بيروت ـ عمر حبنجر
حزم رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري حقائب السفر الى كوبنهاغن، مرورا بالرياض محملا بثقة نيابية شبه اجماعية وغير مسبوقة.
اذ لم تحصل حكومة بما فيها حكومات والده الشهيد رفيق الحريري، على نسبة 94.53% من اصوات النواب، ما يعكس اهمية التوافق المعتمد كاطار للحكم وكفلسفة سياسية لعهد الرئيس ميشال سليمان، الذي سيغادر بدوره اليوم السبت، باتجاه واشنطن، للقاء الرئيس اوباما في البيت الابيض.
الثقة النيابية لحكومة الانماء والتطور ولدت قبيل منتصف ليل امس الاول، بعد ثلاثة ايام وست جلسات نيابية و66 متكلما، استهلكوا 26 ساعة من المناقشات المستظلة بالتفاهمات السياسية المحلية المتأثرة بالمناخات الاقليمية.
بالارقام حصلت الحكومة على 122 صوتا، وثمة من يتحدث عن خطأ في الحساب وان الرقم الصحيح هو 121، من اصل 128، الا ان هذه النتيجة لم تحسم بانتظار اعادة جرد الحضور والغياب، حيث ثمة من يقول ان اربعة نواب غابوا هم: طلال ارسلان، نبيل نقولا، هاشم علم الدين ودوري شمعون، ومن يقول ان الغائبين كانوا خمسة، من دون تسمية الخامس الذي تردد انه حسن فضل الله، فيما حجب الثقة نائب زحلة نقولا فتوش، وامتنع عن التصويت نائب الجماعة الاسلامية عماد الحوت لاسباب تتعلق بالتوزير.
وبعد اعادة العد والتدقيق تبين ان النواب الذين تغيبوا خمسة لا اربعة، وبالتالي فان من اعطوا الثقة للحكومة هم 121 وليس 122 نائبا. وبالطبع هذه «الحسبة» لا تقلل من اهمية المحصلة النيابية لحكومة سعد الحريري، والتي عبر عنها رئيس المجلس نبيه بري بعناق طويل لرئيس الحكومة الشاب.
وكانت الكلمة الاخيرة قبل التصويت للرئيس الحريري الذي ابلغ النواب قناعته بان البيان الوزاري ليس الحل الوحيد لمشاكل البلد، ما لم يشكل ارادة حقيقية لتعزيز الاستقرار، مؤكدا على ان ما جاء فيه لجهة البند السادس الخاص بالمقاومة، لا يلغي الدولة.
سأطرح الثقة بنفسي
وقال الحريري ان هذه الحكومة حكومة ائتلاف وطني، داعيا الى تحويلها من حكومة الوفاق الوطني ـ الوطني الى حكومة التوفيق الوطني، معتبرا انه في حال تحولت هذه الحكومة الى حكومة متاريس طائفية «سأكون اول من يطرح الثقة بنفسي وبها». وعن التهديدات الاسرائيلية قال انها شأن اللبنانيين جميعا، وهذا ما جرى تأكيده في البند السادس الذي لا يلغي دور الدولة والجيش، لان الجيش هو المسؤول الاول في المواجهة، مشددا على التزام الحكومة باعداد الجيش ومشددا على التضامن العربي.
بدوره النائب نقولا فتوش المنسحب من 14 آذار، قال: لاخواني في 14 آذار انياب اقسى من انياب الذئب، وعندما اجتمعت بدولة الرئيس سعد الحريري يوم تشكيل الحكومة، قال لي ان من يعترض على توزيرك هم رئيس الجمهورية والسيد سمير جعجع، فقلت له: اذن قد خرجت مني، وخالف دولة الرئيس قول الله تعالى في كتابه العزيز: (واوفوا بالعهد ان العهد كان مسؤولا).
