نظم «مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية» قبل أيام ندوة مغلقة فتح خلالها ملف المساعدات الأميركية للجيش اللبناني، بمشاركة الباحثين الأميركيين من أصل لبناني غسان شبلي وآرام نيرغيزيان ومجموعة من الخبراء اللبنانيين في الشأن الدفاعي. نيرغيزيان وهو باحث «في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية»، توقف عند غياب استراتيجية لبنانية واضحة ومحددة يمكن أن تعتمدها القيادة العسكرية الأميركية لتقديم المساعدات إلى الجيش اللبناني، لكنه لفت إلى أنه في العام الماضي تقدمت طلبات معقولة من الجيش اللبناني إلى وزارة الدفاع الأميركية يمكن أن تصلح كخطة واضحة للمساعدات.
وأضاف أن اهتمام واشنطن في المرحلة الراهنة في الشرق الأوسط يتركز على العراق وأفغانستان ولا تريد استعمال لبنان لمواجهة قوى إقليمية، وبالتالي فإنها تنظر إلى الجيش اللبناني كضمان للاستقرار.
وأكد نيرغيزيان فكرة أن حرب نهر البارد شكلت نقطة تحول في نظرة واشنطن إلى الجيش اللبناني مشيرا إلى ان الاعتمادات التي خصصت لتقديم مساعدات عسكرية إلى الجيش بلغت 525 مليون دولار، ومضيفا أن المساعدات التي تم تقديمها إلى الجيش لم تمنح إلا بعد حصول اتصالات أميركية بغالبية القوى السياسية التي تمثل كل الطوائف اللبنانية.
وشدد على أن هناك ثقة أميركية متنامية بالجيش اللبناني، وعلى أن المسؤولين الأميركيين يثقون بالجيش أكثر مما يثقون بأجهزة الدولة الأخرى، لافتا إلى الاقتناع الأميركي بأن الجيش يحظى بتأييد شعبي واحترام من كل الفئات في لبنان. وأضاف أن الاميركيين يريدون من الجيش أن يظهر صورة القوة.
الباحث في مؤسسة «راند» الأميركية غسان شبلي شدد على وجود تقصير لبناني في ترويج فكرة دعم الجيش اللبناني والتعبير عن مصالح لبنان في الولايات المتحدة من خلال لوبيات قادرة على التأثير، مشيرا إلى وجود لوبيات لبنانية تعمل من أجل شخصيات سياسية وليس في سبيل المصلحة الوطنية العامة.
ولفت شبلي إلى أنه على الرغم من أن اللوبي الأقوى في الولايات المتحدة هو اللوبي اليهودي، وعلى الرغم من أن هذا اللوبي يعارض إجمالا تقديم مساعدات عسكرية إلى الجيش اللبناني، فإن هناك بداية تغيير في المقاربة الاميركية للشرق الأوسط، إذ إن إدارة الرئيس باراك أوباما ووزارة الدفاع الأميركية الپنتاغون مقتنعتان بأولوية الحل السلمي في المنطقة.
وأضاف أن الجيش الأميركي يشكل مجموعة الضغط الاميركية الأقوى في واشنطن وهو يضغط في اتجاه التغيير في سياسة الولايات المتحدة في الشرق الاوسط، مشيرا إلى أن دوائر الجيش الأميركي مقتنعة بأن الجيش اللبناني قادر على ضبط الاستقرار في لبنان.
ولفت إلى أن هناك اقتناعا أيضا بأن مسألة سلاح حزب الله لا يستطيع أن يعالجها الجيش اللبناني، وبأن ملف المخيمات الفلسطينية يحتاج إلى حل إقليمي.
وقال شبلي إن مبادئ السياسة الأميركية في نظرتها إلى مهام الجيش اللبناني هي ثلاثة، ضبط الحدود، تحقيق الاستقرار وحفظ الأمن الداخلي، محاربة الإرهاب. وأضاف أن السياسة الأميركية تجاه الجيش واضحة لكن كيفية تنفيذها ليست واضحة.
وأشار إلى أن المصاعب في ملف المساعدات الأميركية إلى الجيش تتمثل في أن الكونغرس يرى أن منح المساعدات إلى الجيش اللبناني يجب أن يتناسب مع قدرته على تطبيق القرار 1701 وفي كيفية تعاطيه مع سلاح حزب الله.
وأضاف أن هناك دائما أسئلة تطرح في الدوائر الأميركية عن مصير المساعدات إذا قدمت للجيش في حال سيطر حزب الله على لبنان.
ولفت إلى أن الإدارة الأميركية لا تشارك لبنان في نظرته الى إسرائيل كعامل تهديد للاستقرار في لبنان مشيرا إلى اختلاف لبناني داخلي في تحديد التهديدات الخارجية، ومؤكدا أنه تقع على اللبنانيين مهمة شرح التهديدات الأمنية التي تواجههم.
واستعرض شبلي النظرة الأميركية إلى الجيش اللبناني انطلاقا من السياسة الأميركية في لبنان والشرق الأوسط بعد حرب العراق حين بدأ المحافظون الجدد يفكرون في دعم الجيش اللبناني في إطار استعمال لبنان لاحتواء نفوذ سوريا وإيران.
وقال إن بعد التظاهرات التي شهدها لبنان في العام 2005 وانطلاق حركة 14 آذار وجدت إدارة الرئيس السابق جورج بوش أن لبنان يمكن ان يكون منطلقا لنشر الديموقراطية في المنطقة العربية ودعمت تاليا الحكومة التي نشأت في ذلك الحين.
وشدد شبلي على أن نقطة التحول في المقاربة الأميركية للجيش اللبناني كانت حرب نهر البارد في العام 2007 حين أظهر الجيش قدرته على الانتصار ومواجهة الإرهاب على الرغم من التجهيزات المتواضعة وعدم امتلاكه أسلحة متقدمة، فارتفعت الثقة الأميركية بالجيش وتطورت فكرة منح المساعدات له.