- خامنئي: فضل الله راعي المقاومة الإسلامية والرفيق المخلص الوفي للجمهورية الإسلامية وثورتها على مدى الأعوام الثلاثين من عمرها
- جنبلاط: مواقف العلامة فضل الله دفعت الاستخبارات الصهيونية والغربية إلى محاولة اغتياله لإسقاط الثوابت الوطنية
بيروت ـ عمر حبنجر
شيع مئات الآلاف في لبنان امس، العالم العلامة الاسلامي الكبير السيد محمد حسين فضل الله، بحضور شخصيات عربية وإسلامية وبمشاركة جماهير حاشدة من مختلف المناطق اللبنانية، ووسط حداد رسمي عام وبمساهمة تنظيمية عالية من حزب الله.
وانطلقت مراسم التشييع من مسجد الحسنين في «حارة حريك» باتجاه الشارع العريض وصولا الى مسجد الامام الرضا في بئر العبد، وتوقف قليلا ثم تقدم الى محلة «الساندريلا» في ذات المحلة، حيث المكان الذي سبق ان تعرض فيه الراحل الكبير لمحاولة الاغتيال الشهيرة في الثامن من مارس 1985 بواسطة سيارة ملغومة ما أفضى الى مقتل 85 شخصا، والعديد من الجرحى.
ومن ذلك الموقع تابع الموكب الى محلة مشرفية واتجه غربا نحو جسر المطار ومنه جنوبا ناحية مقر المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى، فعودة الى مسجد الإمامين الحسنين حيث صلي على الجثمان ثم ووري في صحن المسجد.
وتوقفت الاشغال على مداخل العاصمة الجنوبية خصوصا بين نفق المطار وطريق خلدة، حيث تجري عمليات تأهيل واسعة النطاق من اجل تسهيل وصول المشيعين ومن ثم مغادرتهم الضاحية البيروتية.
برقية خامنئي
من جانبه، مرشد الثورة الاسلامية في ايران السيد علي خامنئي أبرق معزيا في العالم الاسلامي الكبير آية الله سماحة السيد محمد حسين فضل الله.
وجاء في برقيته قوله: أتقدم الى عائلة آية الله فضل الله، وإلى جميع مريديه في لبنان والجاليات اللبنانية في أفريقيا وأميركا اللاتينية، والى جميع المسلمين الشيعة في لبنان بأحر التعازي في العالم المجاهد آية الله السيد محمد حسين فضل الله رحمة الله عليه.
وأضاف: لقد قدم هذا العالم المجاهد الكبير الكثير في الساحات الدينية والسياسية وكان له الأثر الكبير على الساحة اللبنانية التي لن تنسى خدماته وبركاته الكثيرة على مر السنين، لافتا الى ان المقاومة الاسلامية في لبنان والتي لها حق كبير على الامة الاسلامية كانت على الدوام تحت رعاية ودعم ومساعدة هذا العالم المجاهد.
وتابع السيد خامنئي قائلا: لقد كان الراحل الكبير الرفيق المخلص والمقرب من الجمهورية الاسلامية ونظامها ووفيا لنهج الثورة الاسلامية، وقد أثبت ذلك قولا وعملا على مدار الأعوام الثلاثين من عمر هذه الجمهورية.
الى ذلك شارك في التشييع وفد ايراني رفيع وصل الى بيروت امس، ضم أمين مجلس صيانة الدستور آية الله أحمد جنتي ونائب رئيس الجمهورية الايرانية مسعود زريبابان ورئيس مؤسسة الشهيد وعدد من نواب مجلس الشورى الايراني.
وأوردت وسائل الاعلام التشييع والنعي الذي اصدره الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وفيه يقول: لقد علمنا في مدرسته ان نكون دعاة بالحكمة والموعظة الحسنة، وان نكون اهل الحوار مع الآخر، وان نكون الرافضين للظلم، المقاومين للاحتلال وعشاق لقاء مع الله تعالى من موقع اليقين، وان نكون اهل الصبر والثبات والعزم مهما احاطت بنا الشدائد والمصاعب والفتن.
لقد كان لنا الاستاذ والمعلم، والعلم والنور الذي نستضيء به في كل محنة، واليوم نفتقده اذ يفارقنا الى جوار ربه الكريم الذي جاهد في سبيله طيلة عمره الشريف، الا ان روحه الزكية وفكره النير وكلمته الطيبة وابتسامته العطوفة وسيرته العطرة ومواقفه الصلبة كل ذلك سيبقى فينا هاديا ودليلا ودافعا قويا متجددا للعمل الدؤوب والجهاد المتواصل.