رعد: المقاومة خيار وواجب
رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد قال ان الدولة حاجة لنا وضرورة، اما مقاومتنا فهي خيار بل واجب وطني، اثبتت جدواها في وجه العدو الصهيوني الذي يواصل خروقاته لسيادتنا، وان المقاومة باقية ما بقي هناك احتلال في لبنان. ورأى رعد ان التوتر السابق ضيع على اللبنانيين فرصة التوافق والاستقرار واكد ان الفرصة لاتزال سانحة وسأل رعد: أليس مؤسفا ان يعترف العالم كله بانتصار المقاومة على العدو الصهيوني بينما لا نزال هنا نسمع اشارات حول جدوى المقاومة وحقها ودورها في الدفاع عن لبنان؟! داعيا الحكومة الى ان تولي الجيش العناية الكاملة وتجهزه ليضاعف قدرته في الدفاع عن الوطن. اما المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب علي حسن خليل فقد اكد ان اسرائيل مستمرة في احتلال مزارع شبعا وتلال كفر شوبا للاستفادة من المياه اللبنانية.
والدويهي يعتبرها شراً لابد منه
عضو كتلة المردة اسطفان الدويهي استغرب الهجوم المركز على المقاومة ارتهانا لاجندة خارجية وقال الدويهي اذا كانت المقاومة شرا، فهي في وضعنا شر لابد منه.
الرئيس فؤاد السنيورة دعا الى عدم التخوين ما دمنا متفقين على ان اسرائيل هي العدو، داعيا الى توفير الظروف لالغاء الطائفية السياسية، وختم مدافعا عن مرحلة وجوده على رأس الحكومة.
«بنك المدينة» الذي كان احد ضحايا العهد السابق تذكره النائب القواتي جورج عدوان، فصفق النواب وتدخل بري متسائلا: علام تصفقون؟ انا اول من اثار هذا الموضوع.
اما «الاستنابات» القضائية السورية بحق شخصيات لبنانية رسمية واعلامية، فقد تطرق اليها النائب انطوان زهرة، عضو كتلة القوات اللبنانية، حيث اعتبرها بمثابة شهادة للقضاء اللبناني، لان مواطنا لبنانيا التجأ الى قضاء آخر دون ان يتخلى عن جنسيته.
واضاف زهرة: ان من اعتاد تركيب الملفات واستعمال هذا القضاء اللبناني سياسيا وامنيا بات عاجزا عن استعماله، الأمر الذي ألجأه الى من كان يستعمله لاستعمال هذا القضاء اول تحرك لرئيس مجلس الوزراء بعد تقبل التهاني بالثقة المباركة في مجلس النواب كان الى ضريح والده في ساحة الشهداء، يرافقه بالسيارة المعاون السياسي للرئيس نبيه بري، النائب علي حسن الخليل، حيث تلوا الفاتحة بحضور رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة وعدد كبير من النواب.
حكومة الناس
وزير التربية الوطنية حسن منيمنة، رأى ان الثقة العالية التي نالتها الحكومة هي ثقة سياسية تعكس حالة الوفاق الذي تحقق، واصفا اياه بحكومة الناس التي عليها الاهتمام بمطالب الناس، بحق الناس في الحصول على الماء والكهرباء والتعليم المجاني والتنمية الاقتصادية والتشريعات الانتخابية الملائمة، مستبعدا ان يؤدي الخلاف حول الاستراتيجية الدفاعية وسلاح حزب الله الى خلاف سياسي واسع ولا اعتقد ان هذا الموضوع سيعوق عمل الحكومة.
وعن زيارة الرئيس الحريري الى دمشق امل الوزير منيمنة الا تؤثر مسألة الاستنابات على زيارة الرئيس سعد الحريري الى دمشق.
وذكرت اذاعة الشرق ان الاتصالات الجارية بشأن زيارة الرئيس الحريري الى دمشق لم تصل بعد الى نتائج محسومة بشأن تحديد موعدها، على رغم المعطيات القائلة باحتمال اتمام هذه الزيارة مطلع الاسبوع المقبل.
واضافت الاذاعة الناطقة بلسان تيار المستقبل نقلا عن صحيفة «النهار» ان «الاستنابات» القضائية السورية لاتزال تشكل عامل تشويش على التحضيرات للزيارات، علما ان هيئة القضايا والتشريع في وزارة العدل تحضر جوابا قانونيا بعدم صحة هذه الاستنابات.