توصل وزراء خارجية السودان ومصر واثيوبيا امس في الخرطوم وبرغم الصعوبات الى اتفاق مبدئي حول تقاسم مياه نهر النيل وسد النهضة الذي تبنيه اديس ابابا على مجرى النيل الأزرق وشكل نقطة خلاف أساسية.
وفي اختتام الاجتماع الوزاري في وقت مبكر من صباح امس، قال وزير الخارجية السوداني علي كرتي انه «حدث توافق تام بين دولنا الثلاث على مبادئ حول تعاوننا للاستفادة من حوض النيل الشرقي وسد النهضة الإثيوبي، وهو مسار جديد في علاقة دولنا الثلاث».
وأوضح كرتي «ان الوثيقة سترفع الى رؤساء دولنا الثلاث لدراستها والموافقة عليها»، من دون ان يضيف تفاصيل عن محتواها.
وتركزت المحادثات، التي بدأت الثلاثاء في الخرطوم، على تقاسم مياه نهر النيل بين الدول الثلاث وحل مسألة السد الذي تبنيه اديس ابابا من أجل توليد الطاقة الكهربائية.
وتتخوف مصر من ان يؤثر سد النهضة على حصتها من مياه النيل، الا ان اثيوبيا أكدت في جلسات محادثات عدة ان مشروعها لن يؤثر على مجرى النيل في مصر والسودان.
من جهته، اعتبر وزير الخارجية المصري سامح شكري ان «هذه المبادئ تعد بداية لمزيد من التعاون بين الدول الثلاث في المسارين السياسي والفني»، اما نظيره الإثيوبي تادروس ادنهاوم فأعرب «عن رضا اثيوبيا على النتائج التي حققناها في الأيام الثلاثة، ما يفتح فصلا جديدا بين الدول الثلاث وينقل شراكتنا لمستوى أعلى، وسنلتزم بهذه المبادئ».
وتعارض مصر اي مشروع من شأنه ان يهدد تدفق مياه النيل على أراضيها. ولكن في هذا الصدد، قال وزير الري المصري حسام مغازي للصحافيين ان «هذه الوثيقة هي اتفاق مبدئي على المسار السياسي، وتجيب على شواغل دول المصب في مصر والسودان، وهي بداية للمسار السياسي».
وأضاف مغازي انه فيما يتعلق «بالمسار الفني فإن الخبراء، الذين سيجتمعون في الخرطوم على مدى 3 ايام، سيعلنون عن اسم المكتب الاستشاري الخاص بدراسات السد يوم التاسع من مارس لينطلق المساران السياسي والفني».
وروى صحافي في وكالة فرانس برس كان حاضرا خلال 3 ايام من المفاوضات، انه في الجلسة الافتتاحية تأخر الوفد الإثيوبي في الحضور الى قاعة التفاوض رغم ان الوفدين المصري والسوداني كانا جلسا في مقاعدهما.
وبعد ذلك، خرج كرتي من القاعة ليعود مصطحبا الوفد الاثيوبي الذي اختار عدم الجلوس في المقاعد المخصصة له. وانتحى وزراء خارجية الدول الثلاث جانبا، وطلب من الصحافيين عدم التصوير ثم مغادرة القاعة. وبعد 15 دقيقة، دعي الصحافيون للعودة مجددا وكان كل وفد عاد الى المقاعد المخصصة له.
اما في اليوم الثاني، فرأى صحافي فرانس برس الوفد المصري يغادر القاعة مرتين ولساعتين من الزمن بالرغم من بقاء الوفدين الاثيوبي والسوداني. ومن ثم لحق وزير الخارجية السوداني بالوفد وعاد برفقته الى الجلسة.
ومساء اليوم الثالث، امتد النقاش بين وزيري الخارجية السوداني والاثيوبي حول مسودة الاتفاق الى خارج قاعة التفاوض. وغادر من بعدها الوفد الاثيوبي الفندق، الذي تجري فيه المفاوضات، لمدة ثلاث ساعات. وعند عودته دخل وزراء الخارجية الثلاثة في مشاورات جانبية ليتم بعدها الإعلان عن التوصل للاتفاق المبدئي.
وفي هذا الصدد، قال مصدر سوداني مشارك في المفاوضات لفرانس برس انها «مرت بصعوبات حقيقية بين الإثيوبيين والمصريين، ونحن لم تكن لدينا مشكلة». واضاف انه حين تقديم اي مقترحات كان يخرج كل من الوفدين للتشاور مع قيادته، وكان يحمل مقترحات جديدة لدى عودته الى القاعة».
واختتم بالقول ان «التفاوض مر بلحظات توتر ولكن في النهاية تم الاتفاق».
ويلتقي النيل الأزرق بالنيل الأبيض في الخرطوم ليشكلا مياه نهر النيل الذي يمر عبر السودان الى مصر قبل ان يصل الى البحر المتوسط.
والنيل الأزرق، الذي ينبع من بحيرة تانا في اثيوبيا، هو المصدر الرئيسي لمياه نهر النيل اذ يؤمن حوالي 75% من المياه المغذية لنهر النيل.
وبدأت اديس ابابا في مايو العام 2013 بتحويل مياه نهر النيل الأزرق لبناء سد النهضة المثير للجدل، والذي من المفترض ان يولد ستة آلاف ميغاواط من الكهرباء، وسيتحول لان يصبح اكبر سدود القارة الأفريقية عند الانتهاء منه في العام 2017.
وبحسب مسؤولين اثيوبيين، فان بناء السد، بطول 1780 مترا وارتفاع 154 مترا، سيكلف 4.2 مليارات دولار (3.2 مليارات يورو).
وتعتقد مصر ان «حقوقها التاريخية» في مياه نهر النيل مضمونة في اتفاقيتين تعودان للعامين 1929 و1959، وتسمح لها بالحصول على 87% من مياه النهر.