اعلن حلف شمال الاطلسي (الناتو) ان 15 الف جندي من القوات الافغانية والدولية وعلى رأسها القوات الاميركية، شنوا ليل امس الاول عملية واسعة النطاق على معقل لطالبان في جنوب افغانستان حيث يواجهون «مقاومة قليلة»، حسبما ذكرت مصادر عسكرية.
وهذه العملية للقوات الدولية هي الاكبر لها منذ اعلان الرئيس الاميركي باراك اوباما في ديسمبر الماضي عن ارسال 30 الف جندي اميركي اضافي خلال العام الحالي من اجل قلب مسار الحرب في افغانستان حيث تتصاعد حركة التمرد التي تقوم بها حركة طالبان.
وبدأت العملية التي اطلق عليها اسم «معا» او «مشترك» بلغة الداري بعيد منتصف الليل بانزال عناصر من مشاة البحرية الاميركية (المارينز) وجنود افغان في بلدة مرجه.
ويصف مسؤولون عسكريون العملية بأنها اكبر هجوم تشنه القوات الدولية منذ بداية الحرب في نهاية 2001، بعد طرد طالبان من السلطة.
لكن المتمردين سخروا من العملية التي «احيطت بضجيج اعلامي كبير» ضد مرجه «المنطقة الصغيرة جدا».
مقتل 5 متمردين و3 أميركيين
وصرح الجنرال شير محمد زازاي قائد الجيش الافغاني في اتصال عبر الڤيديو من لشكركاه عاصمة ولاية هلمند (جنوب) ان «معلوماتنا الاولية تفيد عن مقتل خمسة اعداء في مواقع مختلفة وفي معارك وجها لوجه».
كما قتل 3 جنود اميركيين في انفجار قنبلة مزروعة على الطريق جنوب أفغانستان بحسب بيان لحلف الناتو. ولم يرد البيان اي تفاصيل اخرى.
من جهته، قال اللفتنانت جوش ديدامز الناطق باسم المارينز في هلمند ان «المروحيات انزلت في الساعة 2.30 فجرا قوات مشتركة في مدينة مرجه». واضاف «نتقدم على الارض ونواجه مقاومة قليلة».
واكد الجنرال محي الدين غوري قائد الجيش الافغاني في هلمند لوكالة فرانس برس ان «العملية انطلقت بنجاح كبير وتواجه قواتنا التي دخلت المنطقة بعض المقاومة».
وتعتبر الحكومة في كابول والقوات الدولية ان «معا» هي المرحلة الاولى من عملية واسعة تهدف الى بسط سلطة الحكومة الافغانية في ولاية هلمند احد معاقل المتمردين الاسلاميين و«مستودع» الافيون.
وافغانستان هي اول منتج في العالم للافيون الذي تستفيد طالبان من جزء كبير من عائداته.
وستتركز العملية على مدينة مرجه ومحيطها حيث يقدر عدد سكانها بـ 125 الف نسمة. وقالت السلطات المحلية ان آلاف السكان فروا قبل الهجوم. ويشارك في العملية 15 الف رجل بينهم 2500 افغاني.وقالت «ايساف» في بيان ان «العملية تهدف الى تخليص المنطقة من المتمردين وخلق الظروف (للحكومة الافغانية) لاحلال مزيد من الامن والاستقرار والتنمية ودولة القانون وحرية الحركة واعادة الاعمار».
ولا يمكن التحقق من الاخبار التي تقدمها السلطات الافغانية وحلف شمال الاطلسي لأن الصحافيين منعوا من دخول المنطقة حاليا.
400 إلى ألف مقاتل لطالبان
وقال الحلف ان جنود مشاة البحرية الاميركية (المارينز) والقوات البريطانية والافغانية ستشن الهجوم الذي تشارك فيه وحدات دنماركية واستونية وكندية.
وتقدر مصادر عسكرية عدد مقاتلي طالبان المتحصنين في مرجه بما بين 400 والف مقاتل.
وقد وعد الناطق باسمهم في الايام الاخيرة بمقاومة المهاجمين، موضحا ان طالبان ستلجأ الى تكتيكاتها العادية باستخدام عبوات ناسفة يدوية الصنع والمزروعة على حافة الطريق ونصب كمائن.
وخلال الهجمات السابقة في هلمند او غيرها لم يتواجه مقاتلو طالبان مع القوات الدولية مباشرة وتراجعوا الى المناطق الجبلية الوعرة او انتشروا بين السكان.
لكن عددا من الخبراء والمسؤولين العسكريين يرون ان مرجه ليست سوى واحد من معاقل طالبان.
ويمكن ان يشكل هذا الهجوم اول اختبار للاستراتيجية الجديدة التي وضعها لادارة اوباما الجنرال الاميركي ستانلي ماكريستال قائد «ايساف».
كرزاي
في غضون ذلك، حذر الرئيس الافغاني حميد كرزاي من احتمال سقوط خسائر مدنية خلال الهجوم وأوصى في بيان «القوات الافغانية والدولية بتوخي اكبر قدر من الحذر لتفادي اصابة مدنيين».
كما دعا الرئيس الافغاني مقاتلي طالبان الى القاء السلاح و«الاستفادة من هذه الفرصة (الهجوم) لنبذ العنف والعودة للحياة المدنية الى جانب مواطنيهم الافغان لما فيه مصلحة البلاد»، حسبما اورد بيان للرئاسة الافغانية.والجدير بالذكر ان حركة التمرد التي تقوم بها طالبان شهدت تصاعدا في السنتين الاخيرتين وامتدت الى كل البلاد تقريبا بينما ضاعف المتمردون هجماتهم في قلب كابول نفسها.
ومنذ مطلع العام الحالي قتل 66 جنديا اجنبيا. وكانت السنة الماضية شهدت سقوط اكبر عدد من القتلى خلال اعوام الحرب الثمانية، اذ بلغ عددهم 520 قتيلا.