اتهمت حركة حماس السلطة الفلسطينية بالمطالبة بتأجيل التصويت في مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة على احالة تقرير بعثة تقصي الحقائق بشأن الحرب الأخيرة في غزة الى مجلس الأمن فيما أكدت السلطة ان لا علاقة لها بقرار التأجيل. ولقد تظاهر المئات من طلبة المدارس الثانوية والإعدادية صباح أمس في مخيم النصيرات ومدينة غزة استجابة لدعوة وجهها الإطار الطلابي لحركة حماس احتجاجا على تأجيل بحث تقرير القاضي الدولي ريتشارد غولدستون. وردد الطلبة المتظاهرون الشعارات المنددة بالسلطة الفلسطينية التي قالوا إنها هي التي طلبت تأجيل بحث التقرير بناء على ضغوط إسرائيلية وأميركية. ورفع المشاركون صورا لضحايا الحرب على غزة من الأطفال والنساء كما رفعوا صور زملائهم الطلبة الذين غيبتهم الحرب عن مدارسهم.
وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أرجأ أمس الاول بحث مناقشة تقرير تقصي الحقائق التابع للأمم المتحدة إلى دورته المقبلة في شهر مارس المقبل وذلك بناء على اتفاق فلسطيني أميركي وفق ما أعلن الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو.
بموازاة ذلك عقدت حركة حماس مؤتمرا صحافيا لعدد من ضحايا الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة على أنقاض المنازل المدمرة خلال تلك الحرب في عزبة عبد ربه شمال قطاع غزة تلي خلاله بيان استنكر تأجيل التقرير. وقال متحدث باسم الضحايا: «نستنكر وندين بشدة ما قامت به السلطة من سحب تقرير غولدستون من مجلس حقوق الإنسان ونعتبر هذا العمل خيانة عظمى لدماء أبنائنا الشهداء والجرحى ولآلاف الأسر التي لا تجد مأوى لها يقيها حر الصيف وبرد الشتاء ونرفض رفضا قاطعا كل المبررات الخادعة التي قدمتها السلطة.
14 منظمة فلسطينية تندد
كذلك نددت 14 منظمة حقوقية فلسطينية مستقلة بشدة بقرار السلطة الفلسطينية إرجاء مسودة مشروع قرار في مجلس حقوق الإنسان يتبنى التوصيات الواردة في «تقرير غولدستون» معتبرة ذلك تغليبا للسياسة على حقوق الإنسان وإهانة للضحايا وتنازلا عن حقوقهم.
وقالت المنظمات الحقوقية في بيان تم تلاوته خلال مؤتمر صحافي عقدته أمس أمام مجمع الوزارات المدمر في مدينة غزة «أرجأت القيادة الفلسطينية يوم الجمعة (أمس الأول) مسودة مشروع قرار في مجلس حقوق الإنسان يتبنى جميع التوصيات الواردة في تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق (تقرير غولدستون).
وشددت على أن «هذا التأجيل ينكر حق الشعب الفلسطيني في إنصاف قضائي فعال والمساواة أمام القانون ويشكل تغليبا للسياسة على حقوق الإنسان وإهانة للضحايا وتنازلا عن حقوقهم».
وقالت «كمنظمات لحقوق الإنسان ندين بشدة قرار القيادة الفلسطينية بتأجيل التصويت على اقتراح بتبني جميع توصيات بعثة تقصي الحقائق والضغط الذي مارسته بعض أطراف المجتمع الدولي فهذا الضغط يتناقض مع الالتزامات الدولية للدول ويشكل إهانة للشعب الفلسطيني».
واعتبرت أن التبريرات التي قدمتها القيادة الفلسطينية فيما يتعلق بقرار تأجيل التصويت «غير ملائمة» موضحة أن «الادعاء بعدم توفر الإجماع لصالح القرار لا يمكن قبوله بأي حال من الأحوال إذ أن الإجماع ليس متطلبا لصدور القرار عن مجلس حقوق الإنسان حيث تعمل مؤسسات الأمم المتحدة وفق مبدأ الأغلبية».
السلطة الفلسطينية
هذا وكشفت مصادر خاصة النقاب عن ان المسؤول المباشر عن سحب السلطة الفلسطينية دعمها لمشروع قرار مناقشة تقرير غولدستون هو رئيس وزراء الحكومة الفلسطينية في الضفة الغربية سلام فياض.
وقالت المصادر التي رفضت الكشف عن هويتها نظرا لحساسية القضية لوكالة «سما» الفلسطينية ان فياض تلقى اتصالات من واشنطن وتل ابيب «وصلت الى حد التهديد بقطع جميع المساعدات التي تمنحها الإدارة الأميركية للسلطة الفلسطينية وكذلك توقيف إسرائيل لعائدات الضرائب والتي تعتمد عليها السلطة في دفع رواتب موظفيها في الضفة الغربية وقطاع غزة».
وأكدت المصادر انه، وعقب الاتصالات التي تلقاها فياض، قام الأخير بممارسة ضغوطات على السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس لسحب القرار لأن ذلك سيشكل عقبة كبيرة أمام المشاريع الاقتصادية في الضفة مما ينعكس سلبا على أداء حكومته.
واكدت المصادر ان حالة من الغضب تنتاب السلطة الفلسطينية وعباس عقب ردود الأفعال القوية التي تلقتها السلطة من منظمات حقوق الإنسان والفصائل الفلسطينية على قرارها سحب دعمها لمشروع قرار مناقشة تقرير غولدستون.
وكان المراقب الفلسطيني الدائم لدى الأمم المتحدة إبراهيم خريشة قال إن الفلسطينيين ليس لديهم الحق من الأساس بطلب سحب القرار مفسرا ما جرى بأنه كان نتيجة اتفاق دول أفريقية وعربية وإسلامية على تأجيل النظر في القرار لدورة المجلس المقبلة.
وقال خريشة إن الكثير من الدول أكدت حاجتها لمزيد من الوقت لدراسة تقرير غولدستون، المكون من 600 صفحة ويضم عشرات التوصيات والاستخلاصات.
وأضاف إن الفلسطينيين بدورهم «يفضلون أن يحصل القرار على إجماع المجلس، حتى تنبثق عنه قرارات مهمة تنصف حق الفلسطينيين، ولذلك فضلوا منح المزيد من الوقت للدول لدراسة التقرير ومناقشته في مارس القادم».
وكانت إسرائيل قد شنت هجوما واسعا على غزة بدأ في 27 ديسمبر 2008 واستمر 22 يوما وأسفر عن مقتل 1418 فلسطينيا وإصابة 5400 آخرين غالبيتهم من المدنيين فضلا عن التدمير الواسع في المنازل والبنية التحتية.