بيروت ـ عمر حبنجر
عاد تشكيل الحكومة اللبنانية الى النفق المظلم، ويضحك المواطن اللبناني المراقب والبريء من نفسه وعليها، عندما يجد انه مطالب بتصديق ما يقوله هذا السياسي او ذاك عن مبررات تأجيل إعلان الحكومة، كالخلاف على حقيبة وزارية او على اسم وزير، فيما الحقيقة ان الموافقة او الرفض مرتبطان بضوء اخضر يجري تشغيله عن بعد.
الأوساط السياسية المتابعة تحدثت لـ «الأنباء» عن انها ترى ان قلب العماد ميشال عون للطاولة الحكومية، قد تكون له مبرراته الداخلية المتصلة بالحصص الحكومية، او بعدم التزام الأكثرية بنظرية التداول في الوزارات، لكن مثل هذه المبررات لم تكن لتبرر الصدمة التي أصابت الناس، جراء الموقف التراجعي المخيب للآمال.
ومع ذلك، فقد وصفت إذاعة النور الناطقة بلسان حزب الله تراجعات عون بأنها «رميات ركنية ناجحة» ردا على الكمين السياسي الذي كان يحضره له فريق الموالاة، فيما يخص المشاورات لتشكيل الحكومة، وان المناخ التفاؤلي الذي أطلقته الموالاة، موجه ومبرمج انطلاقا من حسابات سياسية هادفة الى احراج عون وتحميله مسبقا مسؤولية اعاقة الحكومة حال تجرأ على رفض العروض الوزارية!
والراهن انه لم يصدر عن الموالاة بوزرائها ونوابها اي رد فعل حيال ما قاله العماد عون مساء امس الاول، وفي معلومات «الأنباء» ان الأكثرية التزمت الصمت مكتفية بما صدر عن النائب وليد جنبلاط من تنبيهات ناعمة، للعماد عون، كي لا ينزلق الى هذا الفخ، تأسيسا على قناعة راسخة، بأن الأمور ستستقيم مجددا، ان لم يكن اليوم فغدا او بعد غد، استنادا الى معطيات الملف الايراني النووي وما يجترح له من حلول في مجلس الأمن او في الوكالة الدولية للطاقة الذرية في ڤيينا.
حتمية اصدار التشكيلة
هذا الاحتمال الراجح، يدعمه التفاهم القائم بين الرئيس ميشال سليمان والرئيس المكلف سعد الحريري، على حتمية اصدار التشكيلة الحكومية بين 23 و25 الجاري، وقد جرى هذا التفاهم قبل سفر الرئيس سليمان الى اسبانيا في زيارة دولة انتهت مساء امس الاول.
وعلى هذا، توقعت الاوساط المتابعة ان يتولى الرئيس سليمان الاتصال شخصيا بالعماد ميشال عون لمعالجة الموقف الحكومي بينه وبين الرئيس المكلف، علما ان الرئيس سليمان باشر اتصالاته ولقاءاته امس، وكان من ابرز زواره النائب وليد جنبلاط ونجله تيمور اللذان تناولا الغداء على مائدة الرئيس، ولم يشأ جنبلاط الكلام لوسائل الإعلام.
وفي السياق عينه التقى الرئيس ميشال سليمان الوزيرين محمد فنيش عن حزب الله وجبران باسيل من التيار العوني، كل على حدة، باحثا معهما موضوع تشكيل الحكومة.
وكان العماد ميشال عون استغرب فجأة كيف ان كل الناس عرفت ان الحكومة ستتألف دون علمه بالموضوع، حتى ساوره الظن بأن حكومة اكثرية ستتشكل.
العروض المقدمة
وشدد عون على انه لم يلحظ في العروض التي قدمت له من الرئيس المكلف ما يتناسب مع الافكار الرئيسية التي تكلم عنها.
وقال: حين وافقنا على المداورة وجدنا انها تطالنا نحن فقط، والبدائل ليس مرغوبا فيها، مؤكدا تمسكه بالوزارات التي كانت مع كتلته في حكومة تصريف الاعمال، اضافة الى وزارة جديدة.
واوضح انه اتفق مع الفريق الآخر على المداورة في الوزارات، واذا بالمداورة على حسابنا، وهذا غير جائز ومادام كل الآخرين محتفظين بالوزارات التي كانت معهم، فنحن نعلن تمسكنا بالوزارات التي كانت معنا عام 2008 زائد وزارة اضافية، لاننا كنا 21 نائبا وصرنا 27 نائبا.
والمقصود عودة عون الى التمسك بوزارة الاتصالات، وفق ما ذكرت «الأنباء» أمس.
واضاف: النائب سليمان فرنجية قال انه يقبل بوزارة دولة، بعد ما كان رفض هذه الحقيبة علنا، اعتقادا منه ان وزارة الدولة الخامسة هي العقدة، وانا اقول كل الوزارات هي العقدة، ونحن نطالب بوزارة خامسة، لن نسمح لأحد في هذه الجمهورية بأن يقول هناك وزارة لا يحق لنا دخولها. مصادر في المعارضة قالت لصحيفة السفير ان ما عكسه عون ليس مستجدا، وهو كان ابلغ مقربين منه السبت الماضي غداة لقائه الرئيس المكلف ان ما سمعه من هذا الاخير لا يدعو الى الارتياح والتفاؤل، لا بل كانت كل جلسة ثنائية تشهد تراجعا عما سبقها، وهذا ما حصل بين اجتماعي الرابية وبيت الوسط.
عرض غير مغر
وقالت المصادر ان العرض الاخير الذي قدمه الرئيس المكلف الى عون لم يكن مغريا على الاطلاق اذ تضمن منحه وزارة التربية والعمل والمهجرين والثقافة بعد نزع حقيبة الاتصالات منه، ولو انه اعطاه حقيبة وزارة العدل مثلا لكان الامر اختلف، لكن القوات اللبنانية اصرت على الاحتفاظ بوزارة العدل التي يشغلها الآن د.ابراهيم نجار.
وآخر العروض التي نوقشت بعد الاستشارات النيابية كانت افضل لتضمنها وزارات الأشغال العامة والصحة الى جانب التربية الوطنية لكن في الاجتماع التالي في الرابية طارت وزارتا الأشغال والصحة من لائحة المعروض. لكن يبدو ان زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري الى معراب ولقاءه سمير جعجع فاجأت العماد عون، خصوصا انها جاءت بعد خطاب تصعيدي لقائد القوات اللبنانية، علما ان الرئيس المكلف زار الرابية قبلا في اطار التشاور مع القيادات.