الطاشناق والمعارضة: هل انفصل نواب حزب الطاشناق عن المعارضة وسلكوا خطا استقلاليا كما أعلن النائب أغوب بقرادونيان خلال الحملة الانتخابية، أم ان ما حصل هو موقف تكتيكي للطاشناق حاول الحزب ان ينفرد به عن المعارضة في تسمية النائب سعد الحريري؟ يقول مسؤول في التيار الوطني الحر ان العماد عون تفهم موقف كتلة الطاشناق وتمنى عليها ان تتخذ الموقف الذي يلائمها في الوقت الحاضر، وفسر بعض المراقبين موقف الحزب بأنه مؤشر مهم ورسالة واضحة قد يبنى عليها الكثير في المرحلة المقبلة، وان ما أقدم عليه الحزب هو بداية لانطلاق الكتلة الوسطية التي قد تنهي الاصطفافات بين 14 و8 آذار وتحدث فرزا سياسيا جديدا على الساحة.
حصة الاقطاب: حكومة الأقطاب غير ميسر تشكيلها، لأن حصة القطب ستكون للسياسي أو الطائفي، أي لمن يمثل سياسيا أو طائفيا، فعلى مستوى الساحة الاسلامية، حصد سعد الحريري أكثرية المقاعد السنية، وبات هو القطب السني الأوحد، وكذلك النائب وليد جنبلاط الذي حسم التمثيل الدرزي له، وهو الزعيم الدرزي الأقوى، ونال تحالف «أمل» وحزب الله كل المقاعد الشيعية وانحصر التمثيل بهما، ولكن من يمثل الطائفة الشيعية كأقطاب مادام وجود الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله في الحكومة غير ممكن لأسباب دستورية أو واقعية، سياسية أو أمنية، أما الوضع المسيحي فإنه مختلف، اذ ثمة أقطاب عدة يتوزعون التمثيل.
ان حكومة الأقطاب يتمثل فيها العماد عون لأن لديه مع حلفائه 19 نائبا مارونيا (من 34)، فيعتبر القطب الماروني الأبرز، وهو لا يعارض تشكيل حكومة أقطاب على ان يكون التمثيل فيها حسب توزيع عدد النواب، ولن تكون هذه الحكومة مقبولة قواتيا وكتائبيا ولا من مسيحيي 14 آذار الذين ابتعدوا عن هذا الاقتراح.
ويبقى تمثيل الأرثوذكس والكاثوليك كأقطاب، اضافة الى الأرمن وعلى أي قاعدة سيتم الاختيار في ضوء نتائج الانتخابات النيابية التي أخرجت الوزير ايلي سكاف كقطب كاثوليكي، وأبرزت فريد مكاري منافسا للنائب ميشال المر أرثوذكسيا، وحالت دون نجاح حزب الطاشناق في ترجمة تفوقه على الساحة الأرمنية.
وجهة نظر أكثرية ومعارضة: نوهت مصادر سياسية مقربة من الأكثرية بانفتاح معظم القوى على معاودة التواصل بين الرياض ودمشق واستعدادها للتعاطي مع الجهود المشتركة بمرونة، ولكنها لفتت في المقابل الى ضرورة مراقبة التصرف الايراني تجاه لبنان للتأكد من مدى استعداد طهران من موقع علاقتها المباشرة بحزب الله وقوى أخرى في المعارضة للتعاون في ترجمة النيات السورية السعودية الى خطوات عملية تستدعي من الجميع الاستعداد لتقديم التنازلات المتبادلة لإخراج لبنان من أزمة تشكيل الحكومة.
وتقول مصادر معارضة ان فريق 14 آذار يركز من جديد على أن المشكلة تكمن في ايران التي «تعقد الامور وتحاول استخدام الورقة اللبنانية لعرقلة الحلول ومنع تشكيل حكومة في الوقت الحاضر»، ويتجاهل الموقف الاميركي، بل يوحي ان واشنطن لا تمارس دورا سلبيا على الساحة اللبنانية، بل تكاد تكون غائبة عنها، كما يحرص هذا الفريق ايضا على تحييد دمشق قدر الامكان بعد لقاء جدة ريثما تنقشع صورة نتائجه.
شلل الدولة: ثمة تشابه بين أوجه ونتائج أزمة الفراغ الرئاسي قبل سنتين وأزمة الفراغ الحكومي حاليا، وهو شلل الدولة اللبنانية ولكن هذه المرة من دون اعتصام وتظاهرات في الشارع.
ويقول محلل سياسي في هذا الشأن: على رغم اختلاف الظروف والخلفيات فإن الأزمة الراهنة تشبه بإحدى نتائجها الأزمة السابقة، لجهة تسببها بشلل المؤسسات الثلاث، تتعرض الرئاسة على رغم انتخاب رئيس منذ زهاء سنة و5 أشهر الى ما يشبه تفريغها من مضمونها، فدور رئيس الجمهورية الفعلي في السلطة التنفيذية لا يمارسه إلا في إطار تشكيل مجلس الوزراء «غير الموجود» وفق دستور الطائف، بل ان أزمة التأليف بأبعادها السياسية أثبتت أنه يتعذر على رئيس الجمهورية ممارسة صلاحية الاشتراك في تكوين السلطة التنفيذية.
ولا يحتاج شبه الشلل في مؤسسة مجلس الوزراء، نتيجة أزمة التأليف، الى شرح كبير، فالحكومة المستقيلة برئاسة فؤاد السنيورة تمارس تصريف الأعمال في «نطاقه الضيق» بحيث لا تجتمع «وبالتالي يتعذر على رئيس الجمهورية أيضا رئاسة مجلس الوزراء كواحدة من صلاحياته» ويكتفي وزراؤها بتسيير شؤون وزاراتهم من دون قرارات أساسية، وبالتالي يتعذر عليها إحالة مشاريع قوانين الى البرلمان.
وينسحب شبه الشلل القائم حكما على البرلمان لتعذر التئامه من أجل تشريع القوانين وسنها والبت بعدد كبير من المشاريع المتراكمة منذ الأزمة السابقة وتعنى بالوضعين الاقتصادي والمالي، مادامت الحكومة التي يجب مشاركتها في مناقشة هذه المشاريع هي حكومة مستقيلة.