علي رباح
لفتني الاسبوع الماضي الفيلم الاميركي «eraser» المليء بالاكشن والعنف، والذي دارت احداثه حول «جون» العميل المحترف في قسم حماية الشهود وقام ببطولته الممثل ارنولد شوارزينغر متخفيا، بهدف انقاذ المستهدفين من قوى الشر من اشخاص جشعين وذوي سلطة سياسية «فاسدة» ونفوذ قوي.
وما ان انتهى «الفيلم الاصلاحي» حتى قلبت على المحطات اللبنانية، لأفاجأ بعرض وتحليل كثيف لـ«مسلسل الفساد الحزبي والسياسي» المتمثل في حملة واسعة من «نشر الغسيل» بين اعضاء كتلة «انا اولا» وتعويم خلافاتهم «المزمنة» على السطح، وباستقالة النائب احمد فتفت من تيار المستقبل بعد كسب قوى 8 آذار بلديات استراتيجية في الشمال «المستقبلي»، ولاحقا بتوجيه ضربتها القاضية بحصولها على 40% من أصوات الناخبين في الانتخابات الفرعية لـ «المنية ـ الضنية» بعد وفاة نائب «المستقبل» هاشم علم الدين.
رئيس الحكومة سعد الحريري حاول ان يحتوي الأزمة التي هزت التيار من داخله فرفض استقالة فتفت، لكنها مساع من شأنها تأجيل الانفجار الكبير بدلا من حل المشكلة جذريا، فالمطبخ السياسي المصغر لتيار المستقبل مازال يطعم شارعه الملح والحر والمر، وأبقى «دكاكينه» الموالية له هنا وهناك، والزمر والشلل «الباحثة عن لقب مسؤول» في معظم المناطق اللبنانية رغم رفض القاعدة الشعبية لها جملة وتفصيلا.
وكما في كل فيلم او مسلسل او مأزق حزبي، تظهر أياد بيضاء لنشل الخط السياسي من فساده وورطته الداخلية.. هذا ما يقوم به الشاب احمد الحريري نجل النائبة بهية الحريري، لإنقاذ ارث خاله الشهيد رفيق الحريري الوطني في ربع الساعة الاخير، ساعيا للتواصل مع القاعدة الشعبية بكل مستوياتها «الصغير قبل الكبير» والاستماع الى هواجسهم ونظرتهم الى «المستقبل» اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا للخروج بهيكلية تنظيمية (تعلن في 15 يوليو المقبل) من رحم الشارع والتي اقل ما يقال فيها انها «الخرطوشة» الاخيرة لإعادة الامور الى نصابها، وتعليق التآكل الشعبي الكبير من رصيد تيار المستقبل.
ويتبادر السؤال هنا: هل ستسمح مراكز القوى داخل تيار المستقبل لأحمد الحريري بتشكيل هيكلية جديدة تتماشى مع الواقع المستجد؟ وهل سينجح في اختيار الاكفاء لملء المراكز القيادية على مختلف المستويات، خاصة ان مصادر «مستقبلية» نافذة أكدت لـ «الأنباء» ان «الإخفاقات الكارثية المتتالية تعد إنذارا مبكرا للانتخابات النيابية المقبلة عام 2013 والتي لن نحلم من خلالها بالوصول الى نصف عدد كتلة المستقبل في البرلمان اليوم وبالتالي سيتعذر علينا حتى الوصول الى رئاسة الحكومة، اذا لم تحدث تغييرات كبيرة داخل التيار»، مؤكدا ان مقولة «رشح عصا بتربح» قد سقطت تماما هي ومطلقوها.
أحمد الحريري يعلم جيدا ان البيت السياسي الجميل يتماشى مع حديقة نظيفة من حوله، فإما ان يقتلع شوكها «المتسلق» الذي أينع منذ 5 سنوات وحان قطافه، وإما.. فالانتحار السياسي.