بيروت ـ عمر حبنجر
مرة أخرى، الحكومة اللبنانية في أي لحظة.. لقاء جديد بين الرئيس المكلف سعد الحريري والعماد ميشال عون سبقته تحضيرات بلهجات هادئة، وواكبته مواقف دولية واقليمية مشجعة، أبرزها الاتصال الهاتفي بين الرئيسين ميشال سليمان وبشار الأسد، مصحوبا بتشديد الأخير على تسريع تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وبيان للرئيس الأميركي باراك أوباما شخصيا بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لتفجير مقر المارينز الأميركية قرب مطار بيروت ما تسبب في مقتل نحو 250 جنديا من المارينز، أمل فيه تشكيل الحكومة اللبنانية سريعا، تمهيدا للعمل مع هذه الحكومة على استقرار الشرق الأوسط.
ولم يكن برنار كوشنير طبيب السياسة الخارجية لفرنسا، الذي غادر بيروت أمس، أقل حماسة لتسريع تشكيل الحكومة، وهو الذي يرى ان العقبات بمعظمها داخلية المنشأ، حيث قال كوشنير في مجالسه الخاصة، مادامت السعودية وسورية متفقتين على تشكيل الحكومة، وفي الوقت ذاته ليس من موقف خارجي معارض، على الأقل، لذا فهو يرى ان العقدة عند العماد عون بصورة إجمالية، مع انه يتساءل، لماذا لا يعرضون على العماد عون حقيبة وزارية موازية لحقيبة الاتصالات، وقد سمى وزارة العدل، على سبيل المثال.
بدائل عادلة
وفي هذا السياق، تجدر الاشارة الى مطالبة العماد عون «ببدائل عادلة» لوزارة الاتصالات، وفهم الأكثريون من هذا القول ان رئيس كتلة الاصلاح والتغيير يريد وزارة العدل، المعتبرة من حصة القوات اللبنانية، والقوات اللبنانية تعتبر ان مطالبة عون بهذه الحقيبة المطروح تسليمها للنائب الأكثري بطرس حرب، تهدف الى اصابة عصفورين بحجر واحد، الاثبات لسمير جعجع بأنه قادر على انتزاع اللقمة من فمه، وفي الوقت ذاته ابعاد النائب حرب عن الوزارة على خلفية صراعه الانتخابي مع صهره جبران باسيل في دائرة البترون.
وترد مصادر الأكثرية على قراءة كوشنير للوضع، بطرح السؤال عن سر انفتاح المعارضة، تارة وانغلاقها تارة أخرى، وأين الموقف الإيراني مما يجري عندنا.
في هذا الوقت رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يلاحظ اقتراب الطباخين من تصغير صحنه الحكومي، يرى ان الأسبوع المقبل سيكون المهلة الأخيرة لتشكيل الحكومة، وإلا فلن نبقى مكتوفي الأيدي.
بري لم يتطرق الى ما يمكن ان يحصل فيما لو لم تشكل الحكومة حسب توقيته الا ان الانطباع الذي تركه كلامه يشجع على الاعتقاد بأن ثمة حكومة ستشكل قبل نهاية الأسبوع المقبل، دون تحديد يومي دقيق.
وقال رئيس المجلس انه يملك أفكارا لكسر الحلقة المفرغة، وسيعرضها على جميع الفرقاء بالتنسيق مع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومــة المكلــف مؤكــدا عــدم ممانعتــه فــي التخلــي عن أي حقيبة شرط ان تكون هناك مداورة تشمــل الجميــع دون استثناء.
وقال بري: إذا أرادوا وزارة الخارجية فأنا لا أمانع في أن يتولى نائب من كتلة التحرير والتنمية (كتلته) وزارة المالية.
ويبدو ان ثمة لقاء جديدا بين بري والحريري مطروح، بعد جولة الاستشارات الجديدة للرئيس المكلف مع العماد عون.
وقالت مصادر نيابية ان رئيس المجلس اتصل بالرئيس ميشال سليمان، مهنئا بسلامة العودة من مدريد وبحث فيما آل إليه مسار التأليف.
بري أبلغ الرئيس سليمان انه لابد من التدخل لفك العقد المانعة للتأليف حتى الآن وأكد له ضرورة وضع حد للفراغ، وقال علينا ان نعتبر الأسبوع المقبل مهلة أخيرة، وإلا فإن هذا الأمر يلقي على رئيس الجمهورية، كما على رئيس المجلس النيابي مسؤولية
البقاء مكتوفي الايدي، لاسيما ان الامور باتت لا تحتمل ولا يجوز أبدا أن نعوّد الناس على الفراغ الذي يأكل البلد.