واضاف نصرالله: اني اتقدم باسم المجاهدين والمقاومين وعوائل الشهداء والجرحى والمحررين وكل جمهور المقاومة الى امامنا صاحب الزمان عليه السلام والى مراجعنا العظام وفي مقدمتهم سماحة الامام الخامنئي والى جميع المسلمين واللبنانيين خصوصا وبالاخص الى اسرته اسرة الفضل والجهاد والشرف بأحر التعازي واصدق مشاعر المواساة بهذا المصاب الجليل، ونعاهد سيدنا الجليل ان نبقى الاوفياء للاهداف المقدسة التي عاش من اجلها وعمل لها وضحى في سبيل ليل نهار.
نعي الحرس الثوري
ونعت قوات الحرس الثوري الاسلامي آية الله محمد حسين فضل الله، معتبرا انه كان على الدوام في الخط الامامي لجبهة مقاومة وصمود الشعب اللبناني في وجه الكيان الغاصب.
كما ابرق معزيا ملك البحرين خليفة بن عيسى، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس حكومة غزة اسماعيل هنية ووزير الخارجية المصرية احمد ابوالغيط ووزير العمل البحريني مجيد العلوي والامين العام لحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين رمضان عبدالله شلح. وعلى غرار قرار دار الفتوى اقفال مؤسساتها امس، اصدر شيخ عقل الموحدين الدروز قرارا باقفال مؤسسة الدار امس حدادا على المرجع الكبير.
جنبلاط: خسارة للعالمين العربي والإسلامي
من جهته، النائب وليد جنبلاط رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي اعتبر ان فقدان السيد فضل الله شكل خسارة للعالم العربي والاسلامي وهو الذي جاهد برأيه السياسي والثقافي والديني ووقف بحزم ضد الفتنة، رافضا العصبيات المذهبية الضيقة من خلال دعمه للمقاومة، وهو ما دفع اجهزة الاستخبارات الصهيونية والغربية وبعض الجهات الانعزالية الى محاولة اغتياله لاسقاط الثوابت الوطنية التي طالما نادى بها فيما يتعلق بالصراع مع العدو الاسرائيلي.
بدوره النائب طلال ارسلان رأى ان لبنان سيفتقد بوفاة السيد فضل الله علما من اعلام ثقافة الانفتاح على الآخر والمقاومة والحوار بين الاديان.
مطران عكار للروم الارثوذكس باسيليوس منصر اعتبر ان فضل الله مثل كل اللبنانيين في فكره مناصرالحق ومطفئا للفتنة.
السفارة اللبنانية استقبلت المعزين من المواطنين وأبناء الجالية اللبنانية والعربية وتفتح سجل عزائها اليوم أيضاً
دبلوماسيون: الأمة فقدت علماً من أعلام الاعتدال ومنادياً بالحوار والتفاهم بين جميع الأديان
بشرى الزين
توافد عدد من السفراء واعضاء السلك الديبلوماسي المعتمدين لدى الكويت على مقر السفارة اللبنانية لتقديم واجب العزاء صباح امس في وفاة العلامة الكبير آية الله العظمى سماحة السيد محمد حسين فضل الله.
إلى جانب حشود من المواطنين وأبناء الجالية اللبنانية والجاليات العربية المقيمة في الكويت.
السفير اللبناني د.بسام النعماني قال في تصريح للصحافيين ان الراحل الكبير آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله هو عالم كبير ومرجعية معتدلة، مضيفا انه كان له عدد كبير من المؤيدين والاتباع والمحبين.
واشار الى ان فتاواه وآراءه ومقارانته اتسمت بالاعتدال والشفافية والروح الوطنية، مشيرا الى ان الفقيد عالج الأمور دائما من الناحية الدينية السمحاء وكان ينادي بالحوار والتفاهم بين جميع الأديان، فكان بذلك مرجعية كبيرة ومنارة لا تعوض سائلا الرحمن الرحمة والمغفرة له وخالص العزاء لأهله.
ومن جانبه عزى الشيخ فهد جابر الأحمد في كلمته في سجل التعازي قائلا: «نعزي الأمتين العربية والاسلامية بوفاة ورحيل سماحة المرجع العلامة السيد محمد حسين فضل الله، هذا الانسان المفكر الذي افنى حياته بالحكمة والدعوة الى الوسطية والاعتدال ونبذ الفرقة والاختلاف.
وجاء في كلمة التعزية للسفير السوري بسام عبدالمجيد: رحم الله فقيدكم الغالي واسكنه فسيح جناته.
واضاف: فقدت الأمة العربية علما من اعلام الاعتدال والتنوير، ونقدم أسمى التعازي باسم الجالية واعضاء السفارة وباسم سفير سورية الى لبنان رئيسا وحكومة وشعبا.
