بعد خطة الانتشار العسكري التي قام بها الجيش اللبناني عند الخط الفاصل بين منطقتي الشياح وعين الرمانة واستحدثت بموجبها نقاط ومراكز ثابتة، بدأ تنفيذ خطة أمنية تتولاها قوى الأمن الداخلي بناء على طلب حزب الله وبتغطية منه تعني رفع الغطاء عن أي مخالف أو مرتكب. وهذا الدخول للأمن اللبناني الرسمي الى الضاحية هو الأول من نوعه من حيث طبيعته وفعاليته ومغزاه.
تشير مصادر أمنية في هذا المجال الى أنه «تم تعزيز القوى السيارة والمخافر في الضاحية بـ 250 عنصرا إضافيا، عدا التعزيزات السابقة». وتضيف أن «التنسيق بين القوى الأمنية وحزب الله في الضاحية ظاهر ومستمر، وارتياح القوى الأمنية في المنطقة يظهر بوضوح، إذ تقوم بمهماتها على أكمل وجه، وتسير دوريات في شكل مستمر». ولفتت الى أن «الوضع النفسي جيد، وابرز دليل توقيف 1250 دراجة من دون إشكال يذكر». وقالت: «نحن قادرون على تقديم نموذج أمني وهو أمر تحتاج إليه القوى المحلية»، التي وفرت الغطاء السياسي للخطة. وأعلنت أن نتائج الخطة الأمنية في الضاحية «بدأت تظهر على الأرض. والآن اتفق على وقف مخالفات البناء، تمهيدا لإيجاد حل جذري لهذا الملف».
مصادر مراقبة تقول تعليقا على حملة «النظام من الإيمان» في الضاحية الجنوبية ان هذه العملية تبدو حتى الآن مقتصرة على مناطق النفوذ الكامل لحزب الله فيها، حيث لا تبرز أي مظاهر في منطقة الشياح التي يتقاسم حزب الله فيها النفوذ مع حركة أمل، مع أرجحية سياسية ومعنوية للحركة.
وهذا لا يعني، حسب المصادر، ان الشياح منطقة تختلف عن مناطق الضاحية الأخرى اجتماعيا، فهي أسوة بغيرها شهدت ضمور دور القوى الأمنية، وتنتشر في بعض أحيائها ظواهر شاذة على المستوى الاجتماعي والقانوني.
وتعتقد هذه المصادر ان عدم شمول الشياح بهذه الحملة يرتبط بتلافي الحزب أي خطر مواجهة مع «أمل» التي تعتبر هذا الحيز خاصا، ويعني ان الحملة ترتبط أساسا بإجراءات داخلية يقوم بها الحزب في جسمه التنظيمي أولا، وباتجاه المحيط الاجتماعي اللصيق به ثانيا، كما ترتبط برسالة يوجهها على أبواب المرحلة الجديدة الى الدولة والمجتمع عموما، مفادها انه يؤكد انسجامه ومصلحته في قيام الدولة. مصادر أخرى تقول ان دعوة حزب الله الأجهزة الأمنية والرسمية الى ممارسة عملها في مناطق الضاحية دليل على أن الأجهزة المذكورة كانت ممنوعة من ممارسة عملها سابقا. وقد يكون في هذا الكلام شيء من الصحة نظريا. ولكن الصحيح أيضا أن حزب الله بهذا القرار الجريء قد وضع يده على الجرح وسجل عمليا، خطوة متقدمة بل «سابقة»، وإن يكن الغياب الأكبر لهذه الأجهزة ولسوء الحظ، في مناطق نفوذ حزب الله أو تلك المحسوبة عليه في الضاحية وغيرها، خصوصا في الجنوب والبقاع. ولو لم يكن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مستندا الى كم هائل من التقارير والمعلومات ذات الصلة بفلتان في مكان ما قد يؤدي الى فقدان الجميع السيطرة على الوضع، وفي طليعتهم حزب الله، لما أعطى حيزا واسعا لآفة المخدرات والفلتان الأخلاقي والاجتماعي والممارسات الحرام تحت غطاء من هنا أو هناك، وربما أحيانا بالتلطي وراء «فتاوى» من منتحلي صفة يفصلونها على قياسهم، وذلك في خطاب مباشر في مناسبة كبيرة هي «يوم الشهيد».