بيروت ـ عمر حبنجر
مع انكفاء امكانية تشكيل الحكومة اللبنانية تحت ضغط العقبات المتوالدة من رحم الاستحقاقات الاقليمية بأسماء محلية، اقترن الصيام عن الكلام الذي اعلنته بعض القيادات، بالغياب عن السمع، لا بل ان بعضهم اغلق بيته المستحدث في محيط بيروت، كالنائب سليمان فرنجية الذي عاد الى مقره الشمالي في بنشعي، في شبه اعلان عن فشل وساطته بين الرئيس المكلف سعد الحريري وبين رئيس تكتل الاصلاح والتغيير العماد ميشال عون.
وهذا الغياب مبرر، لأن هؤلاء فقدوا القدرة على اقناع الناس بطروحاتهم التفاؤلية، بعد سلسلة الاخفاقات المتتالية، حيث باتت هذه الطروحات مدعاة للسخرية، بدلاً من ان تكون بشارة خير.
بدوره رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي تجاوز صيامه عن الكلام بضعة اشهر، غاب عن لقاء الاربعاء النيابي امس الاول، ربما لأنه ليس ثمة ما يقوله للنواب.
وقد نقل عنه بعضهم امس انه بصدد طرح 3 مقترحات، اولها التمني على رئيس الجمهورية الدعوة لطاولة حوار تبحث الازمة او الدعوة الى اجتماع عام لمجلس النواب للسبب نفسه، واما فإنه سيلجأ شخصيا الى الاعتصام في البرلمان لحين حل الازمة الحكومية.
هذا الواقع الصعب، نجم عن اصرار العماد ميشال عون على مطالبه التي تعتبرها الموالاة تعجيزية، وبالتالي اصرار الرئيس المكلف سعد الحريري على رفض هذه المطالب، بعدما قدم له من التنازلات ما بدأ ينعكس سلبا على موقعه حتى داخل الاكثرية التي هو صاحبها.
تعليق الوساطات
كتلة المستقبل النيابية التي يرأسها رئيس حكومة تصريف الاعمال فؤاد السنيورة، اتهمت كتلة عون بالابتزاز وكشفت عن توقف الوساطات، وأعلنت مصادر تيار المستقبل ان الاتصالات والمشاورات التي نشطت اخيرا قد علقت، بعدما تكشف للوسطاء الذين لم تسمهم المصادر، ان جهودهم لم تكن سوى مادة ابتزاز استفاد منها التيار الوطني الحر لتحسين مواقعه داخل الحكومة، مستفيدا من تجاوب الرئيس المكلف سعد الحريري.
وذكرت اخبارية المستقبل ان الاتصالات المواكبة لتشكيل الحكومة توقفت امس، امام موقف مجلس المطارنة الموارنة المؤكد على الالتزام بالمواقف التي اتخذها البطريرك صفير، خصوصا المتعلقة منها بسلاح حزب الله، وان تحكم الاكثرية وتعارض الاقلية، الامر الذي حسم مرجعية بكركي وعزل النائب عون الذي هاجم البطريرك صفير من موقع المدافع عن سلاح حزب الله، واعتبرت ان محاولات عون تكريس نفسه زعيما مسيحيا أوحدا، لم تعد تنطلي على أحد، وانه ليس سوى واجهة لقوى اقليمية ومحلية ترغب في ابقاء لبنان أسيرا معروضا للتبادل في ملفات لا علاقة له بها.
بدورها، عكست مصادر حزب الله الجمود في الوضع الحكومي، وقالت: كما حصل في مرات سابقة انحسرت موجة التفاؤل الحكومية فجأة، وجمدت قنوات الاتصال بين الرئيس المكلف والعماد عون بانتظار خرق ما، يؤدي الى استئنافها من جديد.
عضو قيادة «المستقبل»، مصطفى علوش قال في تصريح له امس: لا يمكن التبشير بولادة الحكومة الا بعد ان يوقع الرئيس سليمان على مراسيم تشكيلها، حسب ما قال لموقع ناو ليبانون.