وبدوره اعرب سفير المملكة الاردنية الهاشمية جمعة العبادي عن تعازيه في كلمة جاء فيها «بحزن بالغ وأسى عميق تلقينا نبأ وفاة فقيد لبنان الكبير والامتين العربية والاسلامية اللتين فقدتا برحيله علما من أعلام الامة الاسلامية».
واضاف: «ترك الفقيد مواقف وبصمات مشهودة واذ نتقدم الى لبنان الشقيق قيادة وحكومة وشعبا بأحر التعازي وصادق المواساة بهذا المصاب الجلل ندعو المولى عز وجل ان يتغمد الراحل الكبير بواسع رحمته ورضوانه وان يلهم أسرته الصبر والسلوان».
واضاف العبادي: «وتقبلوا من اشقائكم في المملكة الاردنية الهاشمية واعضاء السفارة وابناء الجالية الاردنية أحر التعازي».
اما السفير العراقي محمد حسين بحر العلوم فقال: «نعزي لبنان والعراق والأمة العربية والاسلامية بفقيدها الكبير سماحة آية الله السيد محمد حسين فضل الله تغمده الله برحمته واسكنه فسيح جناته والهم ذويه ومعارفه الصبر والسلوان».
واشار الى ان الراحل الكبير كان قاسما وطنيا وقوميا ودينيا سيفتقده الوطن والعرب ولفت بحر العلوم الى ان الفقيد كان رجلا معتدلا جمع العلم والفقه والأدب والتاريخ في عقل واحد سمح له بتخطي الحواجز ودخل القلوب، وهكذا ستذكره الايام دائما بكل خير، نما الفقيد وترعرع تحت النخلة العراقية وتوفاه الله جل وعلا تحت شجرة الأرز اللبنانية وهكذا هي الايام.. رحمك الله يا سيدنا الراحل وأنت ترحل عن هذه الدنيا.. والبقاء لله وحده.
من جانبه، عبر نائب عميد السلك الديبلوماسي وسفير الصومال أبوبكر أمين شيخ عن حزنه وأسفه لرحيل العلامة الكبير السيد محمد حسين فضل الله قائلا: بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره وباسم بلادي الصومال وأعضاء السفارة والجالية، أتقدم بخالص العزاء الى الشعب الاسلامي في كل مكان في وفاة المغفور له آية الله العظمى تغمده الله برحمته ورضوانه.
من جهته، قال المستشار في السفارة المصرية خالد حسن: تلقينا بحزن بالغ نبأ وفاة سماحة المغفور له السيد محمد حسين فضل الله ونتقدم بخالص العزاء وصادق المواساة في وفاة المغفور له ونسأل الله عز وجل تعالى ان يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته وان يلهم الاسرة جميل الصبر والسلوان. كما جاء في تعزية المواطن اهاب العرادة من الادارة السياسية في الديوان الأميري: فقدت الأمة العربية والاسلامية أحد أعلامها الكرام، فقد كان الفقيد رحمة الله عليه آية الله المرجع السيد محمد حسين فضل الله أحد الاعمدة في هذه الامة.
وأضاف: ونسأل الله عز وجل ان يتغمده بواسع رحمته، وان يلهم ذويه وأهله الصبر والسلوان.
تجدر الاشارة الى ان سجل التعازي الذي فتح أمس من الساعة العاشرة صباحا الى الواحدة ظهرا ومن الساعة الخامسة الى السابعة مساء سيغلق اليوم في قاعة لبنان بمقر السفارة اللبنانية في مجمع السفارات بمنطقة الدعية. وكان في استقبال المعزين السفير اللبناني د.بسام النعماني والقنصل طوني عيد والملحق العسكري أرسلان حلوة وعدد من أفراد الجالية اللبنانية المقيمين في الكويت.
كيف يتواصل «حزب الله» مع الغرب بعد وفاة السيد فضل الله؟
تحليل إخباري
تركت وفاة المرجع الشيعي السيد محمد حسين فضل الله آثارا واضحة على أكثر من صعيد، سواء داخل «حزب الله» أو خارجه. فعلى الرغم من كونه أصبح بعيدا عن قرارات «حزب الله» وعن قيادته الميدانية، الا ان قيمته المعنوية الدينية أبقته على تواصل دائم مع الحزب وتركت له مكانة محترمة لا يرقى إليها الشك، وهو بدوره بادل الحزب الاحترام والتقدير ولم يبخل عليه بالدعم المعنوي العلني.