وقال ردا على سؤال: بعد الاسبوع سيكون هناك كلام آخر وحراك آخر، يجب ان ننتهي، البلد لم يعد يحتمل.
مواجهة التطورات
من جهته، قوم رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان مع زواره أمس حركة الاتصالات الخارجية والداخلية والمشاورات السياسية الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة، وحض الفرقــاء على تكثيف المشاورات والاتصالات وتبادل التضحيــات، لافتا الــى ضــرورة ان تكــون هنــاك حكومــة فــي اقــرب وقــت لملاقــاة التطورات المقبلــة علــى المنطقــة، وذلــك للافادة من ايجابياتهــا مــن جهــة ولمنــع أي انعكاسات سلبية لها على الداخل اللبنانــي من جهة أخرى، فضلا عن الحاجة التي باتت ماســة لتسيير عجلة الدولة وشؤون المواطنين وقضاياهم من خلال مجلس الوزراء. وعرض الرئيس سليمان مع وزير العدل د.ابراهيم نجار للاوضاع الراهنة وشؤون وزارته. وتناول مع كل من النائبين بدر ونوس وجوزف المعلوف التطورات السياسية على الساحة.
واستقبل الرئيس سليمان باتريسيا بيار الجميل والنائب الاول لرئيس حزب الكتائب شاكر عون، ودعت السيدة الجميل رئيس الجمهورية الى القداس الذي يقام في ذكرى استشهاد الوزير الراحل بيار الجميل.
وزار بعبدا، رجل الاعمال المغترب سركيس أبونهرا الذي اطلع الرئيس سليمان على أعماله واستثماراته في دنيا الاغتراب واستعداده للاستثمار في الوطن الام، وكذلك على أحوال الاغتراب.
فــي المقابل نقل زوار الرئيس المكلف سعد الحريري عنه ارتياحه الكبير لوتيرة المشاورات، وثقته بما تم انجازه حتى الآن، مؤكدا ان لا عودة الى الوراء، بل ان هناك مسارا موضوعا على نار حامية، والحكومة آتية ولن تستمر حالة الفراغ، كما يخشى البعض.
ترتيبات لقاء الحريري ـ عون
وذكرت صحيفة «السفير» امس ان نادر الحريري مستشار الرئيس المكلف زار الرابية يوم الجمعة والتقى العماد ميشال عون، وبحث معه ترتيبات لقائه الجديد مع الرئيس المكلف.
وتحدث العماد عون عن «لقاء قريب» مع الحريري لم يحدد موعده في حينه، مشيرا في حديثه لتلفزيون ايراني الى ان لقاءاتهما السابقة تم فيها تبادل الرأي من دون الوصول الى تحديد الحقائب أو الاسماء، ومن دون الوصول الى نتيجة محددة.
وقال عون: قبل كل شيء يجب ان أعرف لماذا أترك وزارة الاتصالات؟ واذا كانت هناك اسباب تستحق ذلك، أفعل، اما اذا لم تكن هناك أسباب وجيهة فلن أفعل.
وأضاف: قد يكون هناك سبب مخفي، وهو بالتأكيد غير جيد والا لكانوا أعلنوه.
وقال: كلما ضعفت المقاومة في لبنان ضعفت المعارضة وبات فرض الحلول عليها أسهل، وكلما قويت المعارضة ابتعد الحل بتوطين الفلسطينيين في لبنان.
بدوره الوزير ايلي ماروني، اكد ان حزب الكتائب لم يدخل في مبارزة مع العماد ميشال عون، كما لم يطالب بحقائب معينة، حتى انه، أي الحزب، طرح امكان عودة المشاركة في الحكومة، ولكن دون السعي الى التعطيل. ولاحظ في حديث له امس ان جميع المعطيات كانت تشير الى قرب ولادة الحكومة واذ جاء موقف عون المفاجئ.
عرقلة الحكومة
لكن نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم يرى ان ثمة من يريد حكومة أكثرية في لبنان تضع أسقفا من أجل عرقلة حكومة الشراكة، داعيا الى وضع حد لهم.
وقال: البعض لا يريد حكومة الوحدة الوطنية، مازلنا على قناعتنا، والذين يعيقونها الجميع مسؤول عن وضع حد لهم.