ما بين إقالته لمساعد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (اف.بي.آي) آندرو ماكيب، وفضيحة اختراق احدى الشركات الداعمة لحملته الانتخابية لحسابات 50 مليون مشترك في «فيسبوك»، لايزال وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض يثير الجدل والتساؤلات بشكل لم يسبق لأي رئيس أميركي أن فعله قبله.
اذ يثير قرار إقالته ماكيب المخاوف من تعزيز الشبهات بأنه يعرقل التحقيق الذي يجريه المدعي الخاص روبرت مولر بشأن التدخل الروسي في انتخابات العام 2016، بحسب خبراء قانونيين.
ولربما يقدم ترامب على مغامرة غير محسوبة عبر تصويره الشهود المحتملين ضده مثل ماكيب ومدير «اف.بي.آي» السابق جيمس كومي على أنهم «غير موثوقين».
لكن تغريداته المهينة بحق كليهما والتي أوضحت بشكل متزايد رغبته في أن تتم إقالتهما، أشعلت اتهامات بأنه يتدخل في تحقيق مولر بخلاف القانون، ما يشكل اتهاما بإمكانه تهديد رئاسته.
وعقبت اقالة ماكيب على خلفية اتهامه بالكذب في تحقيق داخلي غرد ترامب قائلا «آندرو ماكيب مطرود، إنه يوم عظيم لرجال ونساء «اف.بي.آي» الذين يعملون بجد.. يوم عظيم للديموقراطية».
واضاف «كان جيمس كومي (مدير «اف.بي.آي» السابق) الذي يدعي التهذيب رئيسه، وجعل ماكيب يبدو كالجبان. كان يعلم بالاكاذيب والفساد المنتشر في اعلى مستويات «اف.بي.آي».
وأتبع ترامب هذه التعليقات بتغريدات أخرى هاجم فيها مولر الذي تولى التحقيق في مسألة تعاون فريق الرئيس الانتخابي مع روسيا بعدما أقال الأخير كومي في مايو 2017.
وقال «كان يجب الا يبدأ تحقيق مولر مطلقا حيث لم يكن هناك تعاون ولا جريمة»، مشيرا إلى أن المحققين هم جميعا من الديموقراطيين المعارضين له، وتساءل «هل هناك من يعتقد ان ذلك أمر منصف؟»
ولا يعلم أحد بالضبط ما الاتهامات التي ينظر فيها مولر، المدعي الغامض البالغ من العمر 73 عاما والذي كان هو نفسه مديرا لمكتب التحقيقات الفيدرالي.
لكن ازدادت المؤشرات بأنه إلى جانب تركيزه على التعاون المحتمل بين حملة ترامب وروسيا، يحضر مولر قضية بشأن عرقلة القضاء.
وفي هذا السياق، كتب المدعي الفيدرالي السابق ريناتو ماريوتي عبر «تويتر» «في هذه المرحلة، يبدو أن ترامب غير آبه بالتبعات القانونية المحتملة نظرا لتغريداته المتواصلة التي يهاجم فيها «اف.بي.آي» ووزارة العدل».
وكانت عرقلة القضاء بين الاتهامات التي تمخضت عن فضيحة «ووترغيت» التي أجبرت الرئيس السابق ريتشارد نيكسون على الاستقالة في 1974 حيث كان يواجه عزلا مؤكدا في الكونغرس.
وكانت كذلك بين مادتين تسببتا بجلسة لعزل بيل كلينتون من قبل مجلس النواب عام 1998 في إطار فضيحة مونيكا لوينسكي.
ولينجح في رفع قضية عرقلة للقضاء ضد ترامب، سيكون على مولر إظهار أنه كانت لدى الرئيس نوايا فساد في أفعاله، وسيكون ذلك أمرا صعبا وهو السبب الذي يجعل الخبراء القانونين غير مقتنعين بإمكانية رفع قضية من هذا النوع ضد الرئيس.
ويقول الخبير في القانون الدستوري آلان ديرشويتز إن التقدم بتهمة عرقلة القضاء يحتاج إلى أفعال مثبتة مثل اتلاف الأدلة والطلب من الناس أن يكذبوا أو دفع أموال إليهم ليقوموا بذلك تحت القسم.
وفي هذه الاثناء، تراجعت اسهم فيسبوك أمس الأول، إثر فضيحة تهز عملاق مواقع التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة وخارجها على خلفية معلومات ذكرت بأن شركة عملت لصالح حملة الرئيس دونالد ترامب الرئاسية، جمعت بيانات لخمسين مليون مستخدم لفيسبوك واساءت استخدامها.
وصدرت دعوات في الولايات المتحدة وخارجها تطالب بالتحقيق، بعد أن رد فيسبوك على تقارير عن اساءة استخدام معلومات شخصية لمستخدميه، بتعليق حساب شركة «كامبريدج اناليتيكا» البريطانية التي تعاقدت معها حملة ترامب الرئاسية عام 2016.
وطالبت السيناتورة الديموقراطية ايمي كلوبوشار والجمهوري جون كينيدي بأن يمثل مؤسس فيسبوك مارك زاكربرغ أمام الكونغرس مع المديرين التنفيذيين لغوغل وتويتر.
وقال السيناتوران ان شركات التواصل الاجتماعي «جمعت كميات غير مسبوقة من المعلومات الشخصية» وان غياب المراقبة «يثير القلق إزاء نزاهة الانتخابات الأميركية وكذلك حق الخصوصية».
وقال مسؤول الامن في فيسبوك اليكس ستاموس إن دوره تحول إلى التركيز على المخاطر المستجدة وأمن الانتخابات في شبكة التواصل الاجتماعي العالمية.
وكشف ستاموس عن التغيرات بعد ان أوردت صحيفة «نيويورك تايمز» أنه يغادر فيسبوك في أعقاب خلافات داخلية حول كيفية التعاطي مع المنصة المستخدمة لنشر اخبار مضللة.