العقدة الأخيرة
آخر التطورات التأليفية للحكومة اصطدمت بخيارين اخيرين للعماد عون: اما ابقاء وزارة الشؤون الاجتماعية، مضافا اليها السياحة كبديل عن الزراعة، أو التعويض بوزارة الاقتصاد، رافضا بشكل قاطع استبدال الزراعة بوزارة الثقافة.
وهكذا، بدا ان ايجاد بديل لوزارة الثقافة من حصة عون، هي الثلث الظاهر من جبل المشكلة الحكومية، انه يطالب بوزارة الاقتصاد الى جانب وزارتي الاتصالات والطاقة، الامر الذي رفضه الرئيس المكلف لأنه يضع في يد كتلة عون ثلاث حقائب وزارية ذات طابع اقتصادي، الامر الذي يمنحها مجالا واسعا في هذا الحقل بمعزل عن التفاهم المفترض مع الرئيس المكلف والوزراء الآخرين، خصوصا، حيال مشاريع الخصخصة والتزامات لبنان الدولية.
الحريري عرض على عون وزارة الصناعة كبديل عن وزارة الثقافة، لكن عون رفض وأصر على وزارة الاقتصاد.
لقاء بلا نتيجة
هذا الحال استدعى لقاء ليليا بين المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين خليل والرئيس المكلف سعد الحريري، حيث كان الحريري مهتما بمعرفة أصداء مواقف عون ومطالباته لدى حزب الله وقوى المعارضة الأخرى، في ظل توارد معلومات عن إيحاءات اقليمية، لكن الاجتماع الذي انعقد في بيت الوسط، لم يسفر عن جديد.
وكان العماد عون رد تعثر التفاهم على تشكيل الحكومة الى ان المشاورات «لم تبلغ مستوى البحث بأسماء المستوزرين» لكنه اكد ان صهره جبران باسيل «هو حكما وزير في الحكومة المقبلة». لكن رئيس تكتل الاصلاح والتغيير لم يحدد الوزارة التي سيتولاها باسيل، بما يعني ان وزارة الاتصالات ليست محسومة له، وقال: الوزارات نحن نعيّنها، ولو كانت لدينا وزارتا العدل والتربية وغيرهما فلن يكون باسيل وزيرا لها. وردا على سؤال حول رأيه في قول البطريرك نصرالله صفير ان الديموقراطية والسلاح لا يجتمعان، قال:
و.. والأمن والضعف على الحدود مع اسرائيل، لا يتعايشان، وعليه ان يختار اي معادلة يريد، العيش لاجئا في الخارج او يريد العيش آمنا في وطنه، والسلاح الذي يتحدث عنه (سلاح حزب الله) لم يؤذه، وليقل اين آذاه هذا السلاح، كي أقف الى جانبه؟ لماذا لا يحكي عن الفساد غبطة البطريرك، وهو يعلم بكل شيء، لماذا وقف الى جانب الفساد في الدولة؟ انه يحمي الفئة التي تعمم الفساد في الدولة.
عون وحق الحزب في السلاح
عون تناول موضوع اعتراض البحرية الإسرائيلية لباخرة محملة بالأسلحة قيل انها مرسلة من ايران الى حزب الله، عبر سورية، مؤكدا حق الحزب والفلسطينيين في التزود بالأسلحة من ايران وحتى من الصين وحتى من الولايات المتحدة بواسطة تجار الأسلحة. وأضاف: «بمعزل عن صحة المعلومات المتداولة، او عدمه، ان اسرائيل لم تأخذ فلسطين بالملبس على لوز، بل بالطائرات والقنابل الذكية، حرقت الناس وقتلتهم، شعب بدو يدافع عن حاله، يحلوا عن ظهرنا، اذا ما جبنا سلاح من ايران منجيب من الصين واذا ما جبنا من الصين منجيب من كوريا، ويمكن ان نجلب سلاح اميركي من تجار السلاح، لا أحد يتحدث عن السلاح عندنا، اسرائيل لم يعد عندها بشر يستطيعون حمل السلاح الذي عندها، لأن العالم كله مجند لحماية اغتصاب اسرائيل لحقوق الفلسطينيين». واستطرد عون قائلا: «انا لو كان معي مصاري كنت أشتري السلاح، من اجل فلسطين، وليس الداخل اللبناني».