وتشير مصادر مراقبة لـ «النشرة» الى ان بصمات السيد الراحل كانت ظاهرة للجميع من خلال لهجته الانفتاحية وطريقته في التعامل مع التهديدات الداخلية والانقسامات التي كانت تلوح في الأفق، وكان يعتبر شخصية معتدلة يمكن التخاطب معها والتواصل من خلالها مع الطائفة الشيعية في لبنان ومع «حزب الله» في بعض الأحيان. وتضيف المصادر ان البصمات الخارجية للسيد فضل الله ظهرت في الفترة الاخيرة من خلال الانفتاح الغربي على الحزب وخصوصا القناة البريطانية التي بدأت بمحادثات مع الحزب للوقوف على بعض الآراء والمواقف واخذ فكرة واضحة عن كيفية المقاربة الواجب اتباعها لإنجاح التواصل، ولعب السيد فضل الله في هذا السياق دورا بارزا خصوصا ان السفيرة البريطانية فرنسيس ماري غاي كانت «زائرة» دائمة للسيد وتشيد بآرائه وفكره المنفتح على الجميع.
وتلفت المصادر الى ان السيد فضل الله شكل المفتاح الأساسي لباب التواصل بين الحزب وبريطانيا ومنه مع عدد من الدول الغربية. ولدى سؤالها عن مصير هذا التواصل في ظل غياب السيد الراحل، أجابت المصادر: ان الأمر صعب، الا ان بعض نواب الحزب كانوا قد شاركوا في الاتصالات واللقاءات، ويمكن الاعتماد عليهم لإبقاء هذه القناة مفتوحة، انما في ظل الحكومة البريطانية الجديدة لاتزال الأمور مبهمة بعض الشيء، ويجب الانتظار قليلا لمعرفة السياسية التي ستنتهجها بعد ان أبدى وزير الخارجية الجديد مؤشرات غير مشجعة بالنسبة الى التعاطي البريطاني مع اسرائيل والمغاير الى حد ما للسياسة السابقة التي كانت أكثر حرصا على التوازن في العلاقات مع اسرائيل وغيرها من الدول.
وتؤكد المصادر ان الحزب سيبقى على الأسس التي بدأها مع البريطانيين ولن يحيد عنها، وان شخصيات عدة قادرة على إكمال الموضوع من حيث توقفه في حال رغب البريطانيون في ذلك، وإذ تعترف بأن شخصية السيد فضل الله كانت مميزة ولا يمكن لأي شخصية اخرى تقديم المزايا نفسها، إلا انها تشدد على انه اذا كانت الرغبة حقيقية لدى الجانب الآخر فسيجد التعاون نفسه الذي كان سائدا، وعلى ان مرض السيد الراحل طال لفترة سمحت بتهيئة الأجواء لمعرفة كيفية التصرف عند غياب هذا المرجع الشيعي.
ولا يمكن القول انه برحيل السيد فضل الله يكون الباب قد اغلق كليا على الانفتاح الغربي على «حزب الله» لكنه، يجب التعاطي بدقة عالية مع المسألة المستجدة من قبل الحزب ومحاوريه.
علی هامش الفاجعة
- زحمة مشيعين: نظرا لزحمة المشيعين الذين وصل عددهم لمئات الآلاف، تأخرت مراسم التشييع خلال تجوالها في الضاحية الجنوبية، ولم يتمكن المشيعون من اداء صلاة الجنازة على الفقيد العلامة محمد حسين فضل الله حتى الساعة الرابعة بعد الظهر.
- أثره سيتجاوز شواطئ لبنان: في تعليق على وفاة العلامة السيد محمد حسين فضل الله كتبت السفيرة البريطانية في بيروت، فرانسيس غاي ان غياب فضل الله «سيتجاوز اثره شواطئ لبنان». وتحدثت عن انطباعاتها بعد التعرف عليه، فقالت «عند زيارته يمكنك ان تكون متأكدا من حصول نقاش حقيقي مع جدال محترم، وتعلم انك ستتركه مع شعور بانك اصبحت شخصا افضل». واضافت «هذا بالنسبة الي هو التأثير الفعلي لرجل الدين الحقيقي الذي يترك اثرا على جميع من يلتقيهم بغض النظر عن دينهم». واعتبرت ان «العالم يحتاج الى مزيد من الرجال مثله المستعدين للتواصل عبر الاديان والاعتراف بواقعية العالم المعاصر ولديهم الجرأة لمواجهة القيود القديمة».
- مراسم التشييع: تولى حزب الله امس التفاصيل التنظيمية لمراسم التشييع التي تجري في معقله في الضاحية.
- شعارات منددة: إلى جانب الإعلام واللافتات السوداء التي حملها المشيعون، اطلق عدد منهم شعارات «الموت لأميركا الموت لإسرائيل».
- المرض يغيب قبلان عن الجنازة: غاب نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبدالأمير قبلان لدخوله المستشفى لإجراء فحوصات عاجلة.