الاشكالات المتكررة التي تسجل في مجال العلاقة بين رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري والقيادة السورية تشير الى «انطلاقة متعثرة أو مرتبكة» للعلاقة الحديثة العهد والطرية العود التي مازالت تتلمس خطواتها الأولى ومازالت في مرحلة «بناء الثقة». هذا التأخر ربما يكون سببه التريث بانتظار ان تنجلي صورة الوضع في المنطقة وتخرج من المرحلة الانتقالية الخطرة التي تجتازها حاليا، وربما يكون ناجما عن تعقيدات وتراكمات سابقة يحتاج تجاوزها وحلها الى جهد ووقت، وربما يكون السبب في تفسيرات مختلفة للتفاهم السوري - السعودي الذي تتحرك تحت مظلته هذه العلاقة، بحيث يكون الجانب السوري مبالغا في استثماره اللبناني لهذا التفاهم ويذهب الى أكثر وأبعد من مضمونه الفعلي، ويكون الجانب اللبناني مبالغا في عدم استيعابه الكامل لهذا التفاهم وحجمه ومداه، ما يؤدي الى خطأ الترجمة العملية لمفاعيله على صعيد العلاقة بين بيروت ودمشق:
1- مصادر قريبة من دمشق تقول ان الإشكال الذي وقع مع الوفد اللبناني الذي أريد له ان يمهد لزيارة رئيس الحكومة لدمشق كان واضحا في توجيه الرسالة التي يراد ان تصل الى من يعنيهم الأمر، فالنموذج الذي يحوكه الحريري لعلاقته مع دمشق لا يبدو هو نفسه الذي تريده سورية التي ترغب في ان يحسم الحريري خياره وموقفه كما فعل جنبلاط.
2- معلومات تشير الى المآخذ السورية المتراكمة على طريقة تعاطي الحريري مع ملف العلاقات اللبنانية - السورية، مشيرة الى ان إلغاء زيارة الوفد الاداري هو تعبير عن الخلل الحاصل والذي يتطلب معالجة عميقة، حيث ان هناك انزعاجا سوريا حقيقيا من التعاطي اللبناني غير الجدي مع ملف العلاقات الثنائية ومن التسريبات الاعلامية لمواعيد غير دقيقة وغير مبتوت بها بشكل نهائي بين الطرفين (وهو ما أبلغته مستشارة الأسد د.بثينة شعبان الى مستشار الحريري نادر الحريري في لقائهما في دمشق أمس الأول).
3- مصدر مقرب من الحريري يعترف بوجود «خلل» من الجانب اللبناني في التحضير للزيارة التي سيقوم بها الحريري الى سورية. ولكنه أشار الى ان ما اعتبره البعض «استخفافا» لجهة مناصب الشخصيات من أعضاء الوفد ليس أمرا مقصودا، داعيا الى عدم اعطاء الأمر تفسيرات وتأويلات، لاسيما ان البعض يحاولون تسويقه بشكل مغلوط في محاولة لتعكير العلاقات بين الحريري ودمشق، ذلك ان ثمة متضررين من هذا الانفتاح يبذلون جهدا من أجل عرقلته ووضع العصي في الدواليب خوفا من انحسار دورهم، خاصة ان الحريري يبدي ايجابية كبيرة في التعاطي مع الجانب السوري والتواصل مستمر بشكل يومي.