وسط صمت عربي وإسلامي مطبق وتجاهل دولي معتاد، جددت قوات الاحتلال الاسرائيلية أمس اعتداءها على المسجد الأقصى المبارك، واقتحمت قوات كبيرة من شرطة الاحتلال وقواته الخاصة باحات المسجد الاقصى المبارك وسط اطلاق نار كثيف.
وقالت مصادر أمنية فلسطينية ان نحو عشرة فلسطينيين أصيبوا بجروح نتيجة اعتداء القوات الاسرائيلية على المصلين بالضرب واطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع. واضافت المصادر الامنية ان الشرطة اعتقلت عشرة فلسطينيين على الأقل. من جهته، وصف مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين الوضع في المسجد الأقصى بالخطير محذرا من تطور الأوضاع. وقال الشيخ حسين ان قوات من الشرطة وافراد الوحدات الخاصة حاولت اقتحام المسجد المسقوف وقبة الصخرة بالقوة للوصول الى المصلين. وأكد حسين في اتصال هاتفي مع «رويترز» من ساحة الحرم القدسي الشريف «الشرطة الاسرائيلية اقتحمت ساحات المسجد واعتدت بالضرب على كل من فيه من رجال ونساء واطفال». وأوضح المفتي ان المستوطنين حاولوا اقتحام الأقصى بحماية الشرطة الاسرائيلية مما أدى الى اندلاع المواجهات.
بدوره، حمل محافظ القدس عدنان الحسيني الجانب الاسرائيلي مسؤولية التصعيد في القدس وقال لرويترز ايضا «اسرائيل تتحمل كامل المسؤولية عما يجري في المسجد الأقصى».
وتابع: اسرائيل تريد تصعيد الأوضاع للتهرب من تنفيذ استحقاقات عملية السلام وهي تدفع بالمستوطنين ليكونوا هم في الواجهة. شرارة المواجهات اندلعت مجددا أمس في الحرم القدسي في أعقاب قرار الشرطة الإسرائيلية السماح لجماعات يهودية متطرفة بالدخول إلى الحرم بمناسبة ما يزعمون انه «يوم صعود الرمبام إلى جبل الهيكل»، الا ان قوات من الشرطة اقتحمته بادعاء إلقاء فلسطينيين بداخله الحجارة على القوات. وأعلنت الشرطة الإسرائيلية عن اعتقال 12 فلسطينيا بينهم ثلاثة تواجدوا داخل الحرم وتسعة عند مداخله صباحا.
من جانبه أدان رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية «حماس» خالد مشعل امس الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى. واكد مشعل في مؤتمر صحافي حضره عدد كبير من قيادات حماس وقادة الفصائل المتواجدة في دمشق انه «لأول مرة يغلق الجيش الاسرائيلي ابواب المسجد القبلي بالجنازير، ويمنع الأذان داخل باحات المسجد ويقتحمه لفترة طويلة»، مؤكدا «ان هذه الممارسات تأتي كخطوة لتقسيم المسجد الأقصى وفرض طقوسهم الدينية في المسجد».
وحيا مشعل المعتصمين في الأقصى من أهلها ومن عرب الداخل، والمسيحيين الذين اعتصموا داخل المسجد للدفاع عنه، مشددا على «ان القدس عندنا هي كل القدس بأرضها وأهلها وبرمزيتها الاسلامية ولا حق لليهود فيها وان مصير القدس لن يحسم في ميزان المفاوضات وانما في ميزان المواجهة والمقاومة».
واضاف «ان القدس هي مهد الديانات السماوية»، داعيا الدول العربية والإسلامية وخاصة تركيا، للدفاع عن المدينة بمسجدها. وطالب مشعل الموقف الرسمي الفلسطيني ان يكون بمستوى القدس.
في المقابل زعمت وسائل إعلام إسرائيلية نقلا عن مصادر في الشرطة إن إحدى دورياتها التي جالت داخل الحرم منذ ساعات الصباح الباكر لاحظت أن فلسطينيين سكبوا الزيت على الأرض داخل الحرم بهدف التسبب في انزلاق قوات الشرطة والمتطرفين اليهود في حال دخولهم إلى الحرم. وبالتزامن مع المواجهات، اقام المتطرفون اليهود في حائط البراق صلواتهم وسط حراسة مشددة من جانب قوات الشرطة.
وكانت الشرطة الإسرائيلية أعلنت مساء أمس الأول عن أنها ستسمح بدخول المصلين المسلمين إلى الحرم أمس من دون فرض أي قيود لكنها في المقابل أعلنت عن نيتها السماح بدخول اليهود إلى الحرم.
وأفادت صحيفة يديعوت أحرونوت بأن سياسيين وشخصيات عامة وحاخامات إسرائيليين كانوا يعتزمون الدخول إلى الحرم امس بحجة إحياء ذكرى يوم دخول الحاخام موسى بن ميمون الذي زار البلاد في نهاية القرن الخامس عشر إلى الحرم وعقد اجتماع حول موضوع دخول اليهود إلى الحرم. ونقلت الصحيفة عن المستوطن المتطرف يهودا غيليك الذي وصفته بأنه رئيس «المنظمة من أجل حقوق الإنسان في جبل الهيكل» قوله «إننا ندعو الجمهور إلى زيارة جبل الهيكل فهذا مكان مقدس بالنسبة لنا».
الا ان الحركة الإسلامية الجناح الشمالي داخل الخط الأخضر بقيادة الشيخ رائد صلاح دعت في المقابل إلى التوجه إلى الحرم «لحمايته من الاحتلال اليهودي» وأعلنت عن توفير حافلات لنقل المصلين من داخل الخط الأخضر إلى الحرم. وامعانا منها في الاعتداء على الاقصى منعت سلطات الاحتلال الاسرائيلي المسلمين في القدس امس من رفع اذان الظهر في المسجد الاقصى المبارك. وقالت مصادر فلسطينية ان قوات الاحتلال منعت المصلين ايضا من الدخول الى المسجد الاقصى لاداء صلاة الظهر. ولاحقا ارتفع عدد المعتقلين الى 16 فلسطينيا في تجدد المواجهات بعد الظهر وبينهم مسؤول ملف القدس في منظمة التحرير الفلسطينية حاتم عبدالقادر. فيما توعد المفتش العام للشرطة دافيد كوهين قادة الحركة الإسلامية في الجناح الشمالي برئاسة الشيخ رائد صلاح.
من جهتها، اعتبرت حركة حماس أن معركة القدس بدأت تطالب الدول العربية والإسلامية بتحمل مسؤولياتها إزاء الخطط والإجراءات الإسرائيلية التي تمس المسجد الأقصى.
وقال القيادي في «حماس» والناطق باسم كتلتها البرلمانية صلاح البردويل في مؤتمر صحافي بغزة أمس «لقد بدأت معركة القدس وآن الأوان لكل عربي ومسلم أن يتحمل نصيبه من الدفاع عن كرامته في معركة القدس ولينظر كل واحد منا ما هو دوره ووزنه ويجعل بوصلته تشير إلى القدس دوما وليصدق كل واحد منا في تقديم ما بوسعه ولو بالدعاء».
ودعا الدول العربية والإسلامية إلى تحمل المسؤولية تجاه ما يحدث في القدس والمسجد الأقصى معتبرا أن «معركة القدس معركة فاصلة لنا فيها نصر حتمي وما يفعله المحتل هو أنه يستعجل نهايته المحتومة». بدورها اتهمت منظمة التحرير الفلسطينية أمس إسرائيل بالعمل على توتير الأوضاع داخل المسجد الأقصى بسماحها للجماعات اليهودية بدخوله وإقامة شعائرهم التلمودية فيه.