العلاقة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون علاقة شخصية ودية ومميزة، ماكرون بات الصديق والحليف الأوروبي الأقرب الى ترامب والأكثر تأثيرا عليه والأكثر تأثرا به وتفاعلا معه، وثنائية ترامب ماكرون تذكر بثنائية بوش (الابن) شيراك عندما وصلت السياستان الأميركية والفرنسية الى مرحلة متقدمة من التماهي والانسجام في الشرق الأوسط:
٭ عندما انتخب ماكرون رئيسا لفرنسا اتصل به ترامب مهنئا وقائلا: «أنت منتصر، كان انتخابك عظيما مثل انتخابي».
٭ في احتفالات العيد الوطني الفرنسي في يوليو الماضي، دعا ماكرون ترامب كـ«ضيف شرف» واحتفى به وتناول وإياه العشاء في برج إيفل ما ترك أثرا كبيرا لدى ترامب الذي وجد فيه أفضل صديق في أوروبا.
٭ اتصل ترامب منذ انتخابه هاتفيا بالرئيس الفرنسي ٢٠ مرة وتشاور مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي ١٩ مرة، واتصل بالمستشارة الألمانية ميركل عشر مرات، القادة الأوروبيون الثلاثة يصلون تباعا الى واشنطن هذا الشهر، ولكن ماكرون وحده مدعو في زيارة دولة وهي الارفع بروتوكوليا، ماكرون هو أول رئيس دولة يستقبله ترامب بتشريفات زيارة دولة ويقيم له عشاء خاصا في «فاونت ميرنون» المقر التاريخي للرئيس جورج واشنطن، وحفلة في حديقة البيت الأبيض، كما يلقي ماكرون خطابا في جلسة مشتركة لمجلسي الشيوخ والنواب، وفي استعادة لمشهد إلقاء الجنرال ديغول خطابا تاريخيا.
لكن هل تكفي هذه الصداقة المميزة للتأثير على ترامب في موضوع الاتفاق النووي وإقناعه بالإبقاء على هذا الاتفاق الذي يعتبره سيئا جدا؟! يحمل ماكرون في جعبته الى واشنطن، ليس موقف فرنسا فقط، بل أيضا موقف الاتحاد الأوروبي، وخصوصا الموقفان البريطاني والألماني، ويتطلع الأوروبيون باهتمام كبير الى نتائج محادثات ماكرون مع ترامب، إذ إنها تشكل فرصة أخيرة لإقناع الرئيس الأميركي بأهمية إبقاء الاتفاق النووي الموقع مع إيران على قيد الحياة.
وبما أن العلاقة بينهما تطورت بشكل جيد خلال العام الماضي، ينظر الأوروبيون وكل مؤيدي الاتفاق النووي بتفاؤل الى قدرة ماكرون على إحداث الفارق والخروج من البيت الأبيض بنتيجة إيجابية تحمي الاتفاق.
ترامب كان حدد مهلة لفريقه الديبلوماسي تنتهي في ١٢ مايو المقبل، طلب منهم خلالها التفاوض مع الدول الأوروبية الحليفة الموقعة على الاتفاق النووي (بريطانيا وفرنسا وألمانيا)، من أجل فرض شروط جديدة صارمة على الاتفاق كي يستمر، وتفيد المعلومات بأن الدول الأوروبية الثلاث مازالت ترفض إعادة صياغة الاتفاق النووي على الرغم من أنها تؤيد الولايات المتحدة في ضرورة التصدي للبرنامج «البالستي» الإيراني، كما تؤيد الحد من السياسات الإيرانية التوسعية المزعزعة للاستقرار في المنطقة.
يحمل ماكرون موقفا أوروبيا متمسكا بالاتفاق النووي ومتخوفا من نقضه أميركيا ومن ردود الفعل الإيرانية، وآخرها التلويح بالعودة الى تخصيب اليورانيوم بوتيرة أسرع وبدرجة أعلى، ويعول ماكرون على إقناع ترامب إما بالتخلي عن نسف الاتفاق أو بتأجيل اتخاذ قرار نهائي بشأنه، مع السعي أوروبيا الى توفير ضمانات بشأن سلمية البرنامج النووي الإيراني، وأيضا بشأن برامج طهران الصاروخية البالستية وسياستها الإقليمية.
المؤشرات الأميركية تدل على تصميم ترامب على «نقض الاتفاق النووي»، والى أن ماكرون لن ينجح في تحقيق اختراق ديبلوماسي وفي إقناع ترامب بعدم الانسحاب من الاتفاق، مثلما لم ينجح في إقناع كل الاتحاد الأوروبي بعدم فرض عقوبات إضافية على إيران بسبب برامجها الصاروخية، يريد ترامب أربع مسائل أساسية، وهناك تقارب بينه وبين ماكرون في ثلاث منها: - إعادة النظر في عدد من فقرات الاتفاق التي تنص على سقوط فاعلية بعض الإجراءات الخاصة بالنشاطات النووية الإيرانية بحلول عام ٢٠٢٥ و٢٠٣٠، أو بالمهل التي تحتاجها إيران للتوصل الى تصنيع القنبلة النووية في حال قررت الخروج من الاتفاق.
٭ فتح كل المواقع الإيرانية بما فيها العسكرية أمام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة النووية.
٭ تحجيم البرنامج البالستي الإيراني.
٭ تغيير جذري لسياسات إيران الإقليمية في الخليج ودول عربية أخرى مثل اليمن وسورية والعراق ولبنان...