصل على كتب نادرة وذات قيمة معرفية لا يمكن أن تكون موجودة إلا عند القلائل من المكتبات وقال ومع هذا فإنني لا أقف عند سعر محدد للكتاب فما يعنيني أن أبيع أكبر عدد من الكتب وهذا يناسبني ويناسب الشاري.
ويبين جلال المحمد صاحب مجموعة من الكتب في ساحة يوسف العظمة أن العيد موسم جيد للشراء والبيع حيث يقول في العيد يأتيني نوعان من الزبائن نوع يبحث ويفتش عن الكتب ونوع آخر يريد بيع كتبه وفي الحالين أحقق لهما مرادهما مشيرا إلى أن عملية الشراء إما أن تتم على مبدأ السلة الواحدة أو كما قالها بالعامية مشايلة وإما على عدد الكتب.
أما عن أسعار الكتب التي يعرضها فقال المحمد إنني بحكم تجربتي وقراءاتي على امتداد أكثر من 17 عاما بت أستطيع التفريق بين الكتب القيمة التي تستحق مبلغا جيدا وغيرها مما لا تستحقه إذ انني لا أستطيع بيع مجلة مثلا بسعر يوازي ثمن رواية.
لكنه يشير إلى أن الكتب التي تعرض في فترة الأعياد أرخص بكثير عندما تكون على الرصيف بدل أن تكون مرتبة على رفوف المكتبات.
ومهما يكن من أمر فلا فرق بين كتاب جديد وآخر قديم إلا في القيمة المعرفية التي يكنزها بين أسطره ولعل القارئ الحقيقي لا تعنيه نوعية الورق المستخدم لطباعة الكتاب ولا بعض الصفحات المثنية كنقطة علام إذ إن ضالته تتحقق عندما يجد نسخة من كتاب بقي ربما لسنوات يبحث ويسأل عنه.
صفحة شؤون سورية في ملف ( pdf )