- مفوضية الأوروبي: ما تم تنفيذه في «ظُهر» سيجعل مصر من الأسواق المهمة عالمياً
- توتر علاقات «الأوروبي» مع تركيا وروسيا دعم فرص مصر في نقل غاز شرق المتوسط لأوروبا
وسط توقعات باقتراب توقيع الجانبين المصري والأوروبي خلال ساعات على اتفاقية كبرى من شأنها أن تمكن مصر من البدء في تصدير الغاز المسال الى أوروبا، ما يعزز موقف مصر في التحول الى مركز إقليمي للطاقة، أكد وزير البترول المصري المهندس طارق الملا أن الإجراءات التي يتم تنفيذها حاليا لتحويل مصر الى مركز إقليمي لتجارة وتداول الغاز والنفط له أولوية مهمة في اهتمامات الاتحاد الأوروبي، لتصبح مصر مصدرا جديدا لإمدادات الغاز لأوروبا في ضوء التوقعات التي تشير الى زيادة استهلاكها من الغاز خلال الفترة القادمة، وأن الاتحاد الأوروبي يضع مصر في بؤرة اهتماماته في ضوء المقومات التي تتمتع بها مصر والاكتشافات الأخيرة التي تحققت.
ومن جانبه، أشاد مفوض الاتحاد الأوروبي للطاقة ميغيل أرياس كانتي بالنتائج الإيجابية التي تحققت في قطاع النفط والغاز المصري مؤخرا، والتي تؤكد على نجاح الاستراتيجية الموضوعة وآليات تنفيذها، مشددا على استمرار دعم الاتحاد الأوروبي لمشروعات الغاز والبترول الجاري تنفيذها في ضوء أن مصر شريك استراتيجي وهناك الكثير من مجالات التعاون المشترك بين الجانبين بما يحقق المنافع المتبادلة.
كما أشاد بالمجهودات التي تمت في تنفيذ مشروع حقل «ظهر» في فترة قياسية، والذي أكد قدرة المصريين على إنجاز المشروع بمعدلات غير مسبوقة، وهو أمر يدعو للفخر والاعتزاز بحسب أرياس كانيتي، وأن سوق الغاز في مصر ستصبح من الأسواق المهمة عالميا.
باكتشاف حقل «ظهر» (في اغسطس ٢٠١٥) الذي تقدر احتياطاته بـ ٣٢ تريليون قدم مكعبة بما يعادل احتياطات إسرائيل وسلطنة عمان من الغاز معا، أتيحت لمصر ميزتان إستراتيجيتان، أولاهما تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز في نهاية العام الحالي، إذ يبلغ متوسط استهلاك مصر حاليا نحو 5.8 مليارات قدم مكعبة يوميا، مقابل إنتاج 5.1 مليارات قدم مكعبة يوميا بعد بدء الإنتاج من حقل «ظُهر» قبل أسابيع بمعدل ٣٥٠ مليون قدم مكعبة يوميا.
وتشير توقعات شركة «إيني» الإيطالية التي تدير الحقل إلى أن إنتاجه سيصل إلى 2.9 مليار قدم مكعبة يوميا بحلول منتصف العام ٢٠١٩، ما يعني أن التنامي السريع في الطلب المحلي على الغاز لن يحول دون تصديره إلى الخارج. والميزة الثانية، تتجلى في تحول مصر إلى مركز إقليمي للغاز، مع قيام شركة «إيني» بتطوير حقل «ظهر» وربطه بحقول الدول المجاورة والأسواق الأوروبية.
ويشكل توتر العلاقات الأوروبية مع كل من تركيا وروسيا، وسعي أوروبا إلى تنويع مصادر الغاز بعيدا من روسيا، التي جنحت للتحكم في أمن الطاقة الأوروبي عبر استخدام إمدادات الغاز الروسية كسلاح إستراتيجي، دعما لفرص مصر في التحول إلى مركز لنقل غاز شرق المتوسط إلى أوروبا، خصوصا بعد محاصرة واشنطن تحركات روسيا في مجال الطاقة، وعرقلة الأوروبيين مشاريعها الرامية إلى إنشاء خطوط أنابيب جديدة، بالتوازي مع تنامي الحاجات الأوروبية من الغاز بعد عام ٢٠٢٠.
وفيما تحتاج البنية التحتية المصرية لإنتاج وتسييل الغاز إلى تحديث وتطوير، خصوصا بعدما تم تعطيلها إثر انحسار الإنتاج وتقلص الصادرات وتراجع الاستثمارات وخفوت عمليات الاستكشاف إبان ثورة ٢٠١١، بالتزامن مع تزايد الاكتشافات وتفضيل الاتحاد الأوروبي التعامل مع منصات كبرى وقوية لضمان تدفق إمدادات الغاز بكميات وفيرة ووتيرة مستقرة، ما برحت عملية نقل الغاز المسال إلى أوروبا تؤرق القاهرة، مع عدم وجود خط أنابيب مباشر بين الطرفين، علما أن إنشاء خط الأنابيب المتفق عليه حديثا بين مصر وقبرص يتطلب سبعة مليارات دولار كما يستغرق إنجازه ثماني سنوات، ما يضطر مصر إلى نقل الغاز المسال إلى أوروبا عبر حاويات عائمة، إلى حين الاتفاق مع شركة غاز شرق المتوسط على استخدام خط أنابيبها الذي ينقل منذ العام ٢٠٠٠ الغاز المصري من العريش إلى عسقلان الإسرائيلية والأردن عبر المياه الإقليمية المصرية ثم الإسرائيلية في البحر المتوسط بطول ١٠٠ كلم، أو خط الأنابيب الأردني الإسرائيلي الجاري بناؤه بموجب اتفاق لتزويد شركة الكهرباء الوطنية الأردنية بالغاز من حقل «لوثيان».
من غير المستبعد أن تفضي مساعي مصر إلى أن تكون مركزا إقليميا للغاز إلى استفزاز تركيا وقطر، كونها ستنتزع دورا كانت تصبو إليه الأولى، كما ستقتنص قرابة ٧٠ % من حصة الثانية في الأسواق الأوروبية والأفريقية.
وقد يؤدي الدور المصري اللوجيستي الجديد في مجال الغاز كذلك إلى إغضاب روسيا، التي تعاني حصارا أطلسيا قاسيا منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